تاريخ النشر : 13/04/2023
عدد المشاهدات : 350
“الأفلام في الفقه الإسلامي”
على هامش تدوينة “فيلم الرسالة”
بشكل عام: يدور “التكييف الفقهي” للتمثيل والإنتاج السينمائي بين “الأحكام الخمسة”: الإباحة (وهو الأصل)، والتحريم والكراهة .. أما الاستحباب والوجوب فلهما مناطات خاصة ..
والفقه هنا لا يرتبط فقط ب: “الحلال والحرام”؛ ولكن ب: “فقه ازدحام المصالح والمفاسد”؛ الذي قال فيه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: “ليس الفقه معرفة الحلال والحرام؛ وإنما الفقه معرفة خير الخيرين وشر الشرين”.
من السهل أن تعرف الأحكام المنصوص عليها؛ ولكن الصعوبة تكمن في معرفة حكم النوازل والمستجدات التي تتجاذبها المصالح والمفاسد ..
في زمن “التدفق المعلوماتي” و”الطفرة المعرفية”، وفي سياق توظيف “الأقمار الصناعية” و”الشبكة العنكبوتية” لغزو العالم وتدمير “قيم الخير ومكارم الأخلاق”؛ لا مجال لتجاهل: الدراما وأمثالها من وسائل التثقيف والتأثير والتغيير .. والفقه الرشيد يُلزم “حمَلَة الرسالة” وأهل التدين؛ باقتحام الميدان ومدافعة الأشرار والمفسدين؛ ومزاحمة شرهم بما أمكن من الخير والصلاح؛ سواء بأعمال دعوية وإصلاحية وتربوية، أو بأعمال ترفيهية وتثقيفية تحترم قيم الإسلام ومبادئه وما أمكن من أحكام الفقه .. ولأجل مثل هذه “المصالح العظمى” تُتَحمّلُ “المفاسد الجزئية” ..
ولا أعرف في “الفقه الإسلامي” ما يسمح بتعطيل تلك المصالح بسبب تلك المفاسد ..
مثال: “قتل النفس” من أعظم الكبائر والمفاسد؛ ومع ذلك سمح بها الإسلام في سبيل الجهاد لتبليغ رسالته ..
كما أن “عموم البلوى” من القواعد الفقهية الضرورية في مثل هذه الاجتهادات المرتبطة بما “عم وصعب التحرز منه” ..
إن الجهاد اليوم: جهاد الإعلام والاقتصاد والسياسة .. وغيابنا أو ضعفنا في هذه الميادين يجعل أداءنا في تبليغ رسالة ربنا: ضعيفا وغير مواكب للتطور الهائل في وسائل التأثير والتغيير ..
قال ابن تيمية رحمه الله: “الألفاظ في المخاطبات تكون بحسب الحاجات؛ كالسلاح في المحاربات: فإذا كان عدو المسلمين – في تحصنهم وتسلحهم – على صفة غير الصفة التي كانت عليها فارس والروم: كان جهادهم بحسب ما توجبه الشريعة التي مبناها على تحري ما هو لله أطوع وللعبد أنفع وهو الأصلح في الدنيا والآخرة؛ وقد يكون الخبير بحروبهم أقدر على حربهم ممن ليس كذلك ..”.
والله تعالى أعلى وأعلم.
توضيح:
قتال الكفار شرع مدافعة لمنع تبليغ الرسالة ولم يشرع لفرض الرسالة؛ ومذهب الجمهور وشرحه ابن تيمية وابن القيم أن “القتال في مقابل القتال وليس في مقابل الكفر”.
نشرت هذه التدوينة على فايسبوك بتاريخ: 7 / 1 / 2023