أنشطة وأخبار

حوار في موضوع: رأي الدين في عمليات التجميل

تاريخ النشر : 25/10/2019

عدد المشاهدات : 814


حوار صحافي مع ذ القباج في موضوع: رأي الدين في عمليات التجميل

جريدة الصباح / 10 أكتوبر 2019

 

 

ما هي قراءتكم من الناحية الدينية لعمليات التجميل التي أصبحت ظاهرة في المجتمع المغربي؟

الجمال شيء محمود في كل التشريعات الإلهية والفلسفات الإنسانية ويرتقي مدحه والاهتمام به في الدين الإسلامي إلى درجة التأكيد أن خالق الإنسان يحبه كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: “إن الله جميل يحب الجمال”.

من هنا فإن القاعدة من الناحية الدينية هي أن كل شيء يزيد من جمال الإنسان فهو مطلوب ومستحسن

ومن ذلك أنواع العناية التجميلية التي طورها الإنسان في عنايته بجسمه ومظهره فهذه الأصل في حكمها أنه يتراوح بين المباح والمستحب

وفي الفقه الإسلامي: كل قاعدة لها استثناءات ومن ذلك قاعدة: استحسان التجميل.

فهذا التجميل إذا تمت المبالغة فيه بحيث يفضي إلى الإضرار بالإنسان فهنا تصير القاعدة الحاكمة هي: الضرر يزال عملا بالحديث النبوي: “لا ضرر ولا ضرار”.

والعمليات الجراحية الأصل تجنبها لأنها تحمل دائما مخاطر بنسب متفاوتة، ومعلوم أن إعمال المشرط في الجسم شيء مضر وإنما يلجأ إليه عند الضرورة التي تجعل الإنسان يدفع به ضررا أكبر من الضرر الذي يفعله المشرط.

 

ماردكم على من يقول إن عملية التجميل هي تغيير لخلق الله ؟

تغيير خلق الله سلوك جاء في القرآن الكريم نسبة الأمر به وحث الإنسان عليه إلى الشيطان والآية الكريمة من سورة النساء صريحة في أن تغيير خلق الله هو مما يوسوس به الشيطان في عملية إضلاله للإنسان.

والأصل في معنى تغيير خلق الله يفهم من خلال سياق نزول الآية الكريمة الذي كان هو ذم ما كان عليه أهل الجاهلية من تغيير خلق الله تعالى بمبررات ومسوغات غير معقولة ولا منطقية مثلا التغيير الذي يلحقونه ببعض الحيوانات والإضرار بها كالبعير الذي كان يسمونه الحامي وذكره الله تعالى في سورة المائدة “ما جعل الله من وصيلة ولا حام”

هذا الحام الذي هو الحامي هو بعير كانوا يمنعون ركوبه سمي الحامي لأنه يحمى ظهره من الركوب وكانوا يميزونه بفقئ عينه يعني يثقبون عينه ليميزونه عن غيره.

هذا من تغيير خلق الله الذي يأمر به الشيطان في الإضرار بالحيوان لأمور سخيفة وليست فيها مصالح حقيقية للإنسان ومن ذلك أيضا ما كانوا يعتادون عليه من الوشم الذي كانوا يفعلونه بذريعة التزيين وفيه تشويه للجلد وللجسم وفيه أضرار لا تخفى.

فكل ما يأمر به الشيطان مما هو خارج عن فطرة الله وعن شرع الله  فهو من تغيير خلق الله وقد نص العلماء على أنه لا يعتبر من تغيير خلق الله التصرف المأذون فيه من جسم الإنسان فتصرف الإنسان في جسمه بما يحقق المصلحة ويدفع الأذى ويجمل الإنسان هذا الأصل فيه أنه مطلوب فمثلا الختان هو من تغيير خلق الله لكنه ليس من تغيير خلق الله الذي يأمر به الشيطان والذي نهى الله تعالى عنه فالختان هو من الفطرة وفيه فوائد صحية مثلا أيضا من التصرف في الجسم بنية زيادة جماله مثلا ثقب المرأة أذنها لوضع الأقراط والتزين بها والتجمل بها فهذا من تغيير خلق الله المباح الذي أقرته الشريعة لأن مقاصده إيجابية ولأن مصالحه غالبة وكبيرة ونحو ذلك.

وثبت في الحديث الصحيح لعن الواصلات والمتنمصات وهذا ثابت في صحيح الإمام البخاري وغيره وليس المقصود منه ما يتعلق بالتجميل وما فيه مصلحة للإنسان في هذا الإطار وإنما المقصود ما كان عليه أهل الجاهلية الذين كانوا يفعلون من ذلك ما يكون سمة من سمات أهل الفجور وأهل العهر وليس المقصود مجرد التجمل، ولذلك جاء هنا اللعن لأنه متوجه إلى السلوك الجاهلي الذي كان يفعل بهذه الأشياء أمورا سخيفة ويبالغ فيها ولا يكترث إلى الضرر الذي يمكن أن يلحق جسم الإنسان: فهذا هو المنهي عنه والمرفوض وعلى أية حال فتغيير خلق الله المذموم والمرفوض هو كل ما فيه استجابة لشيء من وسواس الشيطان لأن الشيطان يأمر بالفحشاء ويأمر بالمنكر ويأمر بالشر ويأمر بالظلم ويأمر بالأمور التي نهى الله عنها وأمر بنقيضها فكل ما هو من قبيل وسواس الشيطان الذي يؤدي إلى إحداث تغيير في سلوك الإنسان أو في جسمه فإنه من تغيير خلق الله المنهي عنه والله تعالى أعلم.

 

ما حكم من التجأ إلى عملية التجميل لضرورة طبية كالحرائق والحوادث والاعتداءات الجسدية؟

قلت سابقا أن الشرع يأمر بإزالة الضرر ورفعه ودفعه ومن تطبيقات هذا الأمر أن الضرر الذي يضطر إليه الإنسان لدفع ما هو أكبر من الأضرار مطلوب ومستحسن

فالعمليات الجراحية ضرر فإذا كانت لدفع ضرر أكبر فهي مباحة أو واجبة إذا لم تكن هناك وسيلة غيرها

فعمليات التجميل التي تهدف إلى إزالة العيوب مطلوبة كمن كان عنده في كفه ستة أصابع مثلا فيجري عملية لإزالة الإصبع أو المرأة التي تنبت لها لحية فتجري عملية لإيقاف هذا الأمر وهكذا

والله تعالى أعلم.