تاريخ النشر : 10/08/2018
عدد المشاهدات : 2817
(سياسة السلطان محمد الثالث لتعزيز علاقة الدولتين العثمانية والمغربية / الحلقة 2)
إعداد: حماد القباج
مدير مركز بلعربي العلوي للدراسات التاريخية والاجتماعية
كانت للجهود الدبلوماسية التي بذلها سيدي محمد بن عبد الله، لدى بلاط سيد القسطنطينية الأكبر؛ نتيجة إيجابية؛ تجلت في كسر حاجز اللامبالاة والتجاهل الذي طبع -منذ وقت طويل-؛ العلاقات بين السلاطين العثمانيين والعلويين؛ “بين سلطان المشرق وسلطان المغرب” كما لقبهما سنة 1781 ممثل فرنسا في المغرب: (لويس شينيي)[1].
حيث تمكن “سلطان المغرب” بفضل كفاءته السياسية المميزة، وعبر سفاراته المتعددة؛ من أن يدفع السلطان التركي إلى الالتفات إلى الإمبراطورية العلوية البعيدة، والاعتراف بالأهمية التي يمكن أن تكون لها داخل العالم الإسلامي الواسع[2].
وشكلت الحرب التركية الروسية، طوال الفترة الأولى من حكمه؛ حاجزا خطيرا أعاق السير الجيد للمساعدة التقنية والعسكرية التي بدأ العثمانيون يقدمونها لسيدي محمد بن عبد الله، بهدف استرجاع الثغور البرتغالية والإسبانية في التراب المغربي.
ولم يتمكن السلطان العلوي، من جهة أخرى، وهو الذي كان مصمما على إعداد جنوده لمشروع حصار مليلية، بوسائله العسكرية المحدودة؛ من مساعدة الجنود الأتراك المنهزمين، والذين كانوا يتنازلون عن أراضيهم يوما بعد يوم أمام زحف جيش ملكة روسيا (كاتالينا الثانية) المنتصر[3].
ومن جهة ثالثة؛ يبدو أن سلوك داي الجزائر مع سلطان المغرب الأقصى؛ لم يكن مساعدا على تعزيز العلاقة المغربية العثمانية بالشكل الذي كان يهدف إليه سيدي محمد بن عبد الله:
كانت ولاية الجزائر على غرار ولايتي تونس وطرابلس، كلها أرض واقعة في شمال إفريقيا، تابعة سياسيا وخاضعة عسكريا لحكم الدولة العثمانية؛ وكان (الداي) هو لقب حاكم الولاية الذي يعينه السلطان العثماني.
ومنذ سنة 1766 ساد السلام بين داي الجزائر والسلطان المغربي، وكانت هناك اتفاقيات – لم تكن رسمية بعد – بينهما فيما يخص القوى الأوروبية الثلاثية، كما تكشف ذلك رسالة الأب خيرون إلى حاكم سبتة؛ وفيها:
“… لقد أخبر عن وفاة داي الجزائر الذي وقّع معه سيدي محمد بن عبد الله معاهدات سلام، وبالتالي فقد اتفق مع هذا الداي على عدم مضايقة سفن ملك فرنسا[4]، الذي كان معه داي الجزائر في سلام، سرى مفعوله على بعد 30 ميلا من السواحل، وإن الداي الجديد عندما تسلم الحكم كتب له للإشادة به وتأكيد سريان مفعول هذه الاتفاقية، فأجابه صاحب الجلالة (المغربي) أنه يوافق على تنفيذها.
وهكذا؛ وبما أن صاحب الجلالة لن يضايق الملك الفرنسي، فإن داي الجزائر وسفنه لن تتعرض بدورها لسفن ملك إسبانيا، لأنه في حالة سلام مع صاحب الجلالة (المغربي)“[5].
ويلاحظ أيضا هذا التوافق مع الجزائر في هذه السنوات الأولى؛ من خلال إدراج السلطان المغربي سيدي محمد بن عبد الله؛ لبعض الجزائريين الذين أسرهم الإسبان في لوائح الأسرى المغاربة الذين التمس تحريرهم من ملك إسبانيا سنة 1765.
ولما أرسل سيدي محمد بن عبد الله سنة 1766 أحمد الغزال إلى مدريد، للتفاوض حول توقيع اتفاقية رسمية للصداقة والتجارة مع إسبانيا؛ اقترح على داي الولاية أن يتفق أيضا على السلام مع إسبانيا عن طريق وساطته، وأن يقبل بمبادلة كل الأسرى الإسبان بالأسرى الجزائريين الموجودين لدى ملك إسبانيا (كارلوس) الثالث.
وكان هذا الاقتراح موجها إلى الجهتين؛ حيث كلف أحمد الغزال أيضا بتقديم مثيله للحكومة الإسبانية[6].
وبمجرد وصول سفيره إلى مدريد، كلف السلطان المبشرين (الفرنسيسكانيين) بإبلاغ ملك إسبانيا بتطور مساعيه لدى الجزائر، والتي استهدفت التحرير المتبادل للأسرى وسلام الولاية مع إسبانيا.
لكنه في الوقت الذي اهتم فيه سيدي محمد بن عبد الله بإظهار أن داي الجزائر هو من طلب منه الوساطة في هذه الشؤون، أثبتت الهجومات المتواصلة الجزائرية ضد السفن التجارية الإسبانية أن كل تلك المناورات السياسية كانت مبادرة فردية من الملك المغربي.
وليس هناك شك في أن السلطان؛ لو تمكن من تحرير الأسرى الجزائريين وتحقيق السلام بين الجزائر وإسبانيا؛ فإن شهرته كانت ستنتشر بسرعة بين المسلمين، وكان تأثيره سيكون بارزا في شؤون شمال إفريقيا، وربما مقبولا من قبل سلطات الباب العالي.
ومن أجل تحقيق هذا المسعى استعان سيدي محمد بن عبد الله بكل الوسائل التي في متناوله؛ ومن هنا، يفهم أنه لكي يحفز الحكومة الإسبانية على الشروع في تلك المفاوضات، تجرأ على الادعاء بأن السلطات الجزائرية مهتمة بدورها بتحقيق السلام مع إسبانيا، رغم عدم قيامها بأي شيء إيجابي في هذا الصدد[7].
وإذا كان محمد بن عثمان، داي الجزائر، قد شكر الملك المغربي على افتدائه لبعض الأسرى الجزائريين في إسبانيا، آملا في تحرير عدد أكثر من ذلك بفضل وساطته، ومجددا كذلك وعوده بأن قراصنته لن يهاجموا السفن الإسبانية في المياه القريبة من الموانئ المغربية[8]؛ فالحقيقة أن القراصنة الجزائريين واصلوا مضايقتهم للسفن التجارية الإسبانية، بما في ذلك إغراق إحداهما في مياه طنجة وأسر قبطانها وأفراد طاقمها العشرة[9].
واحتجت الحكومة الإسبانية بشدة، لدى سيدي محمد بن عبد الله، وذلك استنادا إلى الوعود التي قدمها لها بخصوص أن الجزائر لن تهاجم السفن الإسبانية من على بعد “30 ميلا من اليابسة إلى البحر”، وانطلاقا من حدود النهر “المتصل بمليلية إلى (سانتا كروز)، ومن (سانتا كروز) إلى ساحل سوس”، وبما أن “المضيق مجاور لمناطق نفوذنا، ولكونه ضيقا فسيكون حرا من سبتة إلى طنجة”[10].
وقد حدث هذا عندما علمت مدريد آنذاك بوجود خلاف داخلي بين الجزائر ومراكش.
وبالفعل قام سيدي محمد بن عبد الله، تجاه تحذيرات وشكاوى إسبانيا المتكررة من تعرض سفنها باستمرار لهجومات قراصنة الجزائر في المياه الإقليمية بالمغرب، إذ كان يواصل عمله على تحرير عدة أعيان جزائريين من السجون الإسبانية، ويطلب في الوقت نفسه من الجزائر أن تكون أكثر إنسانية في معاملتها للأسرى الإسبان[11]؛ قام بتهديد الداي من أجل إيقاف اعتداءاته ضد السفن التجارية الإسبانية قبالة سواحله، حسب ما اتفقا عليه قبل سنوات من ذلك؛
لكن الجزائري أجابه أن الإسبان هم المعتدون وليس قراصنته، فكان رد فعل السلطان أن كتب لسفيره في مدريد قائلا:
“أعرف أنهم ليسوا أناسا صادقين … وقررت منذ اليوم أن يفعل كل منهم (الإسبان والجزائريون) ما يبدو له، وأن يبعدوني حتى عن معاهدة 30 ميلا التي وقعتها معهم.
فأبلغ الإسبان بأني أتبرأ من كل معاهدة أو مراسلة بسبب عدم وفاء هؤلاء الجزائريين بالوعود“[12].
وتذكر المصادر بأن السفير الإسباني استعجل السلطان محمد الثالث لكي يرخص للبواخر الإسبانية بمهاجمة قراصنة الولاية، حتى “في الموانئ الخاصة الخاضعة لسلطته”، لكن السلطان رفض معللا رفضه مرة أخرى بكون الجزائريين مسلمين، و”إن كان سيغض الطرف عن بعض الردود الانتقامية”[13].
وكان الداي الجزائري متأكدا جدا، من أسلوب تصرف الملك المغربي، وتخوفه من توجيه السلاح ضد إخوانه في الدين؛ لأنه رغم الاحتجاجات المكتوبة من مراكش، فقد واصلوا هجوماتهم بقوة على إسبانيا، وحتى على مرسى سفنها التجارية.
وبعد هذه الجرأة الوقحة والمتكررة؛ سمح سيدي محمد بن عبد الله، من جهة، للإسبان بالدفاع عن أنفسهم من الهجومات الجزائرية في المياه الإقليمية المغربية[14]،ومن جهة أخرى وعد بأن تطلق مدافعه المينائية قذائفها ضد قراصنة الجزائر، كلما تجرؤوا على مضايقة السفن الإسبانية في موانئه[15].
لكن هل نفذ سيدي محمد بن عبد الله هذه التهديدات في واقع؟
من السهل الافتراض أن السلطان لم ينفذ بالفعل هذه الإجراءات؛ فهو لم يمتنع لاحقا عن التفاوض مع الجزائر رغم الصعوبات والمضايقات التي سببها له الداي عند نشأة وازدهار التجارة مع إسبانيا، والتي كانت لها عائدات مهمة بالنسبة للبلاد.
ومن المحتمل أن وعود التعاون التي تمت في إسبانيا لمواجهة القرصنة الجزائرية لم تصل إلى علم حاكم الجزائر.
ومع تعنت الداي؛ فقد قبل في النهاية طلب السلطان بتحرير أفراد الأطقم الإسبانية الذين احتجزهم قراصنة الداي في ميناء طنجة[16].
وكان هذا النجاح الظاهر للدبلوماسية المغربية؛ باعثا للسلطان المغربي على استئناف أنشطته الدبلوماسية التي لم يمل منها، بحيث انتدب كاتبه أحمد الغزال للتفاوض في الجزائر حول تبادل باقي الأسرى الجزائريين والإسبان.
وتبين هذه الأحداث، مثل سابقتها، مدى معاداة سيدي محمد بن عبد الله، بطبيعته للحرب؛ وهذا التردد الدائم أجبر إسبانيا على إرسال أسطول صغير إلى السواحل المغربية قاده الرجل المرعب (أنطونيو بارسيلو) للبحث عن قراصنة الجزائر[17]. فوصل الخبر سريعا إلى السلطان الذي أبان عن خوفه من معاداة خليفة القسطنطينية، وفقدان المكاسب التجارية التي تذرها عليه التجارة التي يقوم بها الإسبان عبر موانئه؛ فاختار الحياد والامتناع عن حل القضية التي كان حلها يتعلق به، بشكل مباشر.
وفي 27 صفر 1183 الموافق لـ 2 يوليوز 1769، كتب رسالة إلى الملك (كارلوس الثالث) قال له فيها:
“… بما أن الجزائريين لا يحكمهم ملك، وإنما داي؛ فإنهم جميعهم يتصرفون بصفتهم جنودا، وأعمالهم سيئة، ويتعاملون مثل القراصنة دون احترام الوعود؛ وبما أنهم خاضعون للخليفة الملك مصطفى؛ فإنني أحترمهم اعتبارا له؛ لأن الخليفة يحترمني ويحبني، وعلمت كيف أن الجزائريين استولوا على مركب إسباني عند خروجه من العرائش وساءني ذلك جدا؛ وعرفت أنهم فعلوا ذلك لإثارة مشاكل بيننا، لأنهم لا يرغبون في اتباع الحق، ولهذا لم أبحث في الموضوع لأنني لا أريدهم أن يخبروا الخليفة، وأفقد بالتالي صداقته، وهكذا فكرت في أن أسلك هذا المنحى.
ومن المناسب أن تعلموا أن كل مركب إسباني يرسو في موانئنا هو آمن، وعندما يخرج منها فأنا أعفي نفسي من أي ضرر يمكن أن يصيبه به الجزائريون، سواء كان قريبا من اليابسة أو بعيدا عنها، وكذلك الشأن بالنسبة للإسبان مع الجزائريين، ولهذا أنبه جلالتكم والجزائريين لكي تجتمعوا مع بعضكم البعض …“[18].
يتبع بإذن الله تعالى ..
[1] رسالة شينيي، سلا 14 مايو 1781. Cchg. P. 914.
[2] Cf. lourido diaz. R. relaciones del alawi sidi mohammad b. abd allah con el imperio turco en el segundo periodo de su sultanato (1775-1790). En hersperis-tamuda ……(1986). 231-272.
[3] رامون لوريدو دياث (Ramon Louridou Diaz)؛ “المغرب وأحلام الزعامة على الغرب الإسلامي”؛ ص، 81-82؛ ترجمة: مولاي أحمد الكمون وبديعة الخرازي؛ سلسلة ضفاف: الكتاب 17.
[4] فرنسا كانت قد هاجمت قبل ذلك بسنتين ميناءي سلا والعرائش، لهذا أمكن أن يتخذ السلطان المغربي إجراءات انتقامية قرصنية ضد التجار الفرنسيين.
[5] رسالة الأب (بارطولومي خيرون)، مكناس 12 مارس 1766، AHN.estado leg 4344
[6] حول وساطة السلطان بين إسبانيا والجزائر، انظر دراسة:
Arribas palau. M..una mediacion de marruecos entre espana y argel. En *aechivos del instituto de africanos* 6(1952). 49-57.
[7] كان السلطان حريصا على إبلاغ القسطنطينية بجهوده لتحرير الأسرى، واقتراح السلام بين إسبانيا والجزائر؛ كما يبدو ذلك في بعض الوثائق التاريخية (انظر: رسائل (لودولف).
ومسألة بذل المجهود من أجل تحرير الأسرى الجزائريين يرجع إليها في رسائل (الفرنسيسكانيين)؛ الأب (استيبان بوزا دي لوس ريمديوس).
[8] يوجد في (AHN. Estado. Leg. 4309)، رسالة غير مؤرخة، ومترجمة من اللغة العربية، وفيها يتقدم الداي الجزائري بتشكراته إلى السلطان على افتدائه للأسرى الجزائريين في إسبانيا، كما وعد فيها بعدم مهاجمة التجار الإسبان.
[9] رسالة (الماركيز دي كاساثريمانييس)، سبتة 16 ماي 1767، (AHN. Estado. Leg. 4308)
[10] ترجمة الرسالة المبعوثة من السلطان إلى أحمد الغزال في 1766، (AHN. Estado. Leg. 4344).
[11] بخصوص محاولات السلطان لتحرير الأسرى الجزائريين في إسبانيا، وخاصة الفقيه مصطفى بن علي الببداجي، وكان صديقا له، توجد مرجعية عزيزة في: AHN والتي استغلها
Rogriguez casado. V. politica marroqui ^^. 79 y ss. Y arribas palau. M. mediacion de marrurcos. L .
[12] ترجمة رسالة السلطان إلى أحمد الغزال، أرسلت إلى (خورخي خوان)، تطوان 6 مارس 1767، (AHN. Estado. Leg. 4308.
[13] رسالة (خورخي خوان): مراكش 2 يونيو 1767، (AHN. Estado. Leg. 4308.
[14] رسالة (سامويل سمبل) إلى (خورخي خوان)، مراكش 15 يونيو 1767، (AHN. Estado. Leg. 4308.
[15] رسالة (خورخي خوان): موكادور 30 يونيو 1767، المرجع نفسه.
[16] رسالة (سمبل) إلى (خورخي خوان)، (كامبو دي كاراموت) 12 غشت 1767، ahn.estado.leg.4309. وبالفعل فقد حرر هؤلاء السجناء سنة 1770 (رسالة بريموند، العرائش 17 ماي 1770).
[17] من خلال رسائل (بريموند) إلى (الماركيز دي كريمالدي) (العرائش 11 دجنبر 1769)، ahn.zstado. leg.4311؛ يمكن معرفة بعض المرجعيات المتعلقة بالمحن التي عاناها الجزائريون أمام أسطول (بارسيلو) في السواحل المحاذية لتطوان.4351 ahn.zstado. leg.
وأخبر (شينيي) أيضا فرنسا عن تحريرهم. (سلا 15 فبراير، 2 ماي 1770، 150، 147، cchg.pp)، والأكيد أن (شينيي) كتب في ثاني هاتين الرسالتين، أن الضباط الجزائريين الذين اقتادوا إلى المغرب أفراد الطاقم السبعة الإسبانيين الذي احتجزوا قبل ذلك بسنوات في مياه طنجة، طالبوا ببقايا سفينة شراعية لهم أغرقها الإسبان في السواحل المغربية.
وفي هذه المناسبة، عبر القنصل الفرنسي عن وجهة نظره بخصوص أحاسيس السلطان تجاه الجزائريين، وقال: “لقد بدا لي أنه لم يعر اهتماما للجزائريين”.
[18] هذه الرسالة التي لم أعثر على أصلها، وأمر بترجمتها بريموند قنصل إسبانيا 4311 ahn.zstado. leg..
رامون لوريدو دياث (Ramon Louridou Diaz)؛ “السياسة الخارجية للمغرب في النصف الثاني من القرن الثامن عشر” (ج.2 ص. 246-251)؛ ترجمة: مولاي أحمد الكمون وبديعة الخرازي؛ سلسلة ضفاف: الكتاب 16.
وسوم :الخلافة الدولة العثمانية الدولة العلوية تاريخ المغرب مركز بلعربي العلوي
ننوه الى أن ما ننشره من مواد للسادة والسيدات العلماء والمفكرين والمثقفين والسياسيين، لا يلزم منه الاتفاق معهم في كل أفكارهم وآرائهم
Nous précisons que le contenu publié d'un tiers auteurs n'implique pas que nous sommes forcément d'accord avec l'ensemble de ses idées.
Designed by Khalil BI