أنشطة وأخبار

الصفح الجميل على نقدات الشيخ الفضيل

تاريخ النشر : 24/10/2017

عدد المشاهدات : 3351


الصفح الجميل على نقدات الشيخ الفضيل ..

(حوارٌ مع الدكتور محمد السعيدي في رده على العلامة أحمد الريسوني)

توقيع:
الدكتور عادل رفوش
المشرف العام والمدير العلمي لمؤسسة ابن تاشفين
كنتُ أود أن يكون لي وقت كاف لأجيب عن بعض نقاط مقال الدكتور الإنشائي الطويل؛
ولكن سأكتفي في هذه الحلقة بأوله وأعتذر عن طوله الإنشائي أيضا ؛ لقلة الدواعي العلمية التحريرية فيه تماشيا مع مقال الدكتور السعيدي وفقنا الله وإياه ..
1-بين الوطن والأمة:
هذا الدكتور الفاضل منذ دفاعاته الحسنة عن مذهب أهل السنة العام ؛ في محاورات قناة المستقلة ؛ وأنا أحب فيه الأناةَ وأظن فيه التعقل ؛ ولا أخفي أنه متميز في الأقلام السعودية أدباً و منهجيةً ؛ كثلة من فضلاء المملكة الذين نتبادل وإياهم المحبة والتقدير؛ ولكنه -وفقه الله- ككثير مِنَّا إذا تعلق الأمر بحدود الجغرافية و الوطنية ؛ قد يصعب عليه الالتزام بعاداته الحميدة ؛ وقد لا يقوى على قول ما يجب كما قد يقوله في الأمور عينها لو بعدت عن جغرافية وطنه ومرغوبات بلده أو مرهوباته !! ؛ وهذه مع الأسف من أزمات العصر حيث تكاد تغلب حرماتُ الوطن عندنا حرماتِ الأمة وبالأخص حين التعارض بينهما فقل من يحكم لجاره على داره وهو من مواطن ابتلاء الإيمان كما قال ربنا جل في علاه: “أو الوالدين والأقربين إن يكن غنيا أو فقيراً فالله أولى بهما” ..
ونحن وإن كنا نقر بأن صلاح الكل مرتبط بصلاح الجزء ؛ فإننا نوقن أيضاً ببالغ التأثير الخطير على الجزء من الكُل ؛ وأن الإصلاح الحقيقي الذي يمثل منهج الأنبياء هو الشمول الذي يهتم للدولة كما يهتم للفرد ويولي الجزء والكل الأهمية القصوى على حد السواء مهتما بما هو أهم وأولى وأخطر وهو الكل الذي تمثله الدولة والأمة ؛ ومن هنا وجب التنبيه على خطورة ما قد نقع فيه من الانزواء الوطني بدعوى أمانة الانتماء في وقت نحتاج لما هو أعلى وأغلى وهو جسد الأمة العام الذي يمثل الكل الأكبر فنقع دون شعور في خيانة الانتماء إذ نسينا بدعوى الوطنية أصل الروابط الإسلامية ؛ فصار يكبر في صدورنا أن نخالِف أنظمتنا وَيَشق علينا أي ينتقد أحد دولتنا ..!!!
وهذا الأمر على المستوى العلَني يكاد يكون سمة ظاهرة في كثير من إخواننا في الخليج وبالأخص في المملكة العربية السعودية التي لها ولهم مِنَّا كامل المحبة والتقدير والذي لا يتناقض مع الخلاف ومع النصيحة .. مع ما لبلاد الحرمين من خصوصية الحرمين وتقديمها بين يدي الدول فعليها من المغارم بقدر ما لها من المغانم ؛ وقد يسعنا السكوت على أشياء كثيرة في غيرها ولا يسعنا ذلك فيها وفِي رجالاتها سياسيا ودينيا وثقافيا ؛ لأنها تسوق باسمنا أعني باسم المسلمين وتستفيد من دفاعنا عنها أكثر من بلداننا وحرماتنا على مدى دهورٍ .. فإذا حدث ما يستوجب ذلك يقيناً أو بخلاف ضعيف لم يكن بد من وجوب التكلم وبالأخص إذا استحضرنا حرج بعض إخواننا هناك إما اختياراً أو اضطراراً …
2-وَيْل لكل همزة :
وإنما خصصت الدكتور لفضله ووقاره ولست هنا ملتفتاً لبعض البلهاء البلداء عندنا في المغرب ؛
-ولا أعني هنا من خالفوه من إخوة فضلاء بأدب وغيرة يدافعون عن بعض الحسنات وينكرون أيضا كالريسوني المنكرات والتغريبات جزاهم الله خيرا-
لأن الرادين على مقالة العلامة الريسوني القيمة تِلْكَ؛ ما بين عاقل و باقِلٍ هم على ثلاثة أصناف:
1-سعوديون وهم في واقعهم قد يُعذرون ..
2-مرتزقة متزلفون وفِي الاستبداد منخرطون:
وهم موجودون فقط لطعن المصلحين ودعم المفسدين ..
وهؤلاء هم #أدعياء_السلفية المداخلة من داخل المملكة ومن خارجها كالرضواني وعبد العزيز الريس وبعض مجاهيل المغرب ؛ وإن كان شيخهم الأكبر قد قال لي وبحضور اثنين من أتباعه وقد طلب مني أن أقرأ له البيان التحذيري الذي أصدرته المملكة في أيام الملك عبد الله غفر الله لنا وله في تجريم التعاطف مع الإخوان وأنهم جماعة إرهابية! فقال لي-واللهُ على ما أقول شهيد- شيخهم المغراوي بالنص:(السعودية تنتحر..إذا كان الإخوان إرهابيين فكل الدعاة في العالم إرهابيون .. وهل قامَ بالعلم والدعوة إلا على أكتاف الإخوان .. يقولها وهو جالس في كرسي السيارة الأمامي وأنا أقرأ له نص البيان كاملا وهو يمسكُ رأسه ويُحوقل..)
 ثم كان من الشيخ بعدُ ما كان من طلب صكوك الغفران .. والانقلاب على العدل والإحسان وعلى المصباح والخِلاَّن لمصلحة جرار بني علمان ؛ وأنَّ من لم يصوت عليه فقد خان القرآن .. !!الخ الخ..
فهذا النوع من البشر لا شأن لنا بردوده لأنها لا تنبني على نصرة الدين وإنما على مرتزقةٍ مُتَلوِّنين..
ولولا أنهم آذوا العلامة الريسوني لما ذكرناهم هنا..
3-والصنف الثالث:
عقلاء محبون لما في المملكة من خير وهم لمنكرها لا يقرون وبضرر نظامها السياسي عارفون ومنه خَجلون ووَجِلون وَهُمْ لِماماً يتكلمون ووراء العبارات الفضفاضة يتسترون .. فحملوا كلام العلامة على كل الخير الذي يحبون وحصروا المملكة فيه .. فاستحق عندهم العلامةُ بعض اللوم ولو أنهم أجروا كلامه على ما ينكرون هم أيضاً وأقروا ببعض المظاهر التي جلَّاها العلامةُ -وهي جَليَّة- لكان كلامهم وكلامه يخرج من غَيْرَةٍ وَاحِدَةٍ …وبعضهم أنْبه من بعض.. ولا حرجَ ..
ولكن بعضهم قد يبالغ حتى كأنه الأول وقد ينجرف حتى كأنه الثاني..وخير دينكم الورع فتورعوا ..
– إذًا فلا شأن لنا بالمرتزقة توقحوا على العلامة الريسوني تكفيراً وتجهيلاً وتضليلاً ؛ وجعلوا من مقاله حربا على التوحيد والرسالات ! وكأن الناقد للنظام السعودي ؛ ناقد لما نزل به جِبْرِيل على قلب المصطفى الأمين ..
وزادوا في حماقات الغلواء من فضائح الأُجراء؛ أن رموا العلامة الريسوني بفقر “الإنتاج العلمي”
مع أن مؤلفات الشيخ قاربت المائةَ من العلم المحرر الدقيق في التوحيد وفِي الأصول وفِي النوازل .. مما لا يدركه أمثال  ذلك الفَسْل النذل ؛ ولا يدري منه لا الفرع ولا الأصل ؛ ومن آخرها إشرافه على أكبر معلمة في الدنيا للقواعد الفقهية والمقاصد الشرعية : “معلمة القواعد” برعاية مشكورة من دولتي السعودية والإمارات-وياللعجب لقد حرموه حتى نسخةً واحدةً منها بتهمة الإخوانية!!! فهل رأيتم كتابا يُحرم صاحبُه منه من دافع دراهمه ؛ لمحض الظلم والاعتداء على البرآء ؛ فإما أن تُوافق وإلا فأنت إرهابي مارق!!!- .. ؛ فضلا عن كتبه الشهيرة: -كنظرية المقاصد الذي صار عمدة العلماء في الباب ومفخرة لكل مغربي-غير حقود-فلا يُذكر الشاطبي وابن عاشور وعلال الفاسي إلا وكان هذا العلَم الريسوني رابعَهم بشهادة كبار المشارقة والمغاربة ؛ فحقق لنا شَرَفاً لو كان عشره عند إخواننا في الخليج لسموا عليه جامعة أو جائزةً أو باباً من أبواب المسجد الحرام ؛ ولأبرزوه بكل وسيلة-ليقول الناس إنه القبول في الأرض!-
نَعم شرفٌ مغربي نعتزُّ به ؛ ولا يزهد فيه إلا الأغمار ممن لا يعرفون من التآليفِ إلا التعليق على البيقونية و”اجترار المذكرات على كشف الشبهات”؟  أضف إلى الاثنين من كتب العلامة المتفردة:
-كتاب نظرية التقريب والتغليب
-ورسالة الأمة هي الأصل
-وكتاب مقاصد المقاصد -وكتاب الكليات .. وغيرها وهو كثير نفيس دقيق…
ولكن من اعتاد من وِلدان السلفية المُشوَّهة عتباتِ الأصول الثلاثة ؛ وحُبيباتِ الكَبسة والمثلوثة ؛ لا يمكن أن يقدر هذه الكنوز قدرها ؛ ولِشؤمهم على أنفسهم يُحرمون خيراتها .. فهؤلاء المجاهيل المسترزقين المتهورين الرضوانيين المغراويين ..
لا شأن لنا بهم في هذا المقال الذي نتغيا به بعض نقاطِ فضيلةِ الدكتور السعيدي وفقه الله …
3-غرور الغترة الحمراء:
وقد استهل “الدكتور الفضيل” رده على العلامة بعنوان لا يخرج عن سياق الغرور الذي يعيشه بعض إخواننا في المملكة الشقيقة سواء في بعض رجال السلطة أو في بعض رجال العلم والدين؛ إذ لا تخلو نبرات التعامل والتعاطي عند بعضهم في الإعلام وفِي الأقلام من استشعارهم الفضل على غيرهم وأنهم مصدر أصيل لزعامة الدنيا والدين؛
وهذا ليس إلا في خيالاتهم بل هو سبب كثير من الحملات عليهم لأن من تعامل بتعالي بوذل بتعالي..
فكلمة : “صبرنا” على فلان ؛ وعلى الدولة الفلانية و”أنذرنا” و”وجهنا”.. وكما عبر الدكتور الفضيل هنا : “الصبر الجميل” وكأنه يتهدد ويتوعد !!
وأنه في مقام الحليم على السفهاء ؛ وأن معه “الحق المطلق” الذي لا يبيح لأحد أن يرد عليه؛ وأن من تجرأ فقد انتهك سدة المقام العالي بالله، و أتى منكراً من القول وزورا..
حنانيك يا دكتورنا الفضيل: “أنتم بَشر ممن خلق يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء“؛ وعلاقتكم بالعلم والدعوة لكم فيها يدٌ مشكورة بقدرٍ ؛ ولكن لستم المرجع ولا المفزع !!
ولذلك فتمهيده بهذا الأسلوب: “الصبر” و”أهل الحق” في قوله: “فلا تزال سنة الله تعالى ماضيةً في أن يبتليَ أناساً بخصومة الحق في كل زمانٍ ومكان..”
نافثا لقارئه دون -تصريح طبعا- بأنهم أهل الحق ومنهم يعرف الحق ومن خالفهم فقد خالف الحق ..
وجلي أن فيه من ذلك النفس -الاغتراري الاعتدادي- الشيء الكثير ؛ وهو كفيل بأن يحجب عنه كثيرا من الحقائق ومسالك الإنصاف ..
فبدل أن يتوجه للظالم يتوجه لمن انتقده ليصلحه..!!
وقد أكد هذا حينما ميز بين الراد والمردود عليه فجعلهم على ثنائية “شقي وسعيد” ؛ فنسب العلامة إلى الباطل وأهله؛ واستأثر لدولته المعصومة! بأنها من الأقلين؛ في إلماحة إلى أدبياتِ #أدعياء_السلفية
-وأنا أنزه الدكتور الفضيل عن غواياتهم- في احتكار الطائفة المنصورة والفرقة الناجية؛ إذ إنهم وإن اختلفوا فيمن قد يأذنون له بالدخول فيها؛ فهم لا يشكون للحظةٍ أنهم أحق بها وأهلها!!
فقال عن العلامة الريسوني بأنه عمد إلى :”طرف من صفوف أهل الباطل ! منحازاً ضد قوم من الأقلين في هذا العصر ؛ القائمين ما وسعهم بكتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ؛ القابضين عليهما قدر استطاعتهم كما يُقبض على الجمر..”
وهذا وجه آخر من الغرور يجعل المنتقد دائما على وجل منهم أن ينسبوه إلى مخالفة الحق ومعارضة الفرقة الناجية ومعاداة التوحيد إذ قُمْتَ فرددتَ على بلاد التوحيد ! وانتهكتَ الحرمين ! وتجرأت على قبلة المسلمين ! أكدها الدكتور بصورة عنترية لوضعية يراها في نفسه إذ قال مبالغا جدا في تقييم منزلتهم بين رجالات الأمة “..ويجابهون الدنيا بأسرها مسلمها وكافرها…”وهذه كلها مبالغات ناتجة عن ذلك الشعور الخطإ بالمصدرية والمرجعية والقدوة لهم من دون الناس على سائر الناس ؛ -وبالأخص إذا ذكرت العقيدة !!- وفيها مغالطات لفظية تلبس الأنظمة الخاطئة لبوس المقدس لاستغفال السذج واستدرار التسليم والتبجيل لها في غير محله !! مع أن ما ذكره يمكن قلبه عليه بأن أي أحد يمكن أن يدعي هذا الوصف الفضفاض وإنما العبرة بالوِفق والنقضِ..
– ثم طالب العلامةَ بأن يرد ولكن بشرط “أن يضع الخلاف في نصابه” و”أن لا يفجر في الخصومة”
ومع أني أرى أن العلامة الريسوني من “أذكياء العصر” في حسن تدبير الخلاف اتزاناً واعتدالاً؛ غير أنني أُراه في هذا الموقف كان أكثر فقهاً وتدقيقاً ؛ وأما “الفجور في الخصومة” فليس من أخلاقه ولا أتى بما هو خارج السياق ..
 ولو أردنا أن ننصف بين العلامة والدكتور لكان دكتورنا الفضيل أقرب إلى ما اتَّهَم به العلامة البريء..
ولنرجع إلى تفاصيل مقاله بعد استهلاله:
4- أوَّلاً : -بدعة التقسيم :
هذا فيما يتعلق باستهلال مقاله وأما بقية نقاطه:
فقد ابتدأ ببدعة إذ بدَّع البيان اللغوي وهي سابقة لا نراها فِعلاً إلا عند بعض إخواننا من #أدعياء_السلفية ؛ وذلك من وجهين :
– الوجه الأول 1 :  إذ تحويل الإضافة إلى الوصفية إذا ثبت موجب الإضافة من الاختصاص ونحوه أسلوب دارج ؛ ولا علاقة له بتقسيم الأصل ولا بتنويعه ؛ كما لو قُلْتَ ليس الإسلام الذي كان عليه محمد وأصحابه هو الإسلام الذي نحن عليه اليوم؛
فإذا صح ذلك صح وصفُكَ أن تقول “إسلام دايت”.
وأنا أتفق مع الدكتور الفضيل في وجود جبهات تستخدم هذا النوع من الاصطلاح لمزيد تفريق المسلمين ؛ ولكن العلامة الريسوني يتكلم من جهة تأريخية أكدها عديد من الدارسين ؛ بأن الاختيارات والسبل التي تبنتها الدولة السعودية -كنظام- في خلال نحو مائة عام ؛ قد مَايَزَتهم في كثير من القناعات عن عموم أهل السنة في تقديم الإسلام للعالَم ؛ فلا حرج أن يصطلح عليه الدارس تقريبا للأفهام ؛ ليُعلم محل الانتقاد وأنه ليس ذلك النموذج هو النموذج المطلق الذي ثبت بالشريعة برهانُهُ؛
 بل إنما ذلك نموذجٌ اختارته هذه الجهة وفرضته وصدرتْهُ وتسوق له .. كما قد يقسم أي معنى لتقريب حقيقته وتمييز غثه من سمينه ؛ وذلك شائع في المعارف والفنون كما في تقسيم التوحيد مثلا بحسب الإضافة للذات الإلهية أو بحسب النظر العقلي أو بحسب أهله أو بحسب غير أهله ..
فكل ذلك محتمل بحسب الاعتبار ولا إشكال ما دام التوضيح بارزاً .. بل وهي طريقة القرآن في بيان مراتب الناس فلما ذكر تعالى أن”ذلك الكتاب لا ريب فيه” بين أن الناس أمامه ثلاثة متقون اتخذوه هُدىًٰ ؛ وكافرون اتخذوه عِدىٰ ؛ ومنافقون اتخذوه عِضينَ وسُدىٰ ؛ ولما ذكرهم في التدين به جعلهم ثلاثة أيضاً ظالم ومقتصد وسابق بالخيرات .. ؛ وهذا عين ما فعله العلامة الريسوني لتمييز التطبيق السعودي لدين الإسلام ؛ الذي يَفرض على الأمة -وهي الوصية على دينها- أن تحتسب على كل منتمٍ فردا كان أو شعباً أو دولة إن أضر بإسلامها أن تتوجه له بالنقد والنصح والبيان إن في الشرق أو في الغرب ؛ كما قد نفعل مع التيارات التي انتسبت للسلف زوراً وكما قد نفعل مع الفرق التي شوهت بعض مبادئ الإسلام .. ولذلك لم يختلف المفكرون في وصف ما تسوق له مراكز الضلال الغربي كراند بأنه “الإسلام الأمريكي” أو “الإسلام الذي يريده الغرب” ؛ فهذا لا يعدو التنبيه على ما يقع على الإسلام من التشويه من أبنائه أو التحريف من أعدائه وليس إقراراً لتقسيم الإسلام في ذاته..!
-والوجه الثاني2: ومن جهة أخرى فالإسلام له مدارس ومذاهب ومناطق ؛ والنسبة إليها بالخصوص أو بالعموم سائغ جائز ؛ كما ذكروا في القرآن نفسه عن أسماء قراءاته ومصاحفه ؛ وأجمعوا على أن ذلك للشهرة وللخصائص ولم يتذاكى أحد على الأمة فيقول لا تتخذوا القرآن عِضينَ القرآن واحد وهو كلام الله وليس قرآن نافع ولا قرآن الكسائي ولا مصحف الشام ولا مصحف الكوفة ولا المصحف الصوتي !! ولو قالها أحد لعدوه في المجانين …! ؛
-ومثله من ينكر الأحزاب والجماعات في الإسلام ؛ بدعوى أن صراط الله واحد كما ألف فيها ذلك الربيع المدخلي-رأس الفتنة في مكة والمدينة وقد ناظرته حولها في بيته سنة1999م- فيوقع القارئ في مغالطة الخلط بين التنوع والتضاد وبين السَّعة والضيق ؛ ويكتمُ أن هذا الدين صراطه بمثابة النهر الفسيح له جانبان ووسط رَحْب جارٍ ؛ فما دمتَ لم تخرج عن أحد الطرفين فأنتَ في أمانٍ ؛ وننسبك لموقعك من النهر الفسيح ؛ ونحذركَ إن قاربتَ أحد الجانبين أو شارفت على الخروج أبعد من أحدهما؛ وذلك عين ما ألمح إليه العلامة الريسوني كعادته في نباهته ورشاقة عباراته “بين الازدهار والاندحار” “فالازدهار السعودي” لما كانت أقربَ إلى قضايا الأمة وثوابتها بسعيها وجامعاتها ؛ “والاندحار السعودي” لما بدت بوادر الانجراف نحو السيء والأسوإ “كالتي نقضت غزلها من بعد قوةٍ أنكاثاً” فأشرت بالإسلام وأهله وبالسنة ووحدتها وكان نعم الردء لإيران تخاصمها بالأقوال وتدعمها بالأفعال .. ولم تقف عند إنشاء مجمع للمصحف ومجمع للحديث حتى أطلقت مجمعا لاعتقال العلماء ومجمعا لترفيه السفهاء !!! مع ما لها من أيادي سوداء في نشر الإعلام العلماني العربي المتمرد في جل وأقوى  قنوات العالم العربي وهذا من قديم وليس وليد ضغوط البراءة من الإرهاب!!! حفظ الله بلاد الحرمين وأهلها الأوفياء من شر الثقلينِ ..
فتكلم العلامةالريسوني ناصحاً لكيلا ينجرف المركبُ من”درجات الازدهار”إلى”دركات الانحدار”وربما لا سمح الله إلى”ظلمات الانتحار”.. ولكنكم يا قومنا تحبون المطبلين .. ولكن لا يحبون الناصحين!
-وهنا وجه ثالثٌ3:
فأقول وإنه لمن الغريب جدا أن ينكر هذا الدكتور الفضيل هذا الوصف على العلامة الريسوني وهو ينتمي لمن يذمون “الإسلام السياسي” وينكرونه على الإخوان؟ أفلا يكون هذا أولى بالتبديع يا دكتور ؛ لأنه كيفما كان الحال فالسياسة من الدين وأما السعودة فقبيل وليست بسبيل …!
فكيف تقبل تصنيف الإخوان تحت مسمى”الإسلام السياسي” ثم أنت تنكر على العلامة تمييزه “الإسلام السعودي”..
فما أزبد به الدكتور الفضيل في النقطة الأولى تهويل مكشوف لتسويغ التشنيع لكي يقول القارئ الساذج : “ما أوْكَسَ هذا الريسوني يفرق الدين شيعاً تالله إنه لمن المبتدعين” ؛ وهذا النمط في “الإرهاب التصنيفي” لا يليق بمنصفٍ مثل الدكتور ولم نعهده إلا من #أدعياء_السلفية المدخلية الجامية وأحسب أن الدكتور قد ابتلي بهم كثيراً تصنيفاً وتحذيرا حتى أُراه صار يتشدد في بعض القضايا إرضاءً واسترضاءً ليقال”سلفي وطني”وَلعله يَسلَم!
وهذا هو الرسوب الحقيقي وليس ما رمى به العلامةَ الريسوني الذي ما عهدناه إلا ناجحاً مبدِعاً ..
يصدع بكلمة الحق -بحكمة وبصيرة- في وطنه ولملِكِه ولحركته ولأمته ؛ بل حتى لمن بينه وبينهم صلاتُ فكر وأخوة إيمانية كالإخوان المسلمين؛ فهو من أكثر المنتقدين لهم والمدافعين عنهم باتزان واعتدال ؛ كما في بعض مواقفه من إخوان مصر -فرَّج الله عنهم ونصرهم ونصر بهم- ؛ ومواقفه من البشير في السودان ومن النهضة في تونس ؛ ومن بعض رؤى التيارات الإسلامية في المغرب كقضية مقاضاة الإفطار العلَني ؛ ومن مراسم البيعة في المغرب والمجالس العلمية واحتفالات موازين وغيرها كثير وكثير جدا لا يمتري صدوق غيور -لا يأكل الحسدُ قلبَه- أن العلامة الريسوني من القوَّالين بالقسط القوَّامين بالحق في هذا الزمن -زمن التعتيم والتطعيم- .. كل ذلك عنده بمصداقية عالية ونفَسٍ نزيه لا يصبو إلا لنصرة الحق والحريّة والحقوق والحدود والعدالة …
3 – ثانيا:-الدوافع والمدافع:
وأما “دوافع” العلامة الريسوني لكتابته مقاله النفيس فقد أخطأت “مدافعُ” الدكتور الفضيل في تقديرها ولو أنه رآها كما هو واقعها من زاوية النهي عن المنكر والنصيحة في الدين ؛ لبان له فيها الملمح العلمي والدعوي ؛ والذي ليس هو حكراً على عزو نقل أو تخريج حديث ليُقال هذا مقال علمي ؛ ومن نظر في رسائل علماء السلف ووصاياهم وردودهم لوجد هذا اللون من الكتابة كما في رسالة مالك ورسالة الليث وغيرهما ؛ ناهيك عن أسلوب المقالة الإعلامي الذي يراد منه الفكرة تسهيلاً وإقناعاً .. ولو أردنا أن نكيل بنفس المكيال لوجدنا مقالك أبعد و أطنب .. والدوافع السياسية فيه أظهر وأقرب ..
ولوجدنا جل ما كتبه شيخنا الصالح ابن باز رحمه الله وعظاً مرسلا ومعاني عامة في الإرشاد والدعوة!
ولئن كان للعلامة الريسوني دافع سياسي متعلق بأهداف الأمة فهو عند الله أولى وأحب من دافع لا يريد إلا وطناً وجنسيةً وجهويةً .. فالأمة هي الأصل كما ألفه العلامة الريسوني في كُتيبٍ خاص..
وكون العلامة هاجم المنهج منذ التأسيس فهذا ما سلم به عقلاء المملكة وأن من محطات تاريخ الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله ما ينبغي التبرؤ منه ولا يجوز إقراره وفيه دراسات مُنْصفة لا علاقة لها بصفويين ولا علمانيين ولا بأعداء الدين .. وليس المقام لذكرها ونقض ألوان منها مما حواه تاريخ نجد مثلاً وفتاوى الدرر السنية .. ويكفي أن تراجع نقدات الشيخ المحدث حاتم شريف العوني فقد كتب وابتلي وعودي ؛ ولكنه ازداد بذلك معرفة ورفعةً ..
ولولا تلك الهنَات لما تجرأ #ترمب فأعطينا الدَّنِيَّات!!
وأما التوقيت فإن من صفات ربنا الإمهال والحلم؛ ومن أخلاق شريعتنا السماحة وغض الطرف ما دام للمرء فسحة ؛ فإذا رأيت الخرق اتسع والباطل استشنع واستبشع ؛ وصار المرء كما قال تعالى:
“إذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم”
وصار الظلم مبدأ و شرعنتُه باسم الدين منهجاً ؛ فهنا لا يسعك ما قد كان يسعك من قبل ؛ وهذا محَلٌّ قد يُختلف في تقديره ؛ ولكن لا يمكن الجدال في صحة مسلكه ؛ فلا داعي أن تهول به يا دكتورنا الفضيل ؛ وهل تظن أن تلك الموبقات الثلاث التي لمزتَ بها العلامة هينةٌ عند الله ؛ و مهما كان رأيك فيها فينبغي أن تستحضر رأي العلامة لتقدر الأمور بموازينها كما تطالبه أن يستحضر رأيَكَ ؛ “فالثورات” كانت دولتكم من كبار الداعمين لها .. و” #الإخوان ” كانت دولتكم من كبار المنتفعين بهم .. و” #قطر ” كانت لكم نعم الصدر ونعم الظهر .. فلما انقلبتم على أعقابكم بما استنكره العالمون -بغض النظر عن تأويلاتكم وتهويلاتكم-  فلا تلوموا من لزم الأصل وصدع بالحق لا يريد إلا الله والدار الآخرة ؛ أفيحق لكم أن تدَّعوا على العالمين ولا يجوز لأحد أن ينتقدكم ..!! أفيحق لكم أن تدافعوا عن حق مشكوك ؛ ويُمنع غيرُكم من حق راجح بل يقيني مسكوك !!
-وأما حديث معلمة القواعد والتعاون العلمي فقد نزل فيه الدكتور إلى حضيض نجله عنه ؛ وإن كان ولا بد مستبنطاً فليستنبط سمو نفس العلامة الريسوني ؛ وأنه لا يأبى التعاون في العلم والهدى ولكنه لا يباع ولا يشترى ؛ وأنه بعد أن كنتم قد عددتموه في كبار العلماء ؛ صار فجأة لا يستحق تلك المنزلة إلا أن يغَيِّر المعدِلة  !! “وتلك نِعمة تمنها علي أن عبدت بني إسرائيل” ؛ أوَليست الدولتان هما المستفيد الأكبر من ذلك- وليس العلامة بما أخذ من دريهمات لا وزن لها ولا أثر ولا اعتبار بها في قصد ولا نظر ؛ ولا تساوي ولا حبةَ رمْلة في بحار ما يُنفق على غير العلم!! مما يُنفقُ على من فسق .. وعلى من فجر .. وعلى من غدَر؟؟
على من تضحك يا دكتورنا الفضيل !؟؟
دع الماديات لأقوام يلهثون عليها أو لا يفهمونها..؟؟
4 – ثالثا :-وَجْبة مَثْلوثَةٍ-:
وأما الفقرة التي ثلّت بها الدكتور فقد جاءت كأكلة المثلوثة السعودية خلطا بين عويص المكونات ومزجاً بين المتنافرات فكانت كثالثة الأثافي ..؛ وعلى رأس ذلك زعمه أن العلامة الريسوني يذم منهج السلف!وهو ما سماه هو بالمنهج السلفي ! و زعم أن السعودية كدولة تقوم به وعليه وفيه ومنه !؟؛
ومثل هذه الدعوى العريضة لم يدعيها حتى أعز دول الإسلام كالأموية والعباسية ؛ فضلا عن دويلات التخلف والاستعمار!
ومن لطافة العلامة المقاصدية أنه لم ينسب ما سينتقده للسلف المُبجل وإنما نسبه لمن يجوز عليهم الضلال وهو واقعٌ بهم بوجه أو بآخر ؛ فلأن ينسب إليهم على أنه تطبيق جغرافي للإسلام قد يصيبون فيه وقد يخطئون وقد يستقيمون وقد ينحرفون ؛
خيرٌ من أن يتركوا دون نسبة أو أن يُحَلَّوا بنسبة هي منهم براء!! وإذا استوعبنا المراد بمحل الانتقاد وهو ذلك الاختيار المنهجي الذي سارت عليه هذه الدولة ؛ فلا شك أنه ليس صورةً للإسلام ولا تمثيلاً للسلف بل هم كغيرهم كانوا طرائق قددا أحسنوا وأساءوا أصلحوا وأفسدوا ؛ وذاك النهج الذي انتهجوه فيه الهدى وفيه الردى ؛ وكان التركيز فيه على ما يعين الحاكم وما جاوره وما عدا هذا المقصد كان لذَرِّ الرماد في العيون ؛ فكان المنهج العام لتجميل النظام وتغطية عيوبه وترسيخ عقلية الطاعة العمياء للولاة ؛ والخوف الأرعن من الواقع ؛ أو التطرف الأهوج ضد أغلب المخالفين .. ؛ ولم يكن هذا المنهج ليحظى بالتسويق والترويج لولا النفوذ المالي بسبب الطفرة؛ والنفوذ السياسي بسبب الدعم الأمريكي ؛ كلا الأمرين أعطى للمملكة وجاهة بين أغلب الدول العربية المنهكة والإسلامية المفقرة لكي تحظى بالتقدير والتقديم جراء تبادل المنافع تارة معنوية وتارة عسكرية وغير ذلك مما هو معروف .. فإذا استحضرنا ما ابتدعته الدوائر المخابراتية من “التيار المدخلي” الذي لا هم له إلا ثلاثة : -ربط الدين بهوىٰ السلطان -والتخويف من أي اعتراض أو معارض -وإشغال الأمة بالتفاهات؛ ولذلك لم يجدوا بدا من الاعتداء على كبراء الأحرار بالقمع والاعتقال !! حتى يتم استكمال مثلث الشر -المال الفاسد -السياسة الغربية -التيار المدخلي..
هذا التيار الذي يدعمه اليوم كل الطغاة لأنه يقوم لهم مقام الذباب والذئاب والكلاب ؛ وأقل سوءاته أن يكذب على الأمة بالدعوة للاشتغال بطلب العلم كما كذب على الأمة أدعياءُ التصوف أعوانُ المستعمر باسم الذكر والخلوات والجهاد الأكبر جهاد النفس!!ليخلو الجو للمستعمر والمستبد أن يفعل ما يشاء…
ويكفي هنا أن نستحضر  شهادة وزير الأوقاف المغربي السابق رحمه الله الذي شهد في مذكراته: “الحكومة الملتحية” بأن أوامر صارمة كانت توجههم من الداخلية في عهد “إدريس البصري” رحمه الله بأن لا يتعرضوا للجمعيات الدعوية التي لها صلات بالسفارة السعودية ؛ وأنه-ولأهداف جيوستراتيجية-كانوا مأمورين بغض الطرف عن بعض الأفكار الوهابية !!! وليس كما ادعى الدكتور النبيل بأنه خطأ علمي متعمد فالشواهد عليه أشهر وأظهر..
-وأما ما ذكر الدكتور من الانتشار القَبْلي فيصدق على زمن مالك والسلف وهذا كنز للأمة لا تتدخل فيه حدود سايكس بيكو ولا هبات البريطان للأنظمة الوظيفية المترهلة !! وأما العصر الحديث فما ادَّعاه الدكتور هي أشياء يضخمها أمثالُه لإضفاء صبغة المهابة على حقبة الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله ؛وإلا فلا حقيقة لذلك التواصل فضلا عن التأثر ؛ بل هي أحداث كان كبراء العالم الإسلامي كله يهتمون لها لقربها من مكة والمدينة ولتأثر طرُق الحجيج بها ؛ وبالأخص مع كثرة الشائعات وخلط الحق بالباطل .. فكانوا يستفسرون ويطمئنون وربما جاءوا يدافعون إن بلغهم ما لا يحمدون !!
– وأما سلاطيننا المذكورون فعلى أصلهم في الاعتزاز بالسلف وكان السلطان محمد يعتز بالأئمة الأربعة وبالإمام أحمد وبابن أبي زيد القيرواني وبغيرهم ؛ ولا شك أن الخرافة والشركيات كان لها ظهور وضمور بحسب قوة الإصلاح وتأثير المصلحين وهذا منذ العهد التاشفيني إلى يومنا هذا وفِي كل البلاد؛ولم يرتبط الأمر عندنا بما ظهر في نجد التي لم تكن شيئاً مذكوراً ؛ وليس كما يتخيل الدكتور ويخيلون لصغار الطلبة كما لو أن مدرسة نشأت في نجد تضاهي الأزهر والقرويين وصار لها علماء و مناهج يُرحَل إليها وتَرْحَل إلى غيرها …ومن هنا تظهر فظاعة قوله : ” والتي كان لظهورها صيت عظيم بلغ الخافقين..”
وأفظع منه قوله: “والقول بتأثر هذا السلطان بالدعوة السلفية في نجد هو الأرجح إذ لا يُعرف من أشياخه من كان على هذا المنهج..”
فهذه التفخيمات الخيالية التي يروج لها بعض إخواننا وشيوخنا في المملكة الشقيقة كنت نبهت شيخنا العبود مدير الجامعة الإسلامية السابق عن بعضها في دكتوراه عن سيرة الشيخ ؛ وأن بعضها دعاوى عريضة جدا ؛ ولو ادعيت من أهل الحجاز أعني مكة والمدينة أو من أهل مصر والشام لكان لذلك تأويل واقعاً وعَراقةً؛ ولكن مجيء هذا الخيال من قِبل بِلاد نجدٍ التي يشهد كل منصف أن تاريخها في علوم الشريعة وغيرها متواضع جدا جدا ؛ لدرجة أنك لا تكاد تجد لهم أصولا في أسانيد القرآن والحديث ولا اشتهرت لهم مدارس ذات خصائص وأعلام لولا ما تداركوا بعضه عن قريب مع جيلنا الجديد هذا جيل العبيد ومنها شابهه ؛ بل أقصى ذلك شيوخُ بَوادٍ يقومون ببعض ما يتعلق بالخطوط العريضة لتفقيه العوام ؛ أعلاهم منزلةً شيخٌ يفتي بفروع الحنابلة بحسب الزاد أو نيل المطالب .. فالبيئة النجدية عَزوز جدا ومُقِلَّة جدا جدا في هذا الباب ؛ فأن يكون هذا حالها وهو مشهور في كتب التراجم والتاريخ ؛ ولولا من رَحل واستوطن وبذل في العصر الحديث من علماء الآفاق لما كان لها حضور ولا قامت لجامعاتها وجوامعها سوق ؛ وهذا وجه حسن يعود بعض فضله لنداوة الريال ولكن الفضل الأعظم لمن نفض عنه الغبار وأزال الرمال من العلماء الوافدين؛ وكثير منهم عاد من جهاده وعطائه حسيراً ؛ وجوزي جزاء سنمَّار -ولو شئتُ لأمليتُ في هذا مجلداً-وما أنا في الوَقْتِ نفسه بالجاحد لإيجابيات معدودات – ؛ أفيدعى بعد كل ذلك أن لحركة بلاد نجد واسع التأثير في بلاد الغرب الإسلامي وربوع المغرب الأقصى ؛ حيث كل بقعة تشهد لرباطٍ وتؤرخ لإسناد لا يقف إلا عند مالك بل عند رسول الله و إلى جِبْرِيل إلى رب العزة ؛ وحيث لم يكتف أهل المغرب باستقبال الإسلام حتى أعادوه إلى المشرق في صور إبداعات كانوا فيها سابقين ؛ فأرجعوا اللسان العربي بكتب ابن مالك وأبي حيّان وابن آجروم ؛ وأرجعوا السيرة موشحة بروض السهيلي وبحقوق الشفا ؛ وأرجعوا الفقه بالماجريات ؛ بل وأرجعوا القرآن بالنافعيات وبالرمزيات؛ فما ينفكون عن باب يستقبلونه حتى يصيروا فيه عُمداً بإبداع طرازٍ مغربي فريد..
ومع ذلك كلِّه وبدون غضاضة يتجرأ فضيلة الدكتور النبيل فيقول: “بأنه لم يكن من شيوخ السلطان من هو على المنهج”!
تالله لهذا المصطلح عند إخواننا السلفيين أولى بمسمى الطواغيت التي عدها ابن القيم في الصواعق فجعل منها المجاز ظُلْماً ولو جعل بدعة المنهج هذه لكان أعدل ولو أدرك زماننا الإمام ابن القيم ما أُراه إلا فاعلاً!
أي منهج هذا الذي تتخيله يا دكتور؟
ثم لكي تلبسه المهابةَ تنسبه للسلف!
ثم تجعل دولتك أصله وفصه!
ثم إذا استوضحنا منك قُلْتُ هو الإسلام الصحيح!
فتصير المعادلة أنكم الناطق الرسمي دون العَالَمِين بالإسلام المعتمد..
أفلا ترعروون؟؟
إنما المنهج: علم وعمل رواية ودراية نسب في العلم وسند؛ وذلك في بلاد المغرب أشهر من شمس وقمر؛ وإنما تسعى بلاد نجد إليه وما زالت تتلمس مواضع أقدامها وليست هي من تصدره ..
ولئن حصل في زمن الإعلام بعض تفاوُتٍ فإنه لا يُسقط الأعلام ولا يصحح الأوهام ..؛
وأما ذكره الدكتور بعد ذلك؛ فمنقوض كلمةً كلمة:
فالحافظ الدكالي وعلال الفاسي علماء مستقلون قلبا وقالبا؛ ومن العيب أن تدعي عليهم تأثرهم بالشيخ محمد عبد الوهاب؛ وهو لا يكاد يبلغ ولا عشر معشار منزلتهم في العلم كما هو معروف من سيرة الجميع في الطلب وفِي البلاغ وفِي التأليف وفي الفكر وفِي الأثر.. رحمهم الله أجمعين ..
وأما النتيفي فقريب جدا والأمر حوله يطول؛ وتأليفه في القباب ونحو ذلك لا يعني تأثره بنجد ولا أن نجداً مرجعاً لصحيح الاعتقاد ومتين الاستمساك!!
بل نظره في الأدلة أداه إلى ذلك الاختيار ؛ وكفى ..
ثم قولك يا دكتورنا الكريم: “.. هو أن المغرب خسر كثيراً بانحسار السلفية فيه في ذلك الزمان، وأعظم خسائره هي في استمرار ثقل تأثير الخرافة والبدعة على عوامه وبواديه وقراه، وسرعة استجابة حواضره لِقِيَم الغرب وأخلاقه على أثر الاستعمارين السياسي والثقافي..”
تصحيحه أن يقال:
بأن البلاد الإسلامية عامة ومنها الدولة السعودية خاصة خسرت الكثير بانحسار التمسك الحقيقي بالإسلام؛ تأثراً بالمد الغربي البريطاني والفرنسي والأمريكي بأخرة ؛ وأن ما تمسكت به السعودية من بعض الرسوم لا يختلف كثيرا عما تمسكت به المغرب ومصر مثلاً ؛ وإن كانت المسميات والأغطية تختلف وتتفاوت ..
والذي رأيناه من الخرافة ومن التغريب ومن الجهل ومن البدع مع قداسة بلاد الحرمين ووفرة ما يسميه الدكتور “المنهج” هو أشد شناعة مِمَّا رأيناه في بلاد أخرى ليست لها تلك المقومات ؛ وقد زادت عليهم المملكة الشقيقة حرسها الله بما لم يعد مستورا في العصر الحديث بل أخذت زمام الانحراف في كثير من الدول بالوكالة والرعاية ..الخ الخ
وأما ما ذكرتَ -رعاكَ الله- من حال المنح الجامعية والمستوى الدراسي والطلاب المتخرجين وأثرهم على بلدانهم بين الواقع والمأمول والسلبيات والإيجابيات؛ فيمكن أن نملي فيه مجلداً أيضاً بكل إنصاف وبعيدا عن الإشهار المزيف؛ فنحن بقدر ما نقر من فضائل في بعض جهود المملكة وخيرة رجالاتها من العلماء والمحسنين؛ فإننا لا نمرر به الضلالات ولا نُسْحر به عن المنكرات ..
فكثير من الخريجين مثلا كانوا أدواتِ سمعةٍ للمملكة؛ إذ كثير منهم هرب من بلاده التي لا يجد فيها مراكز للعلم أو لضيق الأسباب ؛ فامتلأ هناكَ برسوم معينة لم تُخرج لنا علماء بقدر ما زودتنا بمثقفين يناصرون ثقافة لم يكادوا سمعوا غيرها ؛ فتجد الواحد منهم يجل العلامة السعدي رحمه الله ولا يرى في علال الفاسي إلا سياسيا تائهاً ؛ ويمكن أن يحاضر عن الأول في ترجمته ومآثره ولا يعرف حَرْفاً عن الآخر؛
ومع جلالة العلاَّمتين فإن سيرة علال الفاسي أغزر وأوفر وأهم وأفيد ..
ولكن التأثر ببيئة “المنهج” أرست في عقولهم وباء لا بد من دوائه لكي تتوازن العقلية والشخصية .. وفِي مقابل هؤلاء المُسْتَخَفَّينَ الأغمار ؛ ثلةٌ من المصطفين الأخيار استفادوا وأفادوا فكانوا شاكرين وكانوا مُتَحَرِّرين ويكفيك العلامة الددو نموذجا ..
وعليه فلا داعي للتضخيم يا دكتور بقولك: “والمنصف من المغاربة من يشهد بأثر عودة المد السلفي مع الطلاب المغاربة الذين قدموا من السعودية” ..
فالحسنة نقر بها إن فُصلت عن سيئتها.. وَلَمْ تبطل بمنٍّ ولا أذىًٰ..
هذا هو الإنصاف بحق وهو ما تغاضى عنه فضيلتكم وفقنا الله وإياكم لرضاه ..
5-رابعا :-هذا النمط-:
لقد بنى الدكتور فهماً خاطئا لكلام العلامة لما تجاهل -لا أظنه عن عمد- الكلمة السر لحُسْن التوجيه إذ أصل كلام العلامة ما نصه: “وأصبح معظم المتدينين والدعاة وأبناء الحركات الإسلامية متأثرين بهذا النمط “الإسلامي”، بدرجة من الدرجات.”إهـ
فلم يعرج الدكتور على قيد “بدرجة من الدرجات” ولا قوله بهذا “النمط الإسلامي” التي هي المفتاح لمقصود العلامة؛ فهاتان الكَلِمتان تُحيلان المعنى وتبينانه؛
وأن المراد تأثر جزئي غالباً؛ وأغلب هذا الجزئي في أمور معدودة؛ منها: ما يرجع إلى المظهر والهندام؛ ومنها ما يرجع إلى بعض الأفكار كتضخيم أمر الحاكم وكتهويل شأن السياسة وكذيوع أسماء من شيوخ المملكة -كهيئةالعلماء- كأنهم مراجع للأمة؛
مع أن أقصى صلاحياتهم حدود بلادهم؛ ولا ينبغي استغلال المقدسات لخصوص مصالحهم؛ فما هم إلا بعض أصوات الأمة؛ وفِي الأمة خارج المملكة الشقيقة من هم أعلم وأعلى ..
وأما على المستوى العميق من التأثير كما فهمتَ يا دكتورنا الكريم فلستُ أُراها إلا مرحلة زمنية؛ وتيار حقبةٍ لها إيجابيات ستبقى ولها سلبيات ستندحر..
فما قاله العلامةُ لا غبار عليه وبالأخص مع توافر عاملين جليَّين في العصر الدعوي الحديث:
1-تخلي كثير من الدول عن الحضور اللائق..
2-القدرة المالية -والمالية فقط- الضخمة لإنشاء المشاريع ذات البعد الديني في أهم بلاد العالم
ولا شك أن أي مشروعٍ:
-له دعم سخي
-ولا منافس سيكون ظاهراً ولا شك؛ ولكنه لا يدل له على قوة في نفسه ولا على تأثر بكل تفاصيله ..
بل إن كثيراً من تلك القوة أحيانا كانت حتى عند المنتفعين منها محل تفصيل وتحليل ؛
فيتعاونون في المتفق عليه ويتعاذرون في المختلف فيه ولا تشترى ذممهم في الدعايات الباطلة!!!
ناهيك عن كون أغلب الآثار المستحسنة عند الناس ليست حبا في سياسة المملكة ؛ بقدر ما هو استحسان لبعض الوجوه التي لها قبول في الناس لحُسْن آثارها .. فتأثر بعض الناس بسلمان العودة مثلاً ليس مدحاً منهم لتوجه دولته ؛ وكذا تأثر بعض الناس بحسان مثلا ليس رضى عن مصر ؛ وهكذا فريد الأنصاري في المغرب والددو في موريتانيا وعلى ذلك فقس .. فإذاً ميزان الدرجات واختلاف المؤثرات هو الذي يبين لك ما هو الممدوح من ذلك وما هو المذموم ؛ وذلك جلي في فقرة العلامة وليس كما حاول الدكتور أن يفهم ويقلب .. ويجعل من هذا الواقع بسبب بعض الوجوه أوبعض القنوات أوبعض المشاريع ومواسم المشاعر دليل التميز المطلق.!!
وخاصة في في السنين الأخيرة حيث تنوعت الدعوم
فلم يبق للمملكة ذلك “البث شبه الحصري” الذي كان يَشكر جانب الحسن فيه كل الفضلاء ولكن دون غرر ولا ضرر ..
وأما خلط هذا بصناديق الاقتراع والزج بتجربة الإخوان في الحكم؛فزلة كبيرة من الدكتور الفضيل؛ منقوضة من عدة وجوه ولم يقلها غفر الله لنا وله إلا غِلاًّ على أقوام أقل ما يُقال فيهم ثلاثة أمور:
1-أنهم أكفأ من أغلب زعماء اليوم
2-وأنهم لم يحكموا أصلا
3-وأن تكالب أعداء الأمة عليهم لم يكن خافيا على أحد ..
وزاده شناعة أن يجد نوعَ تسويغٍ من بعض الفضلاء كدكتورنا الفاضل الشيخ السعيدي إذ ختم هذه الفقرة بقوله : “الريسوني بهذه المشاعر ضد أبناء الحركات الإسلامية يقع في مناصرة العلمانيين والعسكر ولا مخرج له من هذا”إهـ فلا داعي لمثل هذا فهو دس فارغٌ ؛ ولا يليق بما عرفنا عنكَ من حرص على الحق والحقيقة..
-وكان الواجب على الدكتور الفضيل قبل أن يغرق في المقارنة البائنة -من البون لا من البيان- أن يشرح لنا علاقة النظام السعودي بالحركة الإسلامية في الجزائر في العشرية السوداء ويحلل لنا تصريحات الوزير الجزائري علي بن فليس ..
وأن يشرح لنا مدى تغلغل التيار العلماني المتصهين في نظام المملكة -كما يقول الدبلوماسي الكويتي الشهير والخبير العسكري ناصر الدويلة- حتى صار رجاله -كالضال المنحرف السعودي تركي الحمد- هم الناطقين الرسميين عن المملكة في كل المحافل وعلى الإعلام ؛ وبقدر ما يُعتدى على العلماء في “مُجَمَّع سجون المملكة” يفسح بدعم مطلق لهؤلاء الشُّذاد من العلمانيين السعوديين الذين لم ير في صفاقتهم وجهالاتهم حتى من علمانيي مصر ولبنان ؛ بل ومن علمانيي تونس زين الهاربين الذي رفضه العالَم فلم يجد من يأويه ويرضى عنه-وهو طاغية مغضوب عليه- إلا ربوع المملكة والتي حولها قال رسول الله “المدينة حَرَمٌ..من أحدث فيها حدثاً أو آوىٰ محدثا فعليه لعنة الله وملائكته والناس أجمعين لا يقبل الله منه صرفاً ولا عدلاً”…الخ الخ
وبعيداً عن الهجوم والهجوم المضاد فالمراد هو بيان الخلل فيما روجته المملكة الشقيقة باسم الإسلام والسنة والسلف وهو ليس كذلك إما بإفراط أو تفريط ؛ مع ما يقع من التناقض الكبير المشبوه بين بعض التنظير الذي تتبناه بعض الوجوه العلمية المحترمة وكثير من التطبيق الذي تمارسه كثير من جهاتها سواء السياسية أو الإعلامية ..
وكيف تريد أن تنال مغانم شرف قداسة الحرمين وهي تأبى تحمل المغارم والتبعات نقدا ونقضا وخاصة في سياساتها التي تؤثر على الأمة الإسلامية وعلى صورة الإسلام .. ؛ وكيف ترجو أن تكون أعلى منزلة من باقي الدول لذلك المعطى الشريف ثم هي تريد أن نجعل سيئتها كسيئة غيرها أثراً وعاقبةً ..
6 -خامساً : -خلاصة القول-:
وباختصار فالدكتور الفضيل الشيخ السعيدي يتكلم عن “السلفية المؤسِّسة” ؛ والعلامة الريسوني ينتقد “السلفية المطبَّقة” ؛ بل وينتقد منها ما ينشره النظام السعودي وهو “السلفية المسيَّسَة” ..
وشتان ما بينهما ولاء وبراءً؛ فلا يجوز للدكتور أن يلبس علينا بأن ما تتبناه دولته هو “السلفية المُؤَسِّسَة” حتى في مدرسة الشيخ محمد عبد الوهاب رحمه الله؛ فضلا عمن بعده ؛ فضلا عن يومنا هذا بعلمائه وبسياساته…
بل إن من تمام الانتماء للأولى أعني سلفية الرعيل الأول؛ هو تمام انتقاد الأخرى حمايةً لها -حتى لا تنسخ الدخيلةُ الأصيلةَ – ونصيحةً لأهلها؛ أن لا يحرفها #أدعياء_السلفية بحيث يبدون منها قراطيس-كالطاعة- ويخفون كثيرا-كالعدالة- ..
وهذا النقد المنصف لم يكن العلامة الريسوني فيه بدعاً من العلماء ؛ بل إن من مشاهير السلفيين من كان أصرح وقال ما هو أقسى وأجرح ؛ كالعلامة الألباني سواء في مناهج أتباع الشيخ محمد بن عبد الوهاب أم في النظام السعودي وبعض سياساته التي ينتهجها خطأ باسم الإسلام أو باسم السنة والسلف .. وكلام الألباني في ذلك مشهور حتى جلب له عداوات وصلت إلى المصادرة والمنع والطرد والتبديع …الخ الخ (ولولا الطولُ لنقلتُه)
ولو أن الدكتور السعيدي استوعب الأوراق البحثية التي شارك هو نفسه فيها عن “الوهابية والسلفية الأفكار والآثار” المطبوع عن منتدى العلاقات العربية والدولية .. لأغنته في توجيه كلام العلامة الريسوني على محمله الواضح الذي هو كالشرح لما نقله السعيدي في مقال له عن “التغيير” في ذلك المطبوع ص94 وهو يجلي معنى المفسدين في الأرض-وهم من يعني الريسوني-عن قتادة قال في قوله تعالى: “وهو ألد الخصام” ( شديد القسوة في معصية الله ؛ جَدِلٌ بالباطل ؛ وإذا شئت رأيته عالم اللسان ؛ جاهل العمل ؛ يتكلم بالحكمة ويعمل بالخطيئة) قال الدكتور السعيدي في قوله تعالى عن اليهود: “ويسعون في الأرض فسادا والله لا يحب المفسدين“:
(ومثلهم كل أمة تجعل طريقها لبناء نفسها ؛ عبر تحطيم الآخرين وإذلالهم وتضييق حياتهم ؛ بل والسير على جثثهم إن استطاعوا ؛ وفِي التاريخ والعصر الحاضر نماذج كثيرة لهذه الأمم)إهـ
ثم وضحه بقوله بعد ص95: (فالمفسد قد يدعو إلى ما يُظنُّ فيه الخير فلا ينبغي سلوك طريق المفسد حتى لو أظهر لنا أداءه للخير ؛ لأن الصلاح -على-سبيل المفسد إنما هو تغرير وليس حقيقيا”
-قال تعالى:(ولا تتبع سبيل المفسدين)-إهـ
فالعلامة الريسوني قرب بمقالته بعض ما نظَّر له السعيدي فذكر مظاهر ذلك الفساد واقعا معاصرا؛ -في جهة عزيزة علينا جميعاً وهي أولى بالتقدير وبالتحذير-فلم يتحمل الدكتور هذا التنزيل ؛ لما أسلفنا بدءً من التأثر الجغرافي والوطني الذي يغلب الانتماء الديني عند بعضنا وهم لا يشعرون..
وقد عُلِم بيقين أن الاستخراب الغربي الذي استولى على بلداننا وثرواتنا بعد تمزيقه وحدتَنا ؛ لا يمكن للمشروع القومي ولا للمشروع الوطني ؛ وقد جُرِّبا دهوراً وخدِّرت بهما أمتُنا عصوراً ؛ أن يستمرا في إلهاءنا ؛ويصدرون البدائل المُعَلْمَنَةَ العقيمةَ لنا ؛
بل وجب الرجوع إلى سبب عزتنا؛وهو الذي يَغيظ ويُخيفُ أعداءنا ؛ وهو المشروع الإسلامي كما
 قال نبينا : “سلط الله عليكم  ذُلًّا لا ينزعه عنكم حتى ترجعوا إلى دينكم “… حفظ الله أمتنا ..
وحفظ الله علامتنا الجليل الشريف الريسوني
ودكتورنا النبيل محمد السعيدي .. وجعلهما من أنصار الإسلام والسنة  ضد كل ظلم وظلمات ..
7 – سادسا  :
( ينظر في الحلقات الموالية ..)
والله ولي التوفيق والحمد لله رب العالمين.