تاريخ النشر : 16/09/2017
عدد المشاهدات : 1119
الإصلاح السياسي بين المغرب والسعودية
بقلم: حمّاد القباج
في عدد من التدوينات السابقة انتقدني بعض القراء بقولهم: لماذا لا تهتم بالإصلاح السياسي في المغرب كما تهتم به في السعودية؟
ولماذا لا تقول للنظام المغربي ما تقوله للنظام السعودي؟
وأرى أن من حق هؤلاء القراء أن أجيبهم على سؤالهم وأقول لهم:
أنا فعلا مهتم بموضوع الإصلاح السياسي في البلدين كليهما، مع إعطاء الأولوية لبلدي؛ أما المغرب فلأنه وطني الذي أحب له الخير كله؛ ومن الخير له أن نرسخ ونعمق قيام دولته على العدل وحفظ كرامة المواطن وحقوقه ..
وأحب ذلك للمملكة العربية السعودية أيضا؛ لأنها راعية الحرمين الشريفين، ولأن مواطنيها والمقيمين بها وحكامها مسلمون تربط بيننا وبينهم حقوق وواجبات؛ في مقدمتها النصيحة التي بين رسول الله صلى الله عليه وسلم أنها واجبة لأئمة المسلمين وعامتهم ..
إلا أن ثمة فرقا بين نظامي الحكم في البلدين؛ تجب مراعاته ونحن نتحدث عن الإصلاح السياسي؛
فالدولة المغربية تُمارس حكمها في إطار دستور يتضمن مبادئ الحكم وقواعده العامة، ويحدد صلاحيات مؤسسات الدولة وحقوق المواطن؛ بما فيها الحق في معارضة ما يراه مضرا بوطنه من تصرفات مؤسسات الحكم والسلطة ..
وعلى كل مغربي يهتم بمجال الإصلاح السياسي أن يحترم الدستور وقواعده ويحرص على التزام القوانين المفصلة لتلك القواعد؛ وهذا الاحترام يجعل ممارسته للسياسة منضبطة بقانون ينظمها وينأى بها عن الفوضى والعشوائية والعبث ..
أما في السعودية؛ فنظام الحكم لا يتبنى مفهوم المعارضة السياسية الديمقراطية التي تعمل من خلال البرلمان والصحافة والإعلام …؛ وإنما يتبنى منهجية نصيحة علماء الدين للحكام ومناصحة الدعاة للولاة، مع هامش صغير يتاح للصحافة والإعلام لنقد بعض المسؤولين من درجة معينة ..
هذا الفرق بين طبيعة النظامين؛ ينبغي أخذه بعين الاعتبار ..
وإذا كان واجب التقييم والرقابة والمحاسبة واجبا شرعيا في البلدين؛ فلا يلزم أن يكون ذلك بنفس الوسائل والآليات ..
بل إن هذا الفرق قائم بين دول الخليج نفسها؛ وعلى سبيل المثال: دولة الكويت من أول الدول العربية التي وضعت دستورا للحكم؛ وهو دستور متقدم ويفسح للمعارضة السياسية مجالا واسعا من خلال مجلس الأمة وغيره ..
إن الواقع السياسي للدولة السعودية، لا يسمح بتوظيف الآليات الديمقراطية في عملية الإصلاح، وليس من المنطقي ولا المشروع -في نظري- أن يشجع عوام المواطنين على الدخول في مواجهة مع الدولة والعلماء وسائر النخب؛ من خلال مظاهرات ووقفات لا تستند إلى قوانين منظمة؛ فهذا لا يعتبر آلية للإصلاح بقدر ما هو بث لأسباب الفوضى والاضطراب وزعزعة الاستقرار؛ وهذا ليس في مصلحة الوطن السعودي ولا الأمة الإسلامية ..
وختاما أؤكد بأن محورية علماء الدين في النظام السعودي؛ يطوق أعناقهم بمسؤولية عظيمة أمام الله تعالى وأمام الأمة:
1 فلا ينبغي لهم إقرار الفوضى والسكوت على ما يؤدي إلى زعزعة الأمن والاستقرار؛
كما تسعى لذلك تيارات تعمل لصالح أجندات توسعية؛ كالأجندة الإيرانية ..
2 وكذلك لا ينبغي لهم إقرار الفساد السياسي والسكوت على طغيان الاستبداد؛
كما تسعى لذلك التيارات المدخلية التي ترسخ عمليا تقديس الحكام وعصمتهم؛ وتؤمن بقول الله تعالى: {وأَطِيعُوا الله وأَطِيعُوا الرسول وأولي الأمر منكم}
ولا تؤمن عمليا بقوله سبحانه: {إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل}
فالأمران يضران بالسعودية؛ حكاما ومحكومين ..
وإذا كان علماؤنا في السعودية وفقهم الله لا يؤمنون بأهمية الآليات الديمقراطية التي تكفل حق المعارضة السياسية وربط المسؤولية بالمحاسبة؛ فليؤدوا واجبهم في تحقيق شيء من مبدأ الخلفاء الراشدين: “إذا استقمت فأعينوني وإذا اعوججت فقوموني”، “أحبكم إليّ من رفع إليّ عيوبي”، “لا خير فيكم إن لم تقولوا لي أخطأت” .. الخ.
أما أن نترك هذا وذاك ثم نزعم أننا على منهج السلف؛ فلا أدري عن أي سلف نتحدث؟!
ولا بأية شريعة نلتزم؟!
وإلا فإن رفع الحكام والمسؤولين فوق مستوى الرقابة والتقييم والتقويم؛ لا يشرع في أي قانون إنساني معتبر، فضلا عن شرع رب العالمين الذي قال رسوله الكريم عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم: “سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب ورجل قام إلى إمام جائر فأمره ونهاه فقتله”. صححه الألباني.
ننوه الى أن ما ننشره من مواد للسادة والسيدات العلماء والمفكرين والمثقفين والسياسيين، لا يلزم منه الاتفاق معهم في كل أفكارهم وآرائهم
Nous précisons que le contenu publié d'un tiers auteurs n'implique pas que nous sommes forcément d'accord avec l'ensemble de ses idées.
Designed by Khalil BI