تاريخ النشر : 11/09/2017
عدد المشاهدات : 1767
قراءة في كتاب:
“المعارضة السياسة للعلماء في التاريخ المغربي”
إعداد: حماد القباج
يسعدني أن أقدم لكم فقرات من الدراسة التي أنجزتها الأستاذة أمينة التوزاني وطبعتها في فرنسا باللغة الفرنسية تحت عنوان:
“المعارضة السياسة للعلماء في التاريخ المغربي“.
الحجم: متوسط
عدد الصفحات: 203
الناشر: LA CROISEE DES CHEMINS
تاريخ النشر: (septembre 2013)
“خلال السنوات التي تبعت الاستقلال، ركز المثقفون في المغرب على ما قام به الاحتلال الفرنسي من سرقة لأملاك المواطنين وثروات البلاد ..
لكن لم يُكتبْ كثيرا عن آثار نظام الحماية على الجانب الثقافي (بمعنى الهوية وأسلوب الحياة)”.
“الدولة ومؤسسات المغرب الحالية ليست مجرد رجوع إلى نظام الحكم المخزني الذي كان موجودا قبل الاحتلال؛ بقدر ما هي هيكل للحكم موروث من الماضي المغربي مع إدخال تعديلات وإضافات مشتقة من جذور غربية.
والعلماء قبل الاحتلال كانوا جزء لا يتجزأ من منظومة الحكم وقوة فاعلة في المشهد السياسي وفي هذا الهيكل”.
“القوة السياسية للعلماء كانت مبنية على الأخلاق الإسلامية والمبدأ القرآني المتعلق بالأمر والمعروف والنهي عن المنكر، الذي هو واجب على كل مسلم ومن باب أولى على العلماء.
هذا المبدأ كان يسمح للعلماء بالتدخل في جميع شؤون الحياة العامة -بما فيها الحياة السياسية-؛ لقول كلمة حق في حال كان الحكام غير عادلين”.
“يمكننا أن نقول بأن كليهما: استبداد السلطة والمعارضة؛ كانتا دائما جزءا من الواقع المغربي.
كلما تحولت السلطة إلى آلة قمعية، شكلت المعارضة السياسية باسم الإسلام تقليدا في تاريخ المغرب”.
“طوال فترة حكمه -وكما يتضح من مراسلات مولاي إسماعيل-؛ كان يقدم نفسه كسلطان يخاف الله ويطيع جميع أحكام الشريعة؛ فيأخذ شرعيته على أساس مبادئ قرآنية.
وكان يقول ويكرر: “لا أفعل شيئا إلا بموافقة العلماء؛ فهم أمناء الأحكام الشرعية وحراسها”.
“لقد رأينا أن العلماء كانوا يعيشون عيشة الشعب: خرجوا من جميع شرائح المجتمع، يمارسون عملهم في جميع المجالات. والأهم أنهم كانوا يجدون حلولا لإشكاليات الجماهير.
هذه الظروف جعلتهم قريبين من الواقع اليومي، وبالتالي كان لديهم دائمآ وعي ملموس وفوري بمشاكل الشعب.
هذا التقارب مع الناس هو الذي يميز العلاقة بين العلماء والشعب من علاقة الشعب مع المخزن، ويشكل الفرق بين “سلطتهم” وسلطة المخزن”.
“وبفضل اندماجهم في المجتمع، فقد احتل العلماء مكان توازن بين السلطة والشعب.
وإذا كان العالم حقا يريد احترام مبادئ الدين -وشرعيته تعتمد على ذالك-؛ يجب أن يحل مشكلة التماسك بين الإسلام والسلطة السياسية؛ لأن الدين أمره بالدفاع عن الحق والعدالة، والتنديد بفعل السلطان عندما ينتهك الأحكام الشرعية ويدفعه في هذه الحالة إلى أن يخشى و يتقي الله”.
“خلاصة الكتاب:
في مغرب ما قبل الحماية: إذا كانت السلطة العليا بيد السلطان فيما يتعلق بتنفيد الأحكام الشرعية؛ فإن العلماء المتخصصين في الشريعة الإسلامية هم فقط الذين كان عندهم شرعية لتفسير وتفصيل الأحكام الشرعية.
إن الإسلام الذي مثله بعض العلماء، شكل دائما الحل لتفادي أو تخفيض أثر الإستبداد؛ كلما تحولت السلطة إلى آلة قمعية، شكلت المعارضة السياسية باسم الإسلام تقليدا في تاريخ المغرب؛ كيف ما كانت قسوة التعامل وطابع الحكام والمنفدين.
لم يكن جميع هؤلاء العلماء منتجات نمطية لنظام تعليم راكد وغير قابل للتغيير يخدم مصالح السلطة، كما قدمه البعض.
بل على العكس من ذلك: كانوا رجالا يركزون على مشاكل وقتهم في إطار مبادئ الحرية والعدالة والإنصاف.
وحاولوا حلها وهم يرفعون عاليا المبادئ والقيم الإنسانية الموجودة في الإسلام، حتى لو كان الثمن للدفاع عنها هو حياتهم.
يجب أن نتذكر أن هذه المبادئ والقيم الإنسانية الإسلامية كانت دائما موجودة، حتى في أسوأ لحظات تاريخ البلاد؛ فخلال الحرب العالمية الثانية، لم يكن المغرب موجودا كدولة مستقلة – كان تحت نظام الحماية الفرنسية -، وعندما طلبت حكومة فيشي من سلطان المغرب بتسليم اليهود المغاربة لها، استشار السلطان العلماء وأصدروا فتوى بالإجماع توجب حماية اليهود المغاربة؛ وبفضل هذه الفتوى نجا اليهود المغاربة من التهجير والقتل”.
وسوم :السياسة والدين الفقهاء تاريخ المغرب عين على السياسة