تاريخ النشر : 27/06/2017
عدد المشاهدات : 1287
قرأ الإمام سورة الحشر
وما تضمنته من ثناء على المهاجرين والأنصار
وهذه السورة الكريمة نزلت في سياق حدث سياسي خطير؛ تمثّلَ في نقض يهود بني النضير لعهد التعايش الذي كان يجمعهم بالمسلمين في المدينة، وتواطئهم مع منافقي العرب لإسقاط الدولة الإسلامية الفتية ..
وكان ذلك كله في مدة كانت فيها الحرب قائمة بين المسلمين وقريش ..
وفي خضم هذا الواقع الشديد؛ ثَبَت المهاجرون والأنصار على عهدهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يترددوا في نصرته ومواجهة تلك التحديات والجبهات المتعددة ..
فاستحقوا المدح والثناء والتنويه من رب العالمين: {للفقراء المهاجرين الذين أُخْرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون}
لقد تَرَكُوا ممتلكاتهم وبيوتهم وأفراد عائلاتهم في مكة وهاجروا بدينهم مع النبي صلى الله عليه وسلم؛ وهذه التضحية هي أمارة صدقهم فيما يدعون من إيمان وتدين ..
ووجدوا في استقبالهم إخوانهم الأنصار الذين قال الله عنهم: {والذين تبوأوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في أنفسهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة}
لقد آووا المهاجرين وتآخوا معهم وفق ثلاثة مبادئ ذكرها كتاب السيرة: الحق / المساواة / الإيثار
وفي ذلك أخبار ومواقف تتعشق النفوس سماعها ..
وقد كان عددهم 50 رجلا وامرأة، كما هو عدد المهاجرين أيضا ..
هؤلاء هم سادة السلف الصالح لهذه الأمة الذين قدموا نموذجا مشرقا للإيمان الصادق، وطاعة الله ورسوله، والتحلي بمكارم الأخلاق؛ من صدق ووفاء وبذل وإيثار وتضحية وأخوة إيمانية حقيقية ..
لذا نزلت آيات القرآن الكريم تخبر عن رضا الله عنهم، وتشهد بصحة إيمانهم وطريقة فهمهم للدين وتجسيده في واقع الفرد والمجتمع والدولة ..
قال الله تعالى سورة التراويح بعد ذكر المهاجرين والأنصار: {والذين جَاءُوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا}
وهذه هي السلفية في المفهوم القرآني:
11 دوام استحضار فضل أولئك السلف ومواقفهم العظيمة؛ من خلال إشراكهم في دعاءك: {ربنا اغفر لنا ولإخواننا}
فيستحب منك كلما دعوت لنفسك وأحبابك وأمتك؛ أن تدعو لهم ..
وبهذا تبقى دائما مستحضرا لمواقفهم وفضائلهم ..
2 الاقتداء بمنهجهم في العمل بشرائع الإيمان: {الذين سبقونا بالإيمان}
وهذه إشادة قرآنية بإيمانهم؛ تتضمن شهادة بصحة منهجهم الإيماني (منهج التدين) ..
33 الاقتداء بأخلاقهم القائمة على تطهير القلب من الغل والحقد المؤديان إلى الكراهية والتنازع والتطاحن: {ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا}
فإذا طهر الله قلبك من الغل والغش للمسلمين؛ سهل عليك ترجمة الأخوة الإيمانية إلى أخلاق البذل والإيثار والتضحية ..؛ وأمثالها من الأخلاق التي ترتقي بها الأوطان والأمم ..
والخلاصة أن السلفية ليست هي: الإفراط في بعض أحكام الدين؛ كإعفاء اللحية وطاعة ولي الأمر، والتفريط في أخرى؛ كحجز الظالم عن الظلم ومقاومة الفساد ومدافعة الفاسدين ..
بقدر ما هي: “الاجتهاد في تجسيد أخلاق المهاجرين والأنصار، واتباع منهجهم في فهم الدين والعمل به، وما ينبثق عن ذلك من منهج شمولي في الدعوة والإصلاح”.
ليلة الخميس 27 رمضان 1438
وسوم :من وحي التراويح
ننوه الى أن ما ننشره من مواد للسادة والسيدات العلماء والمفكرين والمثقفين والسياسيين، لا يلزم منه الاتفاق معهم في كل أفكارهم وآرائهم
Nous précisons que le contenu publié d'un tiers auteurs n'implique pas que nous sommes forcément d'accord avec l'ensemble de ses idées.
Designed by Khalil BI