تاريخ النشر : 27/06/2017
عدد المشاهدات : 1035
تلا الإمام سورة المجادلة: {قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله والله يسمع تحاوركما …} الآيات
وأبرز ما يلفت الانتباه فيها: الطريقة التي تم التعامل بها مع امرأة طالبت بحقها ..
وهذه المرأة اسمها خولة؛ وكانت قد تعرضت لإحدى تلك المعاملات الاحتقارية التي اعتادها أهل الجاهلية مع النساء؛ وهي أن الرجل يقول للمرأة: (أنت علي كظهر أمي)؛ ومعناه أنه يبقيها زوجة له ويحرمها من أحد حقوقها الأساسية (حق الفراش)، ثم يذهب هو يتمتع بذلك الحق في إطار علاقات أخرى ..
وهو ما دفع خولة إلى الاحتجاج على هذا السلوك المضر بالمرأة والقائم على اعتقاد دونيتها؛ ورفع شكوى إلى رئيس الدولة للمطالبة بقانون يضع حدا لذلك السلوك ..
وهذا الموقف يعطينا معيارًا لمدى نضج المسألة الحقوقية في الدولة الإسلامية الأولى؛ وأن التشريع الإسلامي أولى حقوق المرأة الأهمية المطلوبة؛ ونستشف هذه الحقيقة من خلال المعطيات التالية:
11 كون هذه المرأة تسعى لرفع شكوى إلى أعلى سلطة؛ يدل على أن الدولة تبنت المسألة الحقوقية ورسختها إلى درجة شجعت النساء على المطالبة بحقوقهن؛ وأضحى معروفا عندهن بأن المرأة يمكن أن تطالب بما تراه حقا لها ..
22 التشريع الإسلامي ضمن للمرأة حقوقها السياسية من خلال تشريعات؛ منها: ضمان “حرية التعبير عن الرأي”، وضمان “القدرة على المطالبة بالحقوق” والترافع عليها ..
33 وقد رأينا كيف أن رأس الدولة فتح بابه وقبِلَ أن تترافع امرأة أمامه عن حقها؛ بل إنه سمح لها بمحاورته ومجادلته؛ أي مناقشته والأخذ والرد معه في الكلام، مع أنه رسول الله؛ فهو في أعلى مراتب الزعامة الدينية والدنيوية، ويقبل بذلك ..
بل إن تسمية السورة: المجادلة؛ فيه تأكيد لأهمية هذا الأمر ..
44 الأكبر من ذلك كله؛ أن الله عز وجل تحدث عن هذا اللقاء في قرآنه الكريم، وأقر المرأة على ذلك الموقف، بل أنزل سبحانه تشريعا يحظر بموجبه سلوك الظهار ويعتبره منكرا وزورا، ويشرّع عقوبة لمن أقدم عليه بعد ذلك الحظر، والعقوبة هي أعلى درجات الكفارة.
وفي هذا الفعل الإلهي توجيه للدولة الإسلامية؛ يلزمها بأمرين هامين:
أ- أن إكرام المرأة لا ينبغي أن يقتصر على الجوانب المعنوية والأخلاقية؛ بل يجب أن يشمل الجانب التشريعي وسن القوانين التي تضمن حقوقها ..
ب- يجب على الدولة أن تضمن للمرأة الحق في التعبير عن رأيها وتبليغ مطالبها والترافع عنها؛
وهو ما جسدته السنة النبوية وسنة الخلفاء الراشدين التي ألزمنا الشرع باتخاذها منهجا في الحكم؛ فقد ثبت أن خولة اعترضت طريق عمر رضي الله عنه ذات يوم وجعلت تنصحه فيما يتعلق بطريقة تسييره للدولة، وهو مطأطأ رأسه ينصت إليها، وكان معه وفد هام فيه شخصيات كبيرة؛ فاحتج أحدهم على عمر وقال له: كيف تجعل هذه الشخصيات تنتظر من أجل أن تستمع إلى امرأة؟
فقال: “كيف لا أستمع لها وقد استمع إليها الله من فوق سبع سماوات”؟؟
وهذا يدل على أن الدولة الإسلامية الأولى فهمت هذا التوجيه الإلهي وطبقته بالحرف؛ وبهذا بلغت المسألة الحقوقية تقدما هاما لم يزل يتراجع -مع الأسف- عبر تاريخ الأمة ..
ليلة الخميس 27 رمضان 1438
وسوم :من وحي التراويح
ننوه الى أن ما ننشره من مواد للسادة والسيدات العلماء والمفكرين والمثقفين والسياسيين، لا يلزم منه الاتفاق معهم في كل أفكارهم وآرائهم
Nous précisons que le contenu publié d'un tiers auteurs n'implique pas que nous sommes forcément d'accord avec l'ensemble de ses idées.
Designed by Khalil BI