تاريخ النشر : 27/06/2017
عدد المشاهدات : 1311
تلا الإمام سورتي الرحمن والواقعة …
وموضوعهما الأبرز هو وصف نعيم الجنة وتنبيه الإنسان ليجعل السعي إليه أولوية في حياته ..
والجنة هو الاسم القرآني للنُّزُلِ الذي أعده الله لتمتيع المؤمنين بأنواع فخمة ورائعة من النعيم .. وتشغل الجنة حيزا ضخما جدا فوق السماوات؛ كما يؤكد ذلك قول الله تعالى: {جنة عرضها السماوات والأرض}.
وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح بأن ارتفاعها يبلغ: “مائة درجة ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض”.
وقد ذكرت سورتا التراويح الحقائق الأساسية التي تتعلق بهذا النزل الهائل الذي هو أحد تجليات العظمة الإلهية:
الحقيقة الأولى: “الجنة حق؛ ولا يقبل المنطق التكذيب بها”
ولذلك ذكر الله تعالى في أول سورة الرحمن وآخر سورة الواقعة: خلق السماوات والأرض وما فيهما؛ ليكون برهانا على قدرته على خلق مثل ذلك النزل الهائل:
{والسماء رفعها … والأرض وضعها للأنام} (الرحمن)
{خلق الإنسان من صلصال كالفخار} (الرحمن)
{مرج البحرين يلتقيان ..} (الرحمن)
{أفرأيتم الماء الذي تشربون أأنتم أنتزلتموه من المزن أم نحن المنزلون} (الواقعة)
{أفرأيتم النار التي تورون أأنتم أنشأتم شجرتها أم نحن المنشئون} (الواقعة)
لذا كرر الله تعالى قوله في سورة الرحمن: {فبأي آلاء ربكما تكذبان}؟!
فليس من المنطقي أن تكذبوا بأي نوع من أنواع النعيم يخلقها الله وأنتم تشاهدون خلق الله وما فيه من إبداع وعظمة ..
الحقيقة الثانية: “نعيم الجنة هو منتهى الجمال والكمال المخلوق”
فهو على القدر الأكبر والأعلى من الفخامة؛ وليس في الجنة مما في الدنيا إلا الأسماء؛ أما المسميات فلا يعرف حقيقتها الان إلا الله ومن شاء من رسله ..
نعيم الجنة من تجليات ما يتصف به ربنا من صفات الرحمة والجود والكرم..؛ وهي صفات كمال لا نقص فيها ..
وكذلك ما يصدر عن تلك الصفات من أفعال؛ كخلق الجنة؛ فما دامت خلقت للإنعام فسيكون ذلك الإنعام كاملا ..
ولعله لهذا سميت السورة باسم الله: الرحمن ..
وجمال التنعم وكماله يشمل النعيم والمنعم به عليه؛ فالإنسان يكون على قدر هائل من الجمال والكمال الخِلقي الذي يؤهله للتلذذ بأنواع النعيم على الوجه الأكمل ..
والنعيم كذلك بالغ الجمال والكمال؛
فمثلا وصف الله تعالى فُرُش الأسرة بقوله: {بطائنها من استبرق}
والإستبرق نوع فاخر من الحرير؛ فإذا كان هذا باطنها؛ فكيف سيكون ظاهرها؟؟
وفي وصف جمال النساء: {كأنهن الياقوت والمرجان}(الواقعة)
وهو حال الرجال كما بينه رسول الله صلى الله عليه وسلم ..
وارتباطا بهذه الحقيقة؛ نستطيع أن نقول بأن نِعَم الدنيا هي نماذج مصغرة ومختزلة جدا لأصناف نعيم الجنة:
المشروبات / الأطعمة / اللذة / المساكن / اللباس / الجمال / الحب / الجماع والمتعة الجنسية ..
الحقيقة الثالثة: “نعيم الجنة خالص ومجرد من المنغصات” فالخمر مثلا في هذه الحياة الدنيا لها أعراض؛ من صداع الرأس وكثرة التبول وأحيانا التقيأ ..
أما خمر الجنة فوصفها الله تعالى بقوله: {لا يصدعون عنها ولا ينزفون} (الواقعة)
فهي لا تسبب صداعا ولا نزيفا ..
وهكذا كل ما يُتلذذ به؛ ليس فيه منغص؛ فالطعام لا يتحول جزء منه إلى غائط، والأشربة تستحيل بعض مكوناتها عرقا يرشح بريح المسك ولا تصير بولا، والمتعة الجنسية لا تنقطع بالقذف والارتخاء؛ بل تبقى أعضاؤها منتصبة ما شاء الرجل والمرأة، وعرق المشي والرياضة لا يضايق صاحبه بل هو منعش وطيب الرائحة …
الحقيقة الرابعة: نعيم الجنة دائم لا ينقطع
قال تعالى: {يطوف عليهم ولدان مخلدون} (الواقعة)
وقال سبحانه: {لا مقطوعة ولا ممنوعة} (الواقعة)
وفي سُوَر أخرى: {أكلها دائم وظلها} {وهم فيها خالدون}
الحقيقة الخامسة: “نعيم الجنة درجات عظيمة التفاوت”
قال تعالى في سورة الرحمن: {ولمن خاف مقام ربه جَنَّتَان} ثم قال: {ومن دونهما جنتان}
وفي سورة الواقعة قسم أهل الجنة إلى المقربين وأصحاب اليمين ..
وهذا التفاوت موجود في كل أنواع النعيم؛ بما في ذلك عيون البساتين: {عينان تجريان} {عينان نضاختان}
ولا أدري هل يحصل تفاوت في الدرجات في أعظم نعيم في الجنة: “النظر إلى وجه ربنا العظيم”؟
وقد سبق تفسير السنة وتفصيلها؛ وأن الجنة 1000 درجة؛ وَلَو حاولت أن تقارن بين تصنيفات نُزُل أفخم فنادق هذه الحياة الدنيا، ودرجات نزل الجنان مثلا؛ فلن تجد مجالا لتلك المقارنة ..
وأعلى تلك الدرجات اسمه: الفردوس، وسقفه هو عرش الرحمن جل في علاه ..
اللهم إنَّا نسألك الجنة وما قرب إليها من قول وعمل ونعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول وعمل.
اللهم ارزقنا لذة النظر إلى وجهك الكريم ..
ليلة الأربعاء 26 رمضان 1438
وسوم :من وحي التراويح
ننوه الى أن ما ننشره من مواد للسادة والسيدات العلماء والمفكرين والمثقفين والسياسيين، لا يلزم منه الاتفاق معهم في كل أفكارهم وآرائهم
Nous précisons que le contenu publié d'un tiers auteurs n'implique pas que nous sommes forcément d'accord avec l'ensemble de ses idées.
Designed by Khalil BI