تاريخ النشر : 27/06/2017
عدد المشاهدات : 1308
تلا الإمام سُوَر محمد والفتح والحجرات ..
والتي تناولت بشكل دقيق موضوع: “ضعف الإيمان” ..
وهو من أخطر الأحوال المرضية التي يمكن أن يصاب بها قلب الإنسان المسلم ..
فقضية الإيمان قضية مبدأ ينبغي أن يكون في مقدمة المبادئ الراسخة عند المسلم الصادق؛ وهو ما يتنافى مع ما يقع فيه بعض المسلمين من تذبذب وتردد وتأرجح في المواقف بين المبدأ والمصلحة؛ لعدم رسوخ الأول في قلوبهم: {قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم} (الحجرات)
فهناك ناس يقتنعون بحجة الإسلام، لكن يترددون في الالتزام به كمبدأ لدوافع مصلحية؛ كما هو حال أولئك الأعراب الذين أمرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يخرجوا معه للعمرة في السنة السادسة للهجرة؛ فترددوا خشية أن تقاتل قريش المسلمين فيلحقهم ضرر:
{سيقول لك المخلفون من الأعراب شغلتنا أموالنا وأهلونا فاستغفر لنا يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم}
فكشف الله ما في قلوبهم بقوله:
{بل ظننتم أن لن ينقلب الرسول والمؤمنون إلى أهليهم أبدا وزين ذلك في قلوبكم وظننتم ظن السوء وكنتم قوما بورا} (الفتح)
فقد ظنوا أن قريشا ستقاتل المسلمين وتتبعهم بأنواع الأذى؛ ولن يرجعوا إلى المدينة؛ وظنوا بأن الله لن ينصرهم كما وعدهم!
وهكذا تسلل إلى قلوبهم ظن السوء كما هو حال المنافقين الذين وصفهم الله بأنهم {الظانين بالله ظن السوء}
قال سبحانه: {عليهم دائرة السوء وغضب الله عليهم ولعنهم وأعد لهم جهنم وساءت مصيرًا} (الفتح)
فظن السوء هو الظن بأن الله تعالى لن ينصر عباده المؤمنين؛ فبين الله تعالى بطلان هذا الظن؛ وأن هذا النصر مشروط وأنه في إطار الابتلاء للتمحيص؛ قال سبحانه: {ولو شاء الله لانتصر منهم ولكن ليبلو بعضكم ببعض}
وقال: {يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم} (محمد)
فوعد الله بالنصر لا يتخلف إلا إذا فقدت شروطه ..
وقد بين القرآن أن ضعاف الإيمان يتمسكون بالمبدأ حين تكون لهم فيه مصلحة مادية: {سيقول لك المخلفون إذا انطلقتم إلى مغانم لتأخذوها ذرونا نتبعكم} (الفتح)
وهؤلاء قد يظهرون حماسة الإيمان في حال الرخاء؛ لكن حين يأتي تكليف شرعي هام يستثقلونه: {ويقول الذين آمنوا لولا أنزلت سورة فإذا أنزلت سورة محكمة وذكر فيها القتال رأيت الذين في قلوبهم مرض ينظرون إليك نظر المغشي عليه من الموت فأولى لهم طاعة وقول معروف} (الفتح)
{ها أنتم هؤلاء تدعون لتنفقوا في سبيل الله فمنكم من يبخل} (محمد)
وتأمل كيف وصف الله حالهم بأنها مرض؛ فهو مرض خطير؛ يدفع أصحابه إلى المداهنة في المبدأ؛ فيقولون {للذين كرهوا ما نزل الله سنطيعكم في بعض الأمر}
(محمد)
أي: أنهم يأخذون ببعض شرائع الإيمان ويردون أخرى لا تخدم مصالحهم ..
إن ضعف الإيمان حالة مرضية خطيرة تؤدي إلى تبخره من القلب كلية؛ حيث تؤدي إلى التولي (التراجع عن الإيمان) ثم الردة عنه والعياذ بالله: {وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم}
{فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم أولئك الذين لعنهم الله وأعمى أبصارهم} (محمد)
{إن الذين ارتدوا على أدبارهم من بعد ما تبين لهم الهدى الشيطان سول لهم} (محمد)
فمرض ضعف الإيمان له عرَضان ذكرتهما سُوَر التراويح:
1 تغليب المصلحة الدنيوية على المبدأ الإيماني
2 ظن السوء
وهذان المرضان سرطانيان يؤديان إلى موت القلب: (التولي
/ الردة).
ولذلك عالج القرآن تلك الحال بصرامة؛ مؤكدا أن الإيمان لا يقبل تذبذب الشكوك والأوهام: {إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ولم يرتابوا} (الحجرات)
وما دام بنيان الإيمان قام على الحجة والبرهان؛ فلا ينبغي الانسياق مع الوساوس والشبهات التي تجر المسلم لجعل دنياه أولى من إيمانه، وجعل قلبه يظن بالله ظن السوء ..
اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان واجعلنا من الراشدين
ليلة الثلاثاء 25 رمضان 1438
وسوم :من وحي التراويح
ننوه الى أن ما ننشره من مواد للسادة والسيدات العلماء والمفكرين والمثقفين والسياسيين، لا يلزم منه الاتفاق معهم في كل أفكارهم وآرائهم
Nous précisons que le contenu publié d'un tiers auteurs n'implique pas que nous sommes forcément d'accord avec l'ensemble de ses idées.
Designed by Khalil BI