تاريخ النشر : 27/06/2017
عدد المشاهدات : 1093
تلا الإمام سورة إبراهيم ومنها قوله تعالى على لسان نبي الله إبراهيم: {ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون}
سيدنا إبراهيم هو إمام الرسل وأبو الأنبياء عليهم السلام، ويتميز عن البشر كلهم وعن جميع الأنبياء والرسل؛ بأن الله تعالى اتخذه خَلِيلا ..
والخلة درجة عالية من المحبة.
فالله تعالى أحب كثيرا من عباده وخلقه؛ من الرسل والأنبياء والأولياء والملائكة ..
لكن أحدا لم يصل عند الله إلى درجة الخلة؛ إلا سيدنا إبراهيم وحفيده سيدنا محمد عليهما الصلاة والسلام ..
ومن الواضح أن الخليل عليه السلام وصل إلى تلك الدرجة عند ربه؛ لأنه كان:
1 أعظم الناس إيمانا بالله وتوحيدا له وتوكلا عليه
2 أكبر دعاة التوحيد في تاريخ البشرية؛ وقد ضحى بنفسه مرات في سبيل هذه الدعوة التي تنَقَّلَ حاملا لها بين الشام والعراق والحجاز ..
وفي أرض الحجاز أسس أقدم مسجد وضع لعبادة الله تعالى، وشرع الله على لسان رسوله محمد السفر إليه وجعل الصلاة فيه مضاعفة الثواب: 100000 مرة ..
وقد واجه الخليل في سبيل الدعوة إلى الله؛ أقواما عديدين وملوكا جبابرة؛ منهم النمرود بن كنعان ملك بابل الذي نظم مشهدا مهولا لقتله أمام آلاف الناس بالحرق؛ لكن القدرة الربانية جعلت النار بردا لصدق وشدة توكل الخليل على ربه ..
3 أكثر الناس طاعة لله وامتثالا لأمره؛
وفي آية التراويح نقل الله تعالى عنه قوله: {ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم}
فمع حبه الشديد لزوجته هاجر، ومع كونها حاملا بأول ولد له بعد طول انتظار ..؛ مع ذلك كله سافر بهما إلى صحراء مكّة، وتركهم في ذلك المكان الذي لا زرع فيه ولا ضرع، ولا شجر ولا حجر ..
وهذا من أعظم نماذج الانقياد لله بالطاعة ولو على حساب العاطفة العميقة وهوى النفس ..
وأوضح منه في معنى الطاعة والامتثال ..؛ موقفه من الأمر بذبح ابنه إسماعيل؛ الذي طال انتظاره له؛ وولد له وهو ذو 80 سنة، وأحبه حبا شديدا وترعرع وصار شابا يُنتظرُ منه مساعدة والده الكبير السن .. مع ذلك كله لما أُمِر بذبحه امتثل ..
وبهذا صار إبراهيم وهاجر وإسماعيل أعظم النماذج البشرية لطاعة الإنسان لربه؛ فخلد الله ذكرهم ومواقفهم في الامتثال؛ بشعائر جعلها من أركان الدين (الحج) ..
وفي آخر الشرائع السماوية: المسلم مطالب بالذهاب إلى مكة والتنقل بين طواف البيت وسعي الصفا والمروة ومنى ومزدلفة .. كل ذلك لتبقى الذاكرة دائمة الاستحضار لمواقف هذا النبي الكريم الذي بلغ أعلى رتبة يمكن أن يصلها الإنسان ..
وسيبقى تاريخه بوابة ومدرسة لمن أرادوا بلوغ درجة “الحب الإلهي” ..
اللهم أحينا وأمتنا على ملة أبينا إبراهيم ودين نبينا محمد عليهما السلام ..
اللهم بحبنا لسيدنا إبراهيم وسيدنا محمد: تفضل علينا وأكرمنا بحبٍّ ترضى به عنا رضا لا سخط بعده أبدا ..
حماد القباج
ليلة الخميس 13 رمضان 1438
بالمسجد النبوي بالمدينة المنورة
وسوم :من وحي التراويح
ننوه الى أن ما ننشره من مواد للسادة والسيدات العلماء والمفكرين والمثقفين والسياسيين، لا يلزم منه الاتفاق معهم في كل أفكارهم وآرائهم
Nous précisons que le contenu publié d'un tiers auteurs n'implique pas que nous sommes forcément d'accord avec l'ensemble de ses idées.
Designed by Khalil BI