القضاء والإفلات من العقاب في السلوك الإنساني

تاريخ النشر : 8/06/2017

عدد المشاهدات : 702

من وحي التراويح 1438 / (الليلة الخامسة)

القضاء والإفلات من العقاب في السلوك الإنساني

تلا الإمام قول الله تعالى من سورة النساء: {ها أنتم هؤلاء جادلتم عنهم في الحياة الدنيا فمن يجادل الله عنهم يوم القيامة أمن يكون عليهم وكيلا}

في هذه الحياة يرتكب الإنسان في حق الإنسان مظالم كبيرة؛ من قتل وتشريد وابتزاز الأموال وانتهاك الأعراض وإهدار الحقوق ومصادرتها …
وقد كلّف الله تعالى الدول والحكام بإقامة العدل ومعاقبة الظالمين؛ للحد من انتشار الظلم وانتهاك الحقوق؛ من هنا شرع الله لعباده أن تقيم دولهم وتجمعاتهم سلطة القضاء، وأمر القضاة بالحكم بالعدل والحق، وتوعد من يتعمد الظلم أو يتهاون بالحقوق بالعقوبة، وتعارف الناس على ذلك عموما ..
ومع ذلك؛ كثيرا ما ينجو الظالم والمجرم بسبب:
1 انحراف القاضي
2 أو انحراف السلطة السياسية التي تشرف على السلطة القضائية
3 أو عجز السلطة السياسية عن ضمان عدالة القضاء بسبب خضوعها لسلطة مهيمنة؛ كما هو حال كثير من الأنظمة السياسية اليوم مع الدول المهيمنة على النظام العالمي الجديد والتي تتدخل في سلطة كثير من الدول لضمان إفلات من تريد من العقاب؛ كما فعلت مع طاغية سوريا الذي طغا في البلاد وأكثر فيها الفساد؛ بقتل وتشريد وانتهاك حقوق الآلاف من الناس ..
وفي تلك الصور الثلاثة يكون الإنسان (قاضيا أو حاكما) مجادلا عن الظالم؛ يعمل على إفلاته من العقاب بأنواع التأويلات والجدالات ..
وهناك صورة رابعة يكون فيها الإنسان وكيلا للظالم؛ يدافع عنه أمام القضاء؛ وهو ما يحصل اليوم من المحامين الذين لا يخافون ربهم ولا يحترمون ضميرهم ..
هذا في الدنيا .. أما في الآخرة؛ فلا يفلت ظالم بظلمه ولا يجد من يجادل عنه ولا من يكون عليه وكيلا ..
وقد بينت الآيات قبل آية التدبر؛ أن الدولة التي تحكم بالشرع الإلهي مأمورة بضمان استقلال القاضي وقدرته على الحكم بالعدل ومنعه من الجدال عن الظالم؛
قال تعالى: {إنَّا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ولا تكن للخائنين خصيما … ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم إن الله لا يحب من كان خوانا أَثِيما}

حمّاد القباج

ليلة الأربعاء 5 رمضان 1438
بالمسجد الحرام بمكة المكرمة

وسوم :التدبر من وحي التراويح