تاريخ النشر : 8/06/2017
عدد المشاهدات : 659
من وحي التراويح 1438 / (الليلة الثانية)
تمَلُّصُ الإنسان من الأوامر الإلهية
قرأ الإمام اليوم قصة بني إسرائيل مع البقرة ..
وسورة البقرة كغيرها من سُوَر القرآن العظيم: ركزت على قضية: “طاعة الإنسان لله”؛ بصفته سبحانه الخالق الرازق المحيي المميت؛ وهو ما يلزم منه كون الحال الطبيعية لعبده الإنسان هي: العيش في إطار طاعة الله وامتثال أوامره ..
وحسبك في إدراك تعظيم السورة لهذه القضية: أن تقرأ الآيات الثلاثة التي ختمت بها هذه السورة ..
والتي قال فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم: “أعطيت خواتيم سورة البقرة من تحت العرش”.
فكونها نزلت من تحت العرش: يتضمن إشارة إلى أن الطاعة الكاملة والامتثال الشامل يجب أن يكون لصاحب الملك المطلق ذي العرش المجيد سبحانه وتعالى ..
ولكون هذه القضية: “طاعة الإنسان لله”؛ محورية في السورة؛ سميت: سورة البقرة ..
وقد ذكر الله تعالى قصة بني إسرائيل مع البقرة؛ نموذجا لتملص الإنسان من أوامر الله وتحايله عليها: {وإذ قال موسى لقومه إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة}
فعبروا عن نية التملص بتعجب بارد: {أتتخذنا هزؤا}؟!
وهل يقول هذا من يتأدب مع رسل الله؟!
ولقد كان يكفيهم أن يذبحوا أي بقرة ..
لكن شحهم بهذا القدر اليسير من المال؛ جعلهم يحاولون التملص من الأمر: {ما هي؟ .. ما لونها؟ .. البقر تشابه علينا ..}
وقد كشف الله تعالى أن همهم كان هو التملص بقوله سبحانه: {فذبحوها وما كادوا يفعلون}.
وبسبب هذا التعنت: شدد الله عليهم في عدد من التكاليف ..
ولما كان صحابة هذه الأمة من أهل الامتثال للأوامر الإلهية؛ أكرمهم الله برفع الآصار والأغلال التي كانت على أهل التملص:
{… وقالوا} أي: الصحابة {سمعنا وأطعنا ….. ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به …}.
قال الله تعالى: “قد فعلت”.
وفي التحذير من حال أهل التملص والتحايل على أمر الله؛ قال نبينا صلى الله عليه وسلم: “إذا تبايعتم بالعينة … وأخذتم بأذناب البقر … سلط الله عليكم ذلا لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم”.
وفي الحديث إشارة إلى ما تلبس به كثير من المسلمين من محاولة التملص من الأوامر الإلهية بأنواع الحيل والتأويلات؛ كتسمية الخمر مشروبا روحيا وأنه لا بأس بقليل منها بعد صلاة العشاء، وأن العمل عبادة يعفي صاحبه من أداء الصلاة في الوقت، وأن المراد بالحجاب هو المحافظة على الشرف، وأن فوائد البنوك ترويج اقتصادي وليس ربا، وأن الزنا المحرم هو الاغتصاب، وأن اللواط والسحاق هما حالة بيولوجية هرمونية لا إثم على أصحابها ..
ونحو ذلك من أمثلة تحايل بعض المسلمين على أحكام دينهم؛ وهم بهذا يتبعون بني إسرائيل في انحرافاتهم؛ مصداقا لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لتتبعن سَنَن من كان قبلكم شبرًا بشبر .. حتى لو كان فيهم من يأتي أمه أمام الناس لكان منكم من يفعل ذلك”.
خاطرة:
قوله عليه السلام: “.. وأخذتم أذناب البقر” معناه: حرصهم على المال والشهوات لدرجة الذل؛ (إمساك الإنسان بذنب البقرة استعارة للتعبير عن مبالغته في تتبع المال والشهوة لدرجة الذل).
وهذا ذم لمن تعيقه الدنيا عن امتثال أوامر الله، وتدفعه إلى التحايل عليها والتملص منها ..
وتأمل ذكر البقرة في الآيات والحديث تظهر لك مناسبة لطيفة ..
حمّاد القباج
ليلة الأحد 2 رمضان 1438
بمراكش
ننوه الى أن ما ننشره من مواد للسادة والسيدات العلماء والمفكرين والمثقفين والسياسيين، لا يلزم منه الاتفاق معهم في كل أفكارهم وآرائهم
Nous précisons que le contenu publié d'un tiers auteurs n'implique pas que nous sommes forcément d'accord avec l'ensemble de ses idées.
Designed by Khalil BI