تاريخ النشر : 21/10/2016
عدد المشاهدات : 3082
لقمش وطغيان الهوس الجنسي
بقلم: حمّاد القباج
ما أقدم عليه المدعو عبد الكريم لقمش من إساءة الأدب مع النبي صلى الله عليه وسلم -فداه أبي وأمي-؛ إلى درجة فتح الباب لوصفه بأنه كان “زير نساء”، وأنه استغل زعامته الدينية من أجل إشباع رغباته ونزواته الجنسية، وأنه كان مكبوتا (وعقلو ف عضوو التناسلي)!
هذا البوح الأرعن الزنديق الذي أقدم عليه عدد من السفهاء؛ هو حلقة من حلقات مستمرة عبر التاريخ تهدف إلى زعزعة الثوابت الدينية في نفوس المؤمنين، ومحاولة إسقاط المقدس من قلوبهم ..
وهذا يشمل العقيدة في الله تعالى ورسله وملائكته ودينه وشرائعه ..
قال الله تعالى: {كَذَٰلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِن قَبْلِهِم مِّن رَّسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ (52) أَتَوَاصَوْا بِهِ ۚ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ (53) فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَمَا أَنتَ بِمَلُومٍ (54) وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَىٰ تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ (55)}
فالإنسان حين يطغى ويتجاوز حد عبوديته لربه؛ يتمرد على خالقه ويتطاول على ما فرض عليه الإيمان به واحترامه .. وهؤلاء الطغاة يتواصون بذلك السلوك؛ أي يوصي بعضهم بعضا ويشجع بعضهم بعضا لاقتحام المسكوت وتدنيس المقدس ..
وأمام هذا السلوك الأرعن يتعين أداء واجبات شرعية؛ منها: تذكير المؤمنين بفضل رسول الله صلى الله عليه وسلم ومنزلته عند ربه وبراءته من النقائص والعيوب التي نسبها إليه الطغاة ..
الطاغية اليوم هو المدعو: عبد الكريم لقمش الذي ينتمي إلى منظومة إعلامية وسياسية تواصى أصحابها واتفقوا على إنتاج خطاب يستهدف الدين والتدين في المجتمع المغربي؛ وذلك من خلال أساليب .. منها: التشكيك في أركان الإيمان وزعزعة الثوابت الدينية في نفوس المؤمنين ..
وهو ما قام به لقمش بتشكيكاته الخرقاء في الصحيحين، وإيهامه ما لا يليق بالمقام النبوي الشريف ..
ومثل هذا الخطاب يفرض على حماة الدين وحراس العقيدة إنتاج خطاب مقابل يسهم في تحصين المؤمنين لا سيما الشباب المتواضع المعرفة بحقائق الإيمان ورواسخ العقيدة:
الطاغية لقمش اختار من أسباب الشقاء أن يردد ما افتراه عدد من المستشرقين؛ من كون الصحيحين وصفا رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه يعاني من (الهوس الجنسي)، ويقدمون عنه صورة رجل فحل لا هم له سوى ممارسة الجنس!
ويستدلون على ذلك بعدد النساء اللاتي تزوج بهن؛ والذي يفوق العشرة ..
والهوس الجنسي هو نوع من الجنون الذي يشمله قول الله تعالى: {إلا قالوا ساحر أو مجنون}.
إن من أسباب حديث البعض عن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذا الأسلوب واتهامه بذلك النوع من الجنون؛ معاناتهم الحادة من مرض الإباحية الجنسية الذي يجعلهم مهووسين بالجنس؛ إلى درجة تفسير كل سلوك له ارتباط بهذا الموضوع بالهوس والإباحية الجنسيين ..
وتفشي هذا المرض هو ما جعل اليهودي (سيكموند فرويد) يجعل التفسير الجنسي هو المحدد لكل سلوك إنساني ..
فتضخم الشهوانية الجنسية قد يؤدي بصاحبه إلى اتهام كل صاحب علاقة جنسية بأن الجنس هو كل شيء في حياته؛ وقد يصل البعض إلى درجة التطاول على مقام النبوة المشَرّف بمثل ذلك الاتهام، لا سيما إذا كانت تقف من وراءه جهة تستهدف المقدسات الدينية وتشجع من يقدم على ذلك ..
ولصد هذا الاستهداف الهجين بالحجة العقلية أقول:
المتتبع لسيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلم باليقين بأنه لم يكن مهووسا بالجنس كما افترى ذلك مرضى النفوس؛ وبراهين ذلك اليقين ثلاثة:
الأول: هديه صلى الله عليه وسلم في التعبد الذي يدل على ارتباطه الوثيق بالله جل وعلا؛ وأن هذا الارتباط كان هو شغله الشاغل:
يصلي بالمسلمين الفرائض ويطيل جدا في قيام الليل ويكثر الصيام وتلاوة القرآن ويذكر الله في كل أحيانه وأحواله ..
بالإضافة إلى أنواع العبادات الأخرى التي كان يتقرب بها إلى الله؛ من تعليم وسياسة الدولة وجهاد وزيارة للمرضى وتشييع للموتى .. إلـخ.
وقد بقي هذا حاله إلى أن لقي الله تعالى ..
فهذه الصورة المتواترة من سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ تبطل ادعاء أن همه كان هو النساء والجنس ..
البرهان الثاني:
أنه عليه السلام تزوج خديجة رضي الله عنها وهو ابن خمس وعشرين سنة وهي ابنة أربعين؛ وعاش معها وحدها عشرين سنة لم يتزوج معها امرأة أخرى؛
فلو كان عليه السلام مهووسا بالجنس لظهر ذلك على سلوكه في ريعان شبابه؛ ولعرف بين قومه بكثرة الزواج وكثرة الارتماء في أحضان المومسات والتنقل بين دور البغاء التي كانت تنشط في العلن ..
ولو عرف عليه السلام بين قومه بذلك؛ لكان من الأدلة التي يستدلون بها للطعن في نبوته والتشكيك في صحتها؛ وإذ لم يفعلوا فهذا برهان ضروري قطعي على سلامته من ذلك المرض الذي افتراه عليه خصوم الرسالة ..
البرهان الثالث:
أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يتزوج بكرا إلا عائشة رضي الله عنها، وباقي نسائه كن ثيبات كبيرات في السن ..
وهذا يدل على أنه عليه الصلاة والسلام لم يكن مهتما بالموضوع الجنسي بقدر ما كان مهتما بتحقيق مقاصد أخرى من تعديد وتكثير نساءه؛ وتلك المقاصد ترجع بالأساس إلى ما يلي:
1 تشريف أكبر عدد من النساء بالزواج منه وببركة معاشرته عليه الصلاة والسلام:
وما من امرأة مؤمنة إلا وتعتبر الزواح برسول الله صلى الله عليه وسلم قرة عين وشرفا عظيما ..
لكن أصحاب التفسير المادي والشهواني للسلوك الإنساني لا يدركون هذه المعاني الإيمانية السامية لقسوة قلوبهم التي تسبب فيها بعدهم عن خالقهم الذي أوجدهم من عدم وأمدهم بأنواع النعم، فقابلوا هذا الكرم الإلهي بالتمرد على الرب الخالق والجرأة على رسله: {يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم الذي خلقك فسواك فعدلك في أي صورة ما شاء ركبك كلا بل تكذبون بالدين وآن عليكم لحافظين كراما كاتبين يعلمون ما تفعلون}
2 وكذا أسرة المرأة وقبيلتها تعتبر ذلك شرفا وفخرا؛ ولو اقتصر النبي صلى الله عليه وسلم على زوجة واحدة أو اثنتين لحرم آخرين من ذلك الشرف، ولربما وجد البعض في نفسه من ذلك ..
3 ومن هنا ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوج نساء بقصد تأليف وتقريب أقوامهن وعشائرهن ..
وهذه المقاصد كلها وغيرها ترجع إلى توخي ما يعين على استجابة الناس للدعوة إلى الله بما يعنيه ذلك من حياة نفوسهم بالإيمان وزكاتها بالعبادة؛ قال الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم}
وقال سبحانه: {هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم}
فكما أن النبي صلى الله عليه وسلم سخر المال لتأليف القلوب وتحبيب الإيمان للناس؛ فكذلك وظف تعدد نساءه لهذا المقصد النبيل؛ وكما أنه عليه السلام لم يكن مفتونا بالمال مع كثرته في يده؛ فكذلك لم يكن مهووسا بالجنس مع كثرة من تحبه من النساء، ومع كونه كان يحبهن.
4 يضاف إلى ذلك؛ ما بينه علماء من المقاصد التبليغية لتعديد زوجات رسول الله صلى الله عليه وسلم اللواتي قال لهن الله تعالى: {واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة}
فكلما كثرت نساؤه عليه السلام كلما تعددت مصادر الإخبار عن أحواله الأسرية وتبليغ هديه في ذلك المجال، وتكثر بذلك البراهين على كمال أخلاقه وسمو سلوكه؛ اللهم صَل عليه وعلى آله ..
ولا بد أن نسجل هنا ملاحظة هامة؛ وهي أنه كلما التحقت امرأة بركب أمهات المؤمنين وعاشرت الرسول الكريم كلما ازدادت تعلقا به وتعظيما لقدره ويقينا برسالته ..
هذا ما تيسر لي تحريره على عجل وفي خضم مضايق وقتية؛ لأشارك في شرف الذب عن عرض رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولأسهم في العمل بقول الله تعالى: {وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين}
ومن نفعها: تحصين المؤمنين من شبهات الملحدين وتشكيات المرجفين {ليستيقن الذين أوتوا الكتاب ويزداد الذين آمنوا إيمانا ولا يرتاب الذين أوتوا الكتاب والمؤمنون وليقول الذين في قلوبهم مرض والكافرون ماذا أراد الله بهذا مثلا}
وسوم :الرد على المخالف النبوة
ننوه الى أن ما ننشره من مواد للسادة والسيدات العلماء والمفكرين والمثقفين والسياسيين، لا يلزم منه الاتفاق معهم في كل أفكارهم وآرائهم
Nous précisons que le contenu publié d'un tiers auteurs n'implique pas que nous sommes forcément d'accord avec l'ensemble de ses idées.
Designed by Khalil BI