كلمة بمناسبة الإعلان عن تأسيس لجنة حقوق المرأة والأسرة

تاريخ النشر : 14/04/2016

عدد المشاهدات : 1235

بسم الله الرحمن الرحيم

كلمة بمناسبة الإعلان عن تأسيس لجنة حقوق المرأة والأسرة

 

قال الله تعالى: {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [البقرة: 127]

نستحضر هذا الموقف النبوي المجيد ونحن نعلن بِسْم الله عن تأسيس {لجنة حقوق المرأة والأسرة} المنبثقة عن {مؤسسة مودة للتنمية الأسرية} ..

والتي نهدف من خلالها إلى إضافة لبنة في البناء الحقوقي الذي ارتفع صرحه شامخا ليؤكد منزلة المرأة المغربية وما تستحقه من كرامة تصون حقوقها وتحفظ منزلتها وتقاوم كل أشكال المساس بتلك الحقوق التي اتفقت الشرائع السماوية والقوانين المعاصرة على ضرورة تمتيع المرأة بها؛ تأسيسا على ما حظيت به من تكريم إلهي تتجسد فيه الرحمة الإلهية وما اتصف به الخالق جل وعلا من صفات البر والجود والإحسان ..

وعلى ما اتفقت عليه البشرية من ضرورة إكرام المرأة وإنصافها وتمتيعها بحقوقها ..

قال الله تعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ} [الإسراء: 70]

وقال سبحانه: {فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ} [آل عمران: 195]

وقال عز من قائل: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ } [الحجرات: 13]

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: “النساء شقائق الرجال“

وقال عليه الصلاة والسلام: “سووا بين أولادكم ولو فضلت أحدا لفضلت البنات“

وقال عليه الصلاة والسلام: “استوصوا بالنساء خيرا“

ولقد انبثقت عن هذه التوجيهات الربانية والنبوية الكريمة؛ أحكام وتشريعات واجتهادات فقهية تشكل ثروة هائلة أفرزت منظومة حقوقية متكاملة ..

وإننا في لجنة حقوق المرأة والأسرة نرجو أن نوفق لإبراز جوانب من تلك الثروة، والعمل على ترجمتها إلى واقع عملي في الأسرة والمجتمع والقانون.

نهجنا في ذلك الالتزام بمرجعية الشريعة الإسلامية الحنيفة السمحة، والاستفادة من كل التجارب الإنسانية النافعة، والانفتاح على التعاون مع كل المهتمين على أرضية من التعاون والتشارك والتحاور ..

كما نؤكد استنادنا في نضالنا الحقوقي على دستور المملكة وحرصنا على تنزيل حمولته الحقوقية الغنية بما ينسجم مع مبادئه ومع الثوابت الوطنية وفي مقدمتها الإسلام ..

وإننا نعتقد أن في دستور الدولة وفي قوانينها وكذا في التراكمات الحقوقية التي راكمها المغرب بجهود أبنائه من فقهاء ومثقفين وسياسيين وخبراء وحركات نسائية .. نرى أن في ذلك أرضية صالحة للتوافق والتعاون بين مختلف الفرقاء مهما اختلفت توجهاتهم الأيديولوجية وانتماءاتهم السياسية ومدارسهم الحقوقية.

يأتي الإعلان عن تأسيس {لجنة حقوق المرأة والأسرة}؛ في سياق عالمي يتوسع فيه نفوذ العولمة (الميكا إمبريالية) التي تسعى لالتهام الخصوصيات وفرض قناعاتها في قضية المرأة؛

فبعد انقضاء مدة الـ20 عاما التي وضعت للانتهاء من تطبيق كل من وثيقتي القاهرة للسكان (1994) وبكين (1995)؛ قامت الأمم المتحدة بعمل مسح شامل على مستوى العالم لرصد تطبيق هاتين الوثيقتين على المستويات الوطنية، واكتشفت أن هناك الكثير من بنود تلك الوثائق لم يطبق بعد.

عندها قررت الأمم المتحدة إصدار وثيقة جديدة أشركت فيها معظم أجهزة الأمم المتحدة وهيئاتها، على مدار عامي 2014، 2015 تحت اسم: “أجندة التنمية المستدامة للعام 2030” (2030 Agenda for Sustainable Development).

والتي أكدت على أنها ستطبَّق على الجميع دون استثناء ..!

وهذه الوثيقة تشتمل على ترسيخ السلوك الإباحي ومفهوم المساواة القائمين على الفلسفات المعادية للدين والمناهضة لقيمه ومبادئه وأحكامه؛

الشيء الذي يفرض تعزيز التوجهات الحقوقية المؤمنة بدين الله: الإسلام الحنيف، والانخراط في مدافعة شرعية لتكون كلمة الله هي العليا: {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ} [البقرة: 251]

وهو ما تهدف اللجنة للإسهام فيه، متمسكة بقيم الوسطية والاعتدال وفضائل الحوار والانفتاح ..

نسأل الله تعالى أن يوفقنا في مساعينا، وأن يبلغنا مقاصدنا ومرامينا؛ بما فيه خير الوطن ودوام نمائه وازدهاره.

توقيع:

حمّاد القباج                                                         مها التازي

رئيس اللجنة                                                        نائبة الرئيس

 

وسوم :حقوق الإنسان حقوق المرأة عين على السياسة