تاريخ النشر : 8/01/2016
عدد المشاهدات : 3048
تاريخ الطرق الصوفية في المغرب؛ عرض ونقد
دراسة استقرائية
بقلم: العلامة المصلح محمد ابن المؤقت المراكشي (ت 1949 م)
قال العلامة المصلح محمد بن محمد المؤقت رحمه الله تعالى المسفيوي المراكشي:
1 “أول هذه الطوائف الطائفة القادرية، وتنسب للشيخ عبد القادر الجيلي المتوفى بمدينة بغداد سنة إحدى وستين وخمسمائة وكانت طريقته معانقة للكتاب والسنة، لكن أدخل فيها اليوم ما ليس منها وتغالت أتباعه في محبته، حتى ألحقوا به ما لا يستحقه، ونسبوا له من الكرامات ما كاد أن يعادل المعجزات.
ثم إن هؤلاء الأتباع افترقوا على فرقتين: فرقة على الأسلوب المعتاد من كونهم يجتمعون على الأذكار الممزوجة بالسماع حسب الأطباع، وذلك بعد فراغهم من قراءة الأوراد بلسان واحد، وفرقة اتخذت آلات اللهو والسماع، من تلك الآلات آلة يوقع بعضهم عليها بقضبان.
ثم يقوم البعض الآخر ويرقص على حسب الأطباع ويتواجد حتى يقع مغشيا عليه كالذي يتخبطه الشيطان من المس، ويجتمع على هذه الفرقة عدد من النساء في كل عشية جمعة، وربما حضر بهذا المجتمع من النساء ما كان من الجمال بمكان، ولو نظرت في حلقة هذا الذكر على زعمهم الفاسد، كيف تهز النساء أعطافهن، ويكشفن عن وجوههن وصدورهن بين هؤلاء الغافلين؛ لرأيت منكرا عظيما تقشعر منه الجلود، ولا مستند لهذه الفرقة في هذا إلا اتباع الهوى، والميل عن جادة الهدى، والتوصل لأكل أموال الناس بالباطل.
2 ثم الطائفة التباعية: وتنسب للشيخ عبد العزيز بن عبد الحق الحرار المعروف بالتباع المتوفى سنة أربع عشرة وتسعمائة، ولم يبق لهذه الطائفة اليوم أثر، إلا أن الذي يعمر زاويتها اليوم النساء خصوصا عشية الجمعة.
3 ثم الطائفة الغزوانية: وتنسب للشيخ أبي محمد عبد الله بن أحمد الغزواني المتوفى سنة خمس وثلاثين وتسعمائة، ولهذه الطائفة اصطلاحات وأعمال غريبة، وغاية القول أنهم يلعبون بتلك النسبة ويجعلونها مصيدة للمال، ومن قبيح مثالبهم قولهم: الفاتحة في نظير ما يوهب لهم من الناس، وذلك عند جلوسهم للراحة، فكلما أعطى أحد من الناس شيئا قالوا: الفاتحة! وهكذا حتى يمل الناس، ولا تسأل عن تلك الألفاظ الوحشية التي تصدر حالة بيع ما تحصل في أيديهم من الشمع والخبز، ودفع تلك النذور، ولكن هذا زمان أصم الفساد فيه أسماع أهله، وأعمى بصائرهم لا يفقهون عظة واعظ.
ومن هذه الطائفة قوم يعرفون بأصحاب الناقة، وهي الناقة التي تضرب في كل سنة على أصحاب الحرف وهم الدباغة والدلالة والكزارة، وقد جعلوا هذه الضريبة لأجلها فرضا محتما على الفقير والمسكين، وكل من أبى عن دفع ذلك القدر المرتب عليه من قبلها قوبل بأنواع من العذاب، وذلك لأجل النفع الحاصل لرؤساء هذه الحرف المذكورة بسببها، فإذا جاء أوانها، وهو العشرة الأولى من شهر ربيع الأول النبوي دفعوها للطائفة الغزوانية، ويعرفون بالعلامة بتشديد اللام الثانية لكون كل واحد منهم بيده علم.
ثم إن هؤلاء يزينون الناقة بأحسن زينة ويدورون حولها، والنساء يطلقن أصواتهن للزغاريت، ولا تسأل عن الازدحام الذي يقع في هذا الموقف الهائل، والناس يقصدونها من كل جهة، وكذا النساء والصبيان ثم يخرجون بهذه الناقة على هذه الحالة المذكورة صباح الخامس عشر من ربيع الأول، ويستمرون في المشي نحو اليوم أو اليومين لا يعرفون فرضا ولا سنة على ذلك الاختلاط الكثيف من الرجال والنساء إلى أن يصلوا لأعلى الجبل الذي به الشيخ المولى إبراهيم بن أحمد أمغار فهناك تذبح، ولا تسأل عما يحل بالناقة في نفسها من العذاب، وذلك بنتف وبرها من أول خروجها إلى أن تصل للجبل، وهي تقطر دما بسبب ما حل بها من النتف.
ولو رأيت النساء في تفاخرهن حالة الظفر بشيء من وبرها لرأيت حمقا فادحا وخرقا واضحا[1]، وكل هذه الأضاليل غاية إبليس اللعين، وذلك لبعد غالب أهل هذا العصر نساء ورجالا عن الدين، وماذا بعد الحق إلا الضلال.
وأضف إلى هذه المناكر الشنيعة الداهية العظمى، ألا وهي اجتماع النساء بهذا الجبل الذي به الشيخ المذكور لأجل التزوج من هذا المحل، فترى الأجلاف من أهل البوادي، وممن لا إيمان لهم من أهل الحواضر يتسابقون لأجل هذه الرزية التي زينها لهم الشيطان الرجيم، فيمر الرجل منهم على النساء مع كثرتهن صغارا وكبارا، وهن في أكمل زينتهن وأبهر حليهن متبرجات تبرج الجاهلية الأولى، بل أشد من ذلك من صدور عارية، وأيادي مخضبة، ووجوه محسنة أو مشوهة بالأصباغ والمساحيق، وسيقان عارية أو مستورة بتقاشير يزيدها جمالا، فيختار منهن ما أراد، ثم يأخذ بيدها فتتبعه، ويجعل لها قدرا من المال ولو قميصا باليا عوضا عن الصداق، ومقصوده الأهم منها الزنى المحض، وهذا حال غالبهم، ومنهم من يعتقد أنه تزوجها بهذا المسلك الشيطاني الذي أسسه لهم الشيخ النجدي في هذا العصر الذي هو شر العصور، وإن سموه عصر الحضارة والنور.
نعم إن أهل هذا الزمان شر من أهل الجاهلية الأولى عبدة الأوثان والأصنام، فأهل الجاهلية بعث فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقاوموه بكل أنواع المقاومة، وبذلوا أنفسهم وما يملكون لصده عن دعوته، فإنه كان يقول بإله واحد، وهم يعجبون من هذا ويقولون: {أَجَعَلَ الْآَلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ}[ص/5] فلذلك بذلوا لصده رقابهم وما يملكون.
أما أهل هذا العصر، فقد عاش بينهم من رفض الدين بالكلية واقتصر على خرافات وافتراضات ما أنزل الله بها من سلطان.
وبالجملة فغالب أهل هذا العصر بعيد أن يرجى صلاحهم، ولكن مثلنا معهم على حد قوله تعالى: {وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} [الأعراف/164].
أما اعتقادنا في هؤلاء فهو أنهم لا يصلحون للمخاطبة لموت قلوبهم فإنها مقبورة في جوف غلاف غليظ من مقت الله وخذلانه ومن انغماسهم في معاصيه وتعدي حدوده، والله يقول: {وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ} [فاطر/22]. {إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ} [النمل/80].
هذا النفر لا تنفع فيهم موعظة، ولا يوفق المصلحون لهدايتهم {وَمَا أَنْتَ بِهَادِي الْعُمْيِ عَنْ ضَلَالَتِهِمْ}[النمل/81].
أرجع فأقول: وغالب هؤلاء النساء أنهن لازلن تحت عصمة أزواجهن، وإنما فررن لهذا المحل المذكور لأجل أن تتوصلن لشهواتهن بأي وجه كان..
إلى غير ذلك من المساوئ التي تكدر صفو راحة قلوب أهل الإسلام.
وهذا الموسم أحد المواسم السبعة التي تقام في هذا اليوم الثامن عشر من ربيع الأول، ولا تسأل عن المناكر الفظيعة الشنيعة التي تقع في هذه المواسم على كثرة طرقها صباح مساء، وتجد غالب أهل هذه الأرض في هذا اليوم كأنهم لم يبق معهم عقل، ولم يوهب لهم نعمة التفكير والنظر.
وأشنع من هذا ما يقع في موسم الشيخ الغزواني، ويكون في الرابع والعشرين من شهر ربيع الأول النبوي هذا، وهذا الموسم قل من يتخلف عنه من الرجال والنساء، وتعطل فيه الحركات كلها، وتتنافس الأوباش في تقريب القربات؛ فمنهم من نذر له بدنة، ومنهم من نذر له بقرة أو ثورا، ومنهم من نذر كبشا أو معزا، ومنهم من نذر دراهم كثيرة خصوصا رؤساء الوقت، فلا تجد واحدا منهم سالما من هذا، وربما سول له شيطانه أنه إذا ترك هذا النذر كان سببا له في الانسلاخ من تلك الرتبة المطوق بها.
فلهذا تجد غالبهم إذا أراد سوق هدية لهذا الضريح، أو غيره من تلك الأضرحة يجعل بهرجة عليه كبيرة من تزيينه بلبس الحرير وضرب الطبول والشبابات، ورفع الأعلام على رأسه، وغير ذلك من اختلاط النساء بالرجال، وما لا ينبغي ذكره.
وإن لم يكن هذا كفر فجهل عظيم، وغبواة جسيمة.
وفي صحيح الإمام مسلم عن علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “لعن الله من ذبح لغير الله“.
قال بعض العلماء: كالذبح على أضرحة الأولياء، وهذه الذبيحة لا تأكل لأنها مما أهل به لغير الله، ويتناول صاحبها اللعن.
ومما يفعله بعض الجهلة في هذا اليوم عرقبة الحيوان عند باب الضريح، ثم بعد ذلك يذكى.
ولا شك في منع ذلك لأنه تعذيب لغير منفعة، ولا وجه مصلحة فيه.
4 ثم الطائفة الرحالية، وتنسب للشيخ رحال الكوشي المتوفى في آخر العشرة الخامسة من القرن العاشر، ولهذه الطائفة عوائد كثيرة يأباها الشرع المطاع، ولا حاجة للاعراب عنها.
5 ثم الطائفة العيسوية، وتنسب للشيخ أبي عبد الله محمد بن عيسى المكناسي المتوفى في آخر العشرة الرابعة من القرن العاشر، وهذه الطائفة جناة على الأمة الإسلامية، ولا زالت مساويها تزداد في كل سنة بسبب سكوت من بيدهم الحل والربط عن مثالبها.
ومن المناكر الشنيعة التي يخجل لها وجه الدين المحمدي، ويتبرأ منه الإسلام وسائر المسلمين؛ اختلاط النساء بهذه الطائفة حالة اشتغالهم بضرب الطبول والشبابة وغيرهما.
ومن المناكر الفظيعة أيضا أنك ترى الكثير منهم، بل كلهم ذكورا وإناثا يأكلون الجيفة، ويتلطخون بدمها المسفوح، وذلك أن بعض الأغمار رجالا ونساء يتقربون إليهم بالمعز فيفترسونها، وهي حية كافتراس الأسد فريسته، ويسمون هذا الفعل الشيطاني بالحال، وأعانهم على هذا الافتراس الذي ليس من طاقة البشر جعلهم لأصابع أيديهم حلقا من الحديد لها رؤوس حادة بحيث يمكن الذبح بها، فإذا كان يوم موسمهم، وهو اليوم الثالث عشر من شهر ربيع النبوي هيأ لهم أصحاب النذر تلك المعز التي هي من خاصة النذر المتعلق بهم ويقفون بها فوق الأسطحة التي يمرون عليها وهم على ما هم عليه من غضب الله وسخطه ومقته وبعده الذي أداهم إلى الانسلاخ من أوصاف البشرية والتحلي بالمسخ المعجل لهم في الدنيا قبل الآخرة، وإذا أراد كل واحد من أصحاب تلك النذر أن يلقي إليهم تلك المعز من فوق السطح تراهم يرفعون رؤوسهم نحوه وكادوا يطيرون نحو ذلك الحيوان المسكين الذي لا ذنب له حتى يستحق أن يمزق لحمه، وهو حي ويتمنى كل واحد منهم أن يكون صاحبه، فلا يصل إلى الأرض إلا وقد مزق شعره وجلده ولحمه وعظمه وصار أجزاء عديدة، فالرجل منهم من يظفر بذنبه أو بعره أو تلطيخ ثيابه بدمه، ولا مفهوم للرجال في هذا، بل حتى النساء من هذه الطائفة على هذا الحال الخبيث، وهذا حالهم في اليوم كله وكل حيوان حل بأيدي هؤلاء الأغمار، وصار على ما ذكرنا إلا واجتهد النساء في شراء شيء منه بأي وجه كان خصوصا الرأس منه، إلى غير ذلك مما لهم من المناكر.
وسبب سكوت ولاة الوقت ومن قبلهم عن قبائحهم هذه حسن الظن بهم، إلا أن حسن الظن بهؤلاء الأوباش أضر بالإسلام إضرارا مبينا خصوصا في هذه الأيام التي ظهرت فيها سيطرة الأوروبيين على الإسلام حتى صاروا يأخذون ميزانية عقول أهله من هؤلاء الطوائف ويقول بعضهم لبعض: انظروا لصلحائهم كيف حالهم، وهذا هو السبب الذي صيرهم إلى وراء، وقطعهم عن الوصول إلى المناصب الرفيعة التي منها الحرية والاستقلال، ولو لم تكن الأمة الإسلامية على مثل هذه الحالة لفازت بمثل ما فاز به غيرها ومن الأمم الشرقية، هذا قولهم.
وما هذه الطوائف اليوم إلا رزايا عظيمة في الدين، وما هي إلا سبب من أسباب انحطاطهم، وحماقة هذه الطائفة كادت أن تفوق كل من في معمور الأرض.
وتليهم في هذه العوائد الشيطانية الطائفة الحمدوشية، وسيأتي لنا الكلام عليها بحول الله، وقد امتدت شوكة هاتين الطائفتين في المغرب كله خصوصا في حواضره.
وهذا ولو اهتم علماء الأمة الإسلامية بهذه المعضلة أيما اهتمام، وأمروا من بيده الحل والربط في الوقت بقطع هذه الطائفة وقطع نظائرها لكان يستحسن الأمر في الحال المستقبل، وقد خيل لنا الظن الحسن بهؤلاء الأئمة أنه سيكون ما أشرنا إليه مستوفى بحول الله وقوته.
6 ثم الطائفة الشرقاوية: وتنسب للشيخ أبي عبد الله الشرقاوي المتوفى أوائل المحرم سنة عشرة وألف، وأتباعه اليوم كادوا أن يكونوا في حيز العدو.
7 ثم الطائفة الإبراهيمية: وتنسب للشيخ أبي إسحاق إبراهيم بن أحمد بن حسان متوفى سنة اثنثين وسبعين وألف، وزوايا هذين الشيخين اليوم تعمرها النساء فقط، ولا تسأل عما يصدر منهن من المناكر التي يعجز عن إحصاءها القلم.
8 ثم الطائفة الصادقية: وتنسب للشيخ أبي العباس أحمد بن عبد الصادق السجلماسي المتوفى سنة خمس وستين وألف، وهذه الطائفة لها عوائد كثيرة، وأذكار جلها سقيمة، ومن مناكرهم أن بعضهم يقوم من وسطهم حالة الذكر فيصير ينطح الحوائط برأسه نطحا كاد أن يمضي عليه، ويسمون ذلك التخبط وذلك الجنون القائم به؛ بالحال، وبئس الحال.
وهذه القبائح مصادمة لطريق أهل الله الماضين، وإذا قيل لبعضهم في ذلك يقول: نحن أهل الحقيقة غير مقيدين برسوم الشريعة، وأن الشريعة للناقصين الذين لم يكملوا، وأما من كمل فقد خرج من التقييد..
إلى غير ذلك من ترهاتهم وترهات غيرهم من الطوائف الغربية والمشرقية.
9 ثم الطائفة الناصرية: وتنسب للشيخ أبي عبد الله محمد بن ناصر الدرعي المتوفى عام خمس وثمانين وألف، وهذه الطائفة أبعد الطوائف من البدع، غير أن فروعها ارتكبوا فيها مناكر شوهت وجهها وصيروها قنطرة لأكل أموال الناس بالباطل، ومع ذلك يدعون أنهم على شيء، وليسوا على شيء.
10 ثم الطائفة الحمدوشية: وتنسب للشيخ المجدوب أبي الحسن علي بن حمدوش المتوفى في العشرة الرابعة من القرن الثاني عشر.
وقد قدمنا أن هذه الطائفة مثل الطائفة العيسوية في تلك المفاسد التي تظهر عليها؛ ومن جملتها اختلاط النساء بالرجال، والرقص على الدعدع والشبابة أي الغطا، وتراهم في هذه الحالة كأنهم سكارى.
ومن عوائدهم الشيطانية أن يصير عدد منهم يشدخ رأسه بالشواقر المهندة. ومنهم من يفعل ذلك بقضبان غليظة الرأس، ومنهم من يشدخ رأسه بعمود غليظ مطوق بمسامير من حديد، ومنهم من يرمي بكرة من حديد إلى أعلى ثم يتلقاها برأسه.
ولقد رأيت يوما في بعض مواسمهم، وهو اليوم الثامن عشر من شهر ربيع الأول من كل سنة، أن واحدا منهم خرج من وسطهم وعليه جبة من ودع ورمى بكرة من حديد إلى أعلى ولقيها برأسه فسقطت على أم رأسه فخرج دماغه من أنفه وسقط إلى الأرض فغطوه وقالوا إنه غلبه الحال، والواقع أنه ليس هناك حال، وإنما ذهب التعس المجنون ضحية جهله وفريسة فعله؛ فكان الأحمق قاتل نفسه، ولهم بهذه الأفعال الشنيعة شرف عظيم وفخر بينهم، وجل هذه الطائفة بل كلها فساق وسفهاء وذوو عقوق؛ لا يعرفون فرضا ولا سنة، عليهم أثر الغضب والسخط والمسخ في الدنيا قبل الآخرة.
وبالجملة: فقد ظهرت من هذه الطوائف أشياء لا يكاد يصدقها العقل لولا وجودها، وبهذه الأشياء التي ظهرت على أيدي هؤلاء المدعين للإسلام – وهو في الحقيقة بريء منهم – استطاع أعداء الدين أن يقولوا فيه ما يقولون.
وهذه إحدى المفاسد التي عم ضررها، وشاع شررها، ولا تجد نظائرها في جميع الأمم الشرقية ولا تكاد تقبل، ولكنه دار الدهر دورته وانعكست الأمور فأصبح الحال كما ترى، وصير كل شيء إلى وراء.
11 ثم الطائفة القاسمية: وتنسب للشيخ أبي الحسن علي بن أبي القاسم المعروف بأبي سجدة متوفى أوائل العشرة الخامسة من القرن العاشر، وهذه الطائفة اليوم جلها نساء، ولها يوم مخصوص في كل أسبوع وهو يوم الجمعة فيتطوفن ومن معهن من الرجال على صلحاء هذه الحضرة وهن في جمع عظيم يزيد على المائتين عاريات الوجوه مع وجود مومسات فيهن، ومن عادتهن أن يقفن مهما وجدن ضريحا من أضرحة الأولياء ويسدون الطرق على المارين بها إلى أن يفرغ شيخهم ورئيسهم من تلك الأدعية وأسماء الرجال التي أنتجت له تلك الأرزاق المتنوعة من خبز وشعير وقمح وحناء وتمر وشمع وسكر وفروخ حمام وفلوس وكتان وغير ذلك من قبائحها التي لا ينبغي تلطخ القلم بها، لأن أهلها صم بكم عمي فهم لا يبصرون، قد أعملوا يد المضرة بالإسلام حتى سخر الكفار بعقول أهل مراكش.
12 ثم الطائفة الغازية، وتنسب للشيخ الغازي بن العربي السجلماسي، المتوفى في العشرة الرابعة من القرن الثالث عشر، وهذه الطائفة مثل الطائفة القادرية التي ديدنها ارتكاب سماع آلات اللهو والرقص واختلاط النساء بالرجال وتحريف الأذكار.
13 ثم الطائفة البونية، وتنسب للشيخ أبي الحسن علي البوني الدرعي، وهذه الطائفة لها عوائد قبيحة ومنكرات صريحة؛ منها أنهم يحرفون أسماء الله خصوصا عند استفتاحاتهم واختتاماتهم؛ فيقولون في الاستفتاح: “الحامد للاهي ربي العالمينا الرحماني الراحيمي”، وهكذا، ولا مفهوم لهذه الطائفة، بل جل الطوائف اليوم على هذا النمط بسبب فقد العلماء من هذه الطرق المبتدعة، فلا تجد في غالب هذه الطرق إلا من هو أصم وأبكم وأعمى، لا يفرق بين الأرض والسماء.
ولا يخفى أن وجود التحريف في الأذكار يمنع من ورود النفحات الإلهية، ومن هذه الطائفة من يصير يزعق ويبكي ويضرب برأسه الحاد ويدور على الحاضرين من طائفته واضعا يده على رأس كل واحد منهم وهو يتكلم بألفاظ رواها عن شيطانه الذي حل بجسده في تلك الحالة، ومنهم من يغلب عليه هذا الجنون حتى يطلع لأعلى رؤوس النخل ويصير يتقلب عليها يمينا وشمالا، ومن عوائدهم المزورة أنه ما وصلت يد أجنبي منهم رأس واحد منهم إلا وقامت قيامته وأخذ في الصياح وانعكست حقيقته وصار يتخبط كالمجنون إلى غير ذلك مما هم فيه.
14 ثم الطائفة الطالبية: وتنسب للشيخ أبي العباس أحمد بن الطالب السجلماسي المتوفى في العشرة الثالثة من القرن الثالث عشر، وهذه الطائفة مثل الطائفة العيسوية والحمدوشية في اختلاط الرجال بالنساء واستعمال آلات اللهو، غير أن هذه الطائفة اختصت بشيء آخر، وهو لعبها بالنار وجعلها تحت ثيابهم حالة اشتغالهم بتلك الملاهي: الشيطانية وإذا قوي ذلك التخبط والجنون في ذات أحدهم تراه يتكلم بكلام يوهم به السامع أنه يكاشف بأشياء غابت عنه: كمثل الطائفة الشيطانية المعروفة بأكناوا، والناس ذكورا وإناثا يقصدون زاويتهم لأجل هذه الخرافات.
ومنهم من يقصدها لأجل أن يصطاد بها ذات بعل أو مومسة من المومسات، إلى غير ذلك من التدنيسات والمفاسد والضلالات، وأمثال هؤلاء لا يخاطبون {إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا}[الفرقان/44].
وبالجملة فقد تأخر الأمر ودان جل الطوائف التي أصيب بها الإسلام بهمجيات خارجة عن الدين وانتصروا لأنفسهم وشياطينهم وحاربوا لأهوائهم أهل التقوى، ورأوا التمسك بالفساد أقوى.
15 ثم الطائفة الوزانية: وتنسب لأبي محمد عبد الله بن إبراهيم الحسني الإدريسي المتوفى سنة تسع وثمانين وألف، وكانت طريقته معانقة الكتاب والسنة، ولكن أدخل فيها اليوم ما ليس منها من المحدثات؛ من ذلك: حلقة الذكر المعروفة عندهم بالعمارة، وقد نص العلماء على أنها من البدع المحدثات المخالفة للسنة، وسيأتي لنا الكلام عليها مستوفى بحول الله.
16 ثم الطائفة التهامية: وتنسب للشيخ مولاي التهامي الوزاني المتوفى سنة سبع وعشرين ومائة ألف، وهذه الطريقة كانت سابقا طريقة مثلى إلا أنها صارت منذ أزمان بارتكاب المدعين الانتساب إليها آلات اللهو والطرب واختلاط النساء بهم ملعبة الشيطان.
والمرجو ممن بيده الحل والربط اليوم أن يعين من يسعى في إخماد نار بدع هؤلاء الطوائف التي قضت على الإسلام اليوم وفتحت للمفاسد الشيطانية أبوابا.
17 ثم الطائفة التجانية: وتنسب للشيخ أبي العباس أحمد التجاني المتوفى سنة ثلاثين ومائتين وألف، وهذه الطائفة لها عادات صيرتها كالعبادات، وقد تغالت في شيخها هذا حتى ألحقته بما لا يستحقه.
فالمقتصد منهم يزعم أنه مساو للنبي صلى الله عليه وسلم إلا أنه لا يأتيه الوحي، ومن تغاليهم في محبته ما تفوهوا به في حقه ونقلوه عنه في كتبهم المؤلفة في سيرته وهو كما في جيشهم وغيره؛ أنه قال: “إن صلاة الفاتح لما أغلق تعدل ستة آلاف ختمة من القرآن”!
فأي استخفاف وتحقير لكلام الله تعالى مثل هذا؟؟
أما كفاه نسبتها إلى الله تعالى وجعلها من القرآن حتى تجوز إلى هذه البشاعة؟
ولو صح ما قاله فأي فضل للقرآن معها؟ وأي فائدة فيه مع وجودها؟ فكيف يشتغل عاقل به ويختمه في ليال عديدة، وهو يجد هذه الكلمات التي يمكنه قولها في طرفة عين، ويحصل له من الأجر ما يعدل ستة آلاف مما لم يحصله إلا في ليال عديدة؟
فاشتغال العاقل به حينئذ عبث؛ لوجود ما هو أيسر وأفضل بشيء لا ينتهي.
فعلى كلامه لم يبق للقرآن فضل مع صلاة الفاتح البتة، أعاذنا الله من الخذلان والطغيان، والغلو في الدين بما لم يرد به دليل ولا برهان، وإذا اعتبرنا تلك الزيادات التي زادها النظيفي المراكشي في كتابه “الطيب الفائح، على صلاة الفاتح” فماذا يبلغ التعادل، وقد علمت سابقا أن صلاة الفاتح على كلام شيخهم التجاني تعدل ستة آلاف ختمة من القرآن، فإذا زدت عليها هذه الزيادات التي زادها الشيخ النظيفي وحض عليها جمعيته التجانيين ورغبهم في قراءتها آناء الليل وأطراف النهار فماذا يزيد على العدد السابق؟
ولعله تنتهي مراتب العدد من حيث هو، ولا يبلغ القدر الذي تزيد به صلاة الفاتح بسبب تلك الزيادات النظيفية!
وهناك صيغتين جامعتين من صيغ صلواته العجيبة الغريبة التي يختم بها صلاة الفاتح لما أغلق، ولعلك لو بحثت عن نظير هاتين الصيغتين في المشرق والمغرب، بل في المعمورة كلها ما وجدته ونصه:
(اللهم صل على سيدنا محمد الفاتح لما أغلق، والخاتم لما سبق، ناصر الحق بالحق، والهادي إلى صراطك المستقيم، وعلى آله حق قدره ومقداره العظيم، صلاة تطيب لنا بها المساكن، والملابس، والمآكل، والمشارب، والأخباز.
(اللهم صل على سيدنا محمد الفاتح لما أغلق والخاتم لما سبق ناصر الحق بالحق، والهادي إلى صراطك المستقيم، وعلى آله حق قدره ومقداره العظيم، صلاة تجعلها في قلوبنا أحلى من الحلوى، وألذ من السلوى، وأشهى من كل شهوى)
إلى غير ذلك من هذا النمط الغريب.
وقد ظهر سر هذه الزيادات في الطائفة التجانية كظهور نار على علم، أو كالشمس في وسط النهار خصوصا بعض رؤساء الوقت وولاته.
وفي رواية أخرى عنه أن صلاة الفاتح خصنا الله بها كما خصنا بالنبي صلى الله عليه وسلم، وأنها تسمو على كل العبادات، وأن المواظب عليها ينال الخير الرابح.
ومن زعمهم أن وردهم يغني عن سائر الأوراد في الدين والدنيا، وفي المعادن.
ومن أشنع البدع التي ينسبها التجانيون إلى شيخهم من أن الشخص لو دام على سائر الأذكار طول الدهر، وذكر صلاة الفاتح مرة واحدة كانت تلك المرة أعظم أجرا من جميع الأذكار.
ومن زعمهم أن صلاة الفاتح فيها أمان جميع الناس من عذاب الله لكل مصل بها، فعل غيرها من الطاعات أو لم يفعل، ومن زعمهم أن صلاتهم هذه حماية من الأغيار، ومن زعمهم أن صلاة الفاتح ترقي صاحبها حتى يصير موازنا بها ورد فاطمة الزهراء، ومن زعمهم الشنيع المتعارف بينهم نشر ثوب وسطهم حال المتصلية.
أسمعت أو علمت، أو روى لك شيخ من أصحاب الحديث أم جاء في كتاب الله أو استنبط من فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن قارئ القرآن ينشر أمامه ثوبا ليقرأ عليه فضلا عن قارئ الفاتح، ألها مزية عنه وفضل استوجبت به هذا؟ ومن زعمهم أن نشر الثوب حالة قراءة الفاتح لما أغلق يأتي بالفتح المبين في أسرع من لمح البصر.
وانظر كتبهم تجد ما هو أقبح وأفظع؛ كقولهم في شيخهم أن روحه خلقت مع روح النبي صلى الله عليه وسلم فكان رسول الله خاتم النبيين، وكان الشيخ خاتم الأولياء.
وهذه الجملة وحدها كافية في القبح إذ لم تبق مزية للنبي صلى الله عليه وسلم على زعمهم الفاسد، ومن زعمهم أيضا أن الشيخ التجاني ممد لمن مضى قبله، ومن يأتي بعده، ولا يخفى أن “من” من صيغ العموم كما هو معلوم، فيدخل النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وأهل القرون المشهود لهم بالخير.
فانظر رحمك الله هذا الحمق الفادح كيف يمد رجل في القرن الثالث عشر أهل القرن الأول؟
وانظر: “مشتهى الخارف الجاني في رد زلقات التجاني الجاني” لعلامة زمانه الشيخ محمد الخضر الشنقيطي، وانظر: “كشف القناع عن اعتقاد طوائف الابتداع” للعلامة المولى عبد الحفيظ العلوي؛ إلى غير ذلك من الكتب التي زيفت مفتريات أهل هذه الطريقة.
ثم اعلم أن هذه الطائفة اليوم افترقت فرقتين: فرقة تنزهت عن السماع المعروف، وما يتعلق به، وفرقة لازالت على ما هي عليه من الرقص على توقيع الألحان حسب الأوضاع الشعرية؛ وكل منهما يكفر الآخر ويزندقه كقضية اليهود مع النصارى.
18 ثم الطائفة المختارية، وتنسب للشيخ أبي عبد الله المختار الكنتي المتوفى في العشرة الخامسة بعد المائتين والألف، وهذه الطائفة أبعد الطوائف في الجملة من البدع إلا أن منهم من تغالى في محبته، ونسب له ما ليس من طريقته.
19 ثم الطائفة الدرقاوية، وتنسب للشيخ مولاي العربي بن أحمد الدرقاوي المتوفى عام تسع وثلاثين ومائتين وألف، وطريقته هذه تفرقت منها طرق عديدة، ولنذكر ما عندنا منها بهذه الحضرة المراكشية، وهي:
20 الطريقة البدوية، وتنسب للشيخ أبي العباس أحمد البدوي المتوفى عام خمس وسبعين ومائتين والألف.
21 ثم الطائفة العمرية: وتنسب للشيخ أبي حفص مولاي عمر بن البخاري المتوفى عام سبعين ومائتين وألف.
22 ثم الطائفة المهدوية: وتنسب للشيخ مولاي المهدي بن محمد المتوفى سنة ثمانية بعد الثلاثمائة وألف.
23 ثم الطائفة الفركلية: وتنسب للشيخ أبي عبد الله محمد بن علي الدرعي الفركلي المتوفى عام ست وعشرين وثلاثمائة وألف.
24 ثم الطائفة السوسية: وتنسب للشيخ أبي الحسن الحاج علي بن أحمد السوسي المتوفى عام ثمانية وعشرين وثلاثمائة وألف.
25 ثم الطائفة الفتحية: وتنسب للشيخ فتح الله البناني، ولازال بقيد الحياة وقته.
وهذه الطوائف كلها لو أردنا أن نأتي على جميع البدع والمفاسد التي تشبث بها عدد منهم، وما تولد منها لاحتاجت لمجلدات.
وبكثرة هذه الطوائف وتباينها، انحط المغرب في أيامنا هذه وفيما قبلها بكثير، وسجل له على صفحات أيامه خرق وحمق ما بعده من خرق وحمق.
وقد عانى علماء الدين الدافعون لهذه الداهية الدهماء مشاق جسيمة عرفها من عرفها، وأنكرها من لم يقف عليها، ولكن تغلبات الأحوال، اقتضت فساد الأعمال.
وإذا أمعنت النظر في تعدد طرق القوم، واختلاف أحوالهم، وتباين بعضهم بعضا، علمت أن سبب هذا الاختلاف، وكثرة المناكر، وتطرق البدع، إنما هو من جهة قوم تأخرت أزمنتهم عن عهد ذلك السلف الصالح وادعوا الدخول فيها من غير سلوك شرعي، ولا فهم لمقاصد أهلها وتقولوا عليهم ما لم يقولوا به، حتى صارت كل طريقة في هذه الأزمنة الأخيرة كأنها شريعة أخرى غير ما أتى به مولانا محمد صلى الله عليه وسلم.
وأعظم من ذلك أن كل طريقة من هذه الطرق تتساهل في اتباع السنة وترى اختراع العبادات طريقا للتعبد صحيحا.
ومن ذلك عمل هذه الطائفة الدرقاوية حلقة الذكر، وهي المسماة عندهم بالعمارة؛ وهي عبارة عن ذكر اسم الجلالة باللسان والصدر على حسب المراتب الشعرية، وتشبيك الأيدي، حتى تكون كسلسلة، ثم يرسمون لأنفسهم من يقوم وسطها، يسيرون بسيره قوة وضعفا، ويرقصون ويتمايلون جميعا يمينا وشمالا، ومنهم من يحرف أسماء الله تعالى، فلا تسمع من لسانه في هذه العمارة التي حق لها أن تسمى بالخسارة، إلا اللوه اللوه هكذا، أو هو هو، أو هيلا، هيلا، أو حوا حوا، أو أخ أخ أخ أخ..
أسماء لا تجدها إلا عند الشياطين، منهم من يزعق، ومنهم من يصير يبكي إذا قوي شيطانه، ومنهم من يقفز قفزا شديدا كأنه يريد الطيران.
فبالله ويا للمسلمين ماذا يجني المبتدع على نفسه مما لا يكون في حسابه؟
وما هذه والله طريقة الرسول صلى الله عليه وسلم ولا طريقة السلف الصالح.
فكل من تعبد بشيء لم يكن عليه صلى الله عليه وسلم ولا عليه السلف الصالح ليس بشيء، وإنما هو غاية في الجهالة وتلف في تيه الضلالة.
وقد قال إمامنا مالك رضي الله عنه: “من أحدث في هذه الأمة شيئا لم يكن عليه سلفها، فقد زعم أن النبي صلى الله عليه وسلم خان الرسالة“.
فالواجب علينا أن نقف مع الاقتداء بمن يمتنع عليه الخطأ، وهو الرسول صلى الله عليه وسلم أو بالسلف الصالح رضوان الله عليهم.
وقد زاد شيخ الطائفة الفتحية في الطين بلة، وفي الطنبور نغمة؛ فلو رأيت حاله وتلامذته في هذه العمارة التي قدمنا أن الأولى بها أن تسمى خسارة، ما هم فيه من ضرب الأقدام على الأرض على وزن إيقاع الكف حالة استعمال آلات اللهو كلها من صنج ذي أوتار وعود ورباب وجنك وكمنجة ومزمار وشبابة، وموافقة رقصهم للنغمات خصوصا الموالات ولو كانت من وضئ الوجه لرأيت حمقا واضحا وانحطاط في النسبة وشناعة بينة، وهذا شيء لا يصدر من عاقل فضلا عن فقيه صوفي عامل.
وكان بعض الناس يظن به أن له إلماما بطريق القوم فإذا هو بعيد عنها، وأعظم من هذا أنك لا تجد مجلسا من مجالسه سالما من مناكر وبدع، بل كل مجالسه مناكر إلا أنه بعض الأوقات يجمع بين خبز وقتل عثمان ومغفرة، من باب غسل الدم بالعذرة، وتغطية لطخ النجاسة بثوب حرير شفاف، ولو أردنا أن نذكر ما شهدناه من المناكر والبدع لطال بنا المقام، ولكن في الإشارة ما يكفي عن العبارة.
26 ثم الطائفة الكتانية: وتنسب للشيخ سيدي محمد بن عبد الكبير الكتاني المتوفى سنة سبع وعشرين وثلاثمائة وألف.
وهذا الشيخ له دعوى عريضة في مقام الولاية؛ منها أنه ختم الأولياء، وأنه قطب الأقطاب، وغوث الأغواث، وأنه أخذ مشافهة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لله من غير واسطة، وأنه يجتمع به صلى الله عليه وسلم يقظة، ويتلقى منه مباشرة، وأن أصحابه هم المراد بالحديث: “طوبى للغرباء من أمتي“.
وأن صلاته الأنموذجية تعدل “بدلائل الخيرات” للإمام الجزولي بثمانين ألف مرة، هذا مع في دلائل الخيرات من الصيغ المروية عنه صلى الله عليه وسلم، وعن الصحابة والتابعين وتابع التابعين، ولو لم تكن فيه إلا الصلاة الإبراهيمية لكفاه بذلك شرفا.
وكيف يتصور العقل أن تكون صلاة ملفقة من ألفاظ يقتضي ظاهرها الحلول والاتحاد والتجسيم؛ أن تكون أعظم من أربعمائة صلاة وست وعشرين صلاة المحتوى عليها مؤلف الجزولي؟
وفيها من الصيغ الجامعة ما لا يخفى على من له مسكة من العقل والعلم، ومن أعظمها الصيغ الإبراهيمية على اختلاف رواتها.
وكيف يقدر مؤمن متصف بالحياء يحب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ويعظمه فضلا عن صالح، فضلا عن عارف تصدر منه صلاة مثلا على أي وجه كان صدورها أن يجترئ فيقول صلاتي هذه تعدل ثمانين ألف صلاة من الصلاة الواردة عنه صلى الله عليه وسلم ولو مرة واحدة؟
وكيف يمكن أن تكون أرجح منها وأكثر ثوابا وفضلا، وهي خرجت من بين شفتي سيد المرسلين وأنصح الناصحين الذي لم يأل جهدا في نصيحة أمته صلى الله عليه وسلم ولم يدع طريقا للرشد والفلاح إلا بلغها وبينها لهم؟
إذ لا أعز عنده من نجاتهم وفلاحهم، مع أن الله تعالى أخبر بكمال الدين وإتمام النعمة وحصول رضاه بالإسلام دينا في حياته صلى الله عليه وسلم.
وفي المعيار عن ابن الماجشون أنه سمع مالكا يقول: “من أحدث في هذه الأمة شيئا لم يكن عليه سلفها فقد زعم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خان الرسالة؛ لأن الله تعالى يقول: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ}[المائدة/3] فما لم يكن يومئذ دينا فلا يكون اليوم دينا“اهـ.
وبسبب هذه الدعوى التجأ إليه الناس وفقراء الطوائف وفزعوا إليه من كل جانب ومكان بهذه الأقطار المغربية بل حتى المشرقية يستمطرون رحمته، ويرجون نعمته.
وهذا هو السبب الأعظم في امتحانه أيام السلطان المولى عبد العزيز وكان ذلك سنة أربع عشرة وثلاثمائة وألف؛ وذلك أن السلطان مولاي عبد العزيز أمر بتوجيهه لمراكش لأجل امتحانه لما ادعى، وجمع عليه أعيان علماء مراكش، وألقوا عليه مسائل عجز عن الجواب عنها، ولم ينفعه إذ ذاك إلا التبري من دعوى المشيخة، وجميع ما كان عليه، وشهدوا عليه بذلك.
هذا وحال هذه الطائفة في العمارة واستغراقها جل الأوقات الليلية والنهارية غريب جدا لا يكاد يصدقه العقل لولا وجوده، فلا تسمع منهم حالة الاستغراق والتخبط وقوة الجنون السارية في تلك الأجساد سريان الدم في العروق التي اقتضت أن ترفع بها الأقدام على الأرض نحو الذراع إلا لفظ أح أأأ أح أح أح أو لفظة كخ كخ كخ فلا تسمع غير هذين اللفظتين، وقد استوى في هذا الذكر الغريب العالم والجاهل، والعاقل والغافل، فانظر لهذه الأسرار التي ادخرت لهؤلاء المتصوفة من أهل القرن الرابع عشر حتى ظنوا أن الاشتغال بهذه العمارة من أعظم القربات التي توصلهم لحضرة الحق.
نعم وصلوا بها لجحيم الانقطاع، وهاوية الانفصال، وسعير الحرمان، ونار البعد، فإنها لا تعمى الأبصار، ولكن تعمى القلوب التي في الصدور.
27 ثم الطائفية الشنقيطية، وتنسب للشيخ ماء العينين الشنقيطي المتوفى سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة وألف.
وهذه الطائفة متباعدة عن هذه المناكر التي أخذ بها هؤلاء الطوائف وجعلوا يدينون لمولاهم بها حتى كادت أن تخرجهم عن سبيل المؤمنين؛ غير أنهم يحرفون كلمة التوحيد تحريفا قبيحا لا يكاد يسمع لغيرهم، وهم أنهم يقولونها بهذه الألفاظ؛ وهي: (ليله يلله) بفتح اللام وسكون الياء وفتح اللام الثانية، هذا في أداة النفي، وهي لا إله، وأما الخلل الذي يصيرون عليه أداة الإثبات، وهي إلا الله، فيقولون: (يلله).
وهذه الصفة هي هجيراهم آناء الليل وأطراف النهار سواء كانوا بين يدي شيخهم، أو انفردوا عنه، وقد خالطتهم أياما عديدة مع شيخهم وهذا حالهم لا يخرجون عنه، وينطقون بها على هذا الوصف جهرا بسرعة، ولكن لا ينطقون بها جماعة بلفظ واحد، بل كل واحد يصير يذكرها على الوصف المذكور من غير مشقة ولا تعب، ولا يخفى أن الخلل في الأذكار الذي يخرجها عن قانونها الشرعي يعطي تخفيف المشقة والرغبة في العمل، بخلاف ما إذا لوحظ فيها ما يطابق قانونها الشرعي من مد الممدود، وقصر المقصور، وما ما تجب فيه الغنة إلى غير ذلك مما قدمناه على كلمة التوحيد، فإنه يعطي الكسل والمشقة ولا بد.
ثم إن شيخ هذه الطائفة امتاز بأشياء لم تكن لغيره؛ منها أنه كان لا يتورع عن مخالطة أهل الانقطاع عن الله، وذلك لأجل اختلاس ما في جيوبهم إلى جيبه، ومنها طول قلنسوته طولا لم يعهد له نظير كأنها سلة من قصب، ومنها لباسه للحرير الساذج، ومنها اشتغاله باستخدامات روحانية أعانته على أمره، وكانت أكبر وسيلة إلى السيطرة على قلوب ملوك وقته، وذوي النفوس الأبية؛ ومنهم الصدر أحمد بن موسى، وحسبك ما كان يقابله به إذا دخل حضرة مراكش، فإنه يأمر أهل البلد، وأعيانها للخروج للاحتفال به، ويكون لدخوله أبهة عظيمة لا تكون إلا للملك، وإذا حل بالبلد ضربت الضرائب على اختلاف أنواعها على أهل الحرف كلها، وأصحاب الأملاك، ولا يسلم منها شريف ولا مشروف، وترى الناس حينئذ من أجل هذه الصواعق الأرضية التي حلت بها، والوباء الممدود من هذه الصحارى التي عم ضررها، وشاع شررها سكارى وما هم بسكارى، وليس لهم إلا الابتهال والتضرع إلى الله في تنفيس هذه الكربة التي زادت بها الأزمة تعقدا على تعقدها، وحين يستقر قدمه هو وأصحابه بهذه الأرض تهيأ له بغال عديدة نحو المائتين بسروج عجيبة، وثياب فاخرة، وغير ذلك من تلك الضرائب، زيادة على إلزام الرعية بمؤنته اليومية مع كثرة ذلك الجيش المصحوب معه لأجل امتلاء بطنه، وستر سوءته، ولعله يزيد على الألف، وهكذا الحال معه مهما حل بهذه الحضرة، وتكرر مجيئه إليها مرارا بعد موت السلطان المقدس المولى حسن، وأما في حال حياته، فكان لا يطمع فيها لعلم المقدس بترهاته.
وأما الصدر أحمد بن موسى، فكان يحتفل به هذا الاحتفال العظيم لأجل ما يعتقده فيه من المهارة في علم الأسماء حتى إنه وضع له تميمة، وأمره بوضعها تحت قلنسوته، فكان كلما وضعها على رأسه يرى كل من واجهه كأنه يهودي بين يديه، هكذا أخبر من كان له اتصال بالصدر المذكور، والله أعلم.
وبهذه المزية التي حصلت له منه بنى زاويته هذا البناء الهائل، وحيث علمت سبب البناء ما هو؟ فلا تستغرب ما حل فيها الآن.
هذا وأصحابه كلهم أو جلهم على هذا النمط من المهارة في الاستخدامات الروحانية، وكتبه تشهد بذلك، وكنت أرى أصحابه وبأعناقهم التمائم الكثيرة نحو العشرة فأزيد.
وكان ممن يعظمه لهذا المعنى، وطمعا في الملك المولى عبد الحفيظ، في إبان خلافته.
وبالجملة فهؤلاء القوم لا تستريح قلوبهم حتى يظهروا أسرارهم للناس ولو تصنعا ليقبلوا عليهم بالدراهم، فهل تكون ولاية ورغبة في الدنيا؟ لا يكون ذلك أبدا؛ إذ أول قدم للمريد في الطريق: التوبة والزهد، فإذا كان المدعي لم يحصل على أول قدم في الطريق، فكيف يدعي النهاية، وأنه أصح من أهل القرب؟ نعوذ بالله من الخذلان.
ومن عادة هذا الشيخ أنه كان يقدم صلاة العشاء على الوقت المعتاد الذي حدده أكابر الموقتين، واتفقوا عليه وهو المعول عليه، ولا عبرة لمن جوز خلاف ذلك.
انظر في هذا الموضوع تقويمنا المراكشي، والله الموفق.
28 ثم الطائفة البوعزاوية: وتنسب للشيخ أبي عبد الله محمد بن الطيب البوعزوي الشاوي المتوفى سنة اثنتين وثلاثين وثلاثمائة وألف.
وهذه الطائفة تغالت في محبته حتى ألحقوه بما لا يستحقه، وأعانهم على ذلك الهمجية الخارجة عن الدين التي تربوا عليها، ونشؤوا فيها، ولقد رأينا من حماقتهم وما هم فيه من التغالي في محبته ما لا يكاد يصدقه العقل لولا وجوده بينهم.
وبالجملة فأتباعه من الشاوية كادوا أن ينزلوه منزلة الرسول أو أعظم، والبلاء في هؤلاء المتفقرة قديم.
وذكرني هذا ما حكاه الإمام الشاطبي في كتابه الاعتصام، ونصه: “حدثني بعض الشيوخ أهل العدالة والصدق في القول أنه قال: أقمت زمانا في بعض قرى البادية، وفيها من هذه الطائفة المشار إليها الكثير.
قال: فخرجت يوما من منزلي لبعض شأني، فرأيت رجلين منهم قاعدين، فظننت أنهما يتحدثان في بعض فروع طريقتهم، فقربت منهما على استخفاء لأسمع من كلامهم، -ومن شأنهم الاستخفاء بأسرارهم-، فتحدثا في شيخهم وعظّما منزلته، وأنه لا أحد في الدنيا مثله، وطربا لهذه المقابلة طربا عظيما.
ثم قال أحدهما للآخر: أتحب الحق؟ هو النبي!
قال: نعم؛ هذا هو الحق.
قال المخبر: فقمت من ذلك المكان فارا مخافة أن تصيبني معهم قارعة”اهـ بلفظه.
وقال أيضا رحمه الله ما نصه:
“ولقد حكى الفرغاني مذيل تاريخ الطبري عن الحلاج: أن أصحابه بالغوا في التبرك به حتى ادعوا فيه الإلهية، تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا.
وابتكر لهم صلوات وأذكارا آناء الليل وأطراف النهار، وأخرج لهم في فضائلها الكذب الحبريت الذي هو بغية الأغمار الجاهلين، وسبب هذا الجهل بحقائق الدين الإسلامي، وعدم المحافظة على آثار السلف الصالح.
أما آن للحقائق أن تظهر صراحة، وأن تمحص ما دونته تلك الطوائف المحدثة، فجدير بالأنظار أن تتجه لهذا الحادث الذي عم ضرره، ولا سيما في هذه الأزمنة الهائلة، وتحريض الناس على متابعة الكتاب والسنة، وتنبههم أن ينسلخوا من شبكات أصحاب هذه الحالات التعسة.
لكن بالنظر إلى المستقبل العاجل يستحسن الأمر، وقد أوضحته لنا التجارب الحالية، وخيل لنا أنه سيكون ما أشرنا له مستوفى.
ومن عادة هذه الطائفة العمارة المتقدم ذكرها، ولا تسأل عما يحدث فيها من تحريف الأذكار زيادة على ما ذكرناه، والأمر لله الذي لا تخفى عليه خافية في السر والجهار.
ومن مثالب شيخهم المذكور حادثة الدار البيضاء؛ وذلك أنه أمر أتباعه بقتل بعض الخدمة من إسبانيا وفرنسا، ثم هجم هو وأصحابه على الثغر البيضاوي، فنهبوا وسفكوا وانتهكوا من الحرمات ما انتهكوا، وجرى على سبيلهم من تبعهم من قبيلهم، ووقع فساد كبير يضيق عن تفصيله التعبير، فوجهت كل واحدة من الدولتين باخرة حربية حمية لحقها، وحماية للدول الأجنبية، فأنزلتا عددا من العساكر وأطلقتا أفواه المدافع بسبب تلك المناكر وتوالت زمن الناهبين وترادفت طلقات الضاربين على الجائين والذاهبين حتى امتلأت السكك أمواتا، وأمتعة وأقواتا، ولقد وقع الإحصاء في عدد من قتل بها فكان ثلاثة وتسعين ألفا، ولم تزل الدولة الفرنسية تواصل الإمداد، ويموت منها ومن تلك القبائل أعداد، حتى جاست العساكر خلال ديارهم، وتمكنت من سهولهم وأوعارهم، فملت الشاوية وانطفأ لهبها.
ولما مهدت الحكومة الأرض، وأرادت أن تنتصر منه تظاهر بحماية ألمانيا، فترك لأجلها إلى أن مات بمراكش، ووجد في متروكه أربعون ألف ريال مضروبة فضلا عن ضياع كثيرة وعقار، فأنفق أنجاله على أن يبنوا له بذلك القدر من المال قبة تضاهي قبة أبي العباس السبتي، فكان الأمر كذلك، والأمر لله.
وإذا علمت هذا فأين الفرق بين تمول هؤلاء المدعين للمشيخة بترهاتهم الباطلة، وحيلهم الشيطانية لاقتناص الدنيا، وبين ولاة الوقت الذين جمعوا الدنيا بجر ذيول الظلم على الرعية حتى أكلوا اللحم، وشربوا الدم، وامتشوا العظم، وامتصوا المخ، ولم يتركوا للناس دنيا ولا دينا؟!
أما الدنيا، فقد أخذوها، وأما الدين، فقد فتنوهم عنه بسبب أخذ ما بيدهم.
فأهل الدعوى خدعوا الناس بتلك البهرجة، وذلك التظاهر الذي أوهم عامة الناس أنهم أولياء الله، فتوصلوا بذلك لأموالهم التي هي غاية مقصودهم من اتخاذهم لتلك الحيل المتنوعة.
والمتمولون قهروا الناس بتلك السيطرة التي لا قوة لهم على دفعها، والكل منهما زائغ عن الصراط المستقيم، إلا أن أصحاب الدعوى أعظم ضررا بالإسلام والمسلمين لكونهم طلبوا الطريق ليقبل الناس عليهم بتلك الدريهمات.
وبالجملة فالتصوف في عصرنا اليوم وفيما قبله قد أصبح زيه حبالة للدنيا وشباكه يصاد بها قلوب من لا يعرفون من الدين إلا اسمه، وما هو إلا اغترارات بأباطيل يختلقها هؤلاء القوم، وتمسكات بخزعبلات يفتريها المدعون، وأمر الصدق قد قل حتى صار أندر من الكبريت الأحمر، والنصح في الله لفساد الطوايا تعذر.
أما سمعوا قول الله تعالى: { يَا قَوْمِ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي}[هود/51] وقوله تعالى: {ويَا قَوْمِ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالًا إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ}[هود/29].
ومعلوم أن مرشد الخلق إلى الحق إذا كان غنيا في أيديهم كان إرشاده مظنة القبول والنفع، وإلا حامت حوله الظنون وأُوّلت إرشاداته بتأويلات تحمر لها الوجوه، وبعُدَ النفع فيه لحقارته في النفوس.
وتعدد هذه الطوائف أقبح شيء في العصر، وكأن الدين ليس واحدا، وكأن ربه لم يكن واحدا، وكأن مبلغه عن ربه لم يكن واحدا.
وهذا التعدد يدعو إلى الشك، والشك يدعو إلى الإهمال، والإهمال يورث البغض، وعاقبة ذلك الهلاك في دار التحصيل، وفي دار الجزاء.
ومن حق علماء الدين أن يدفعوا هذا الباطل بقدر طاقتهم وقوتهم
لأن الباطل يفسد الحياة، ولأن انتشاره يورث الهلكة”اهـ.
من كتاب “الرحلة المراكشية أو مرآة المساوئ الوقتية” (ص. 179- 213)، مع اختصار.
[1]– قلت: ولا تزال هذه الخزعبلات إلى يومنا هذا؛ ومن ذلك ما شاهدناه في موسم رجراجة في الصويرة من تنافس النساء الجاهلات على شعر إحدى الناقات التي يطاف بها في هذا الموسم، أما المحظوظة فهي التي تصل إلى نتف شعرة من البغلة التي يركب عليها مقدم طائفة رجراجة، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
ننوه الى أن ما ننشره من مواد للسادة والسيدات العلماء والمفكرين والمثقفين والسياسيين، لا يلزم منه الاتفاق معهم في كل أفكارهم وآرائهم
Nous précisons que le contenu publié d'un tiers auteurs n'implique pas que nous sommes forcément d'accord avec l'ensemble de ses idées.
Designed by Khalil BI