تاريخ النشر : 12/11/2015
عدد المشاهدات : 1419
الاستقلال واللغة العربية
بقلم: العلامة الرحالي الفاروق (ت 1405 هـ / 1985 م)
كان الناس يهتفون ويصفقون ويجاهدون من أجل الاستقلال، لأنهم كانوا ينتظرون منه أن يوثق عهد اللغة العربية بأبنائها، ويسعى إلى إنارة القلوب بمنارة الإسلام، ويوسع آفاق الثقافة الأصلية في البلاد، وذلك بالإضافة إلى ما يلزم مما يتطلبه عصر التقدم والعرفان.
وإنه لشيء طبيعي في حياة الأمم المتحررة من حكم الاستعمار أن تتطلع إلى مجاراة الأمم المتقدمة، بعد أن تحتفظ بمقومات الوجود الذاتي، وترتبط بأسباب المجد الماضي؛
ولكنه تراءى في الأفق ما يثير المخاوف والشكوك.
فبدلا من أن ترد مكانة اللغة الضائعة بجهود استقلالنا، ونرفع راية الإسلام الكبرى فوق رؤوسنا، ونحاول الدراسة لصالح البيئة المغربية، وواقع الروح القومية، ذهب بنا تيار التقليد السريع، ودفعنا إلى مسالك ضيقة، وزج بنا في مشاكل جديدة فأصبحنا ونحن نتحدث عن التعريب، نصور الوصول إليه بصورة العسير البعيد.
وإذا أرادت البرامج المحضرة أن تسير إلى جهته، فإنما تسير إليه من وجه يعبر عن روح أجنبية، ويهدف إلى حدود غير طبيعية.
وما دام الأمر كذلك، فالتعريب وعدمه سواء، إذ المهم أن تتقمص الروح المغربية سائر البرامج، ونتحامى كل ما يجعلها تلتبس بغيرها.
وها هو التعليم الأصلي الذي هو من صميم وجود الأمة العربية، والذي يتركز فيه مجدها وفخارها الدائم، بدأت صورته الحقيقية تختفي عن الأبصار تبعا لحكم المنطق الجديد، فتراه يقطع من رأسه، ويصاب بشلل في رجله، ولم تعد برامجه ومناهجه قادرة على التكوين والتثقيف، وهذا خلاف ما كان ينتظر، وخلاف الإيمان بالاستقلال؛.
فإما أن نؤمن بلغة الاستقلال وعقيدته وتاريخه، وإما أن نفقد التوازن في الحياة فتجتاحنا الفوضى الأخلاقية والمذهبية، وتغشانا موجة من التعسف والإلحاد.
والمغرب وإن كان في حاجة ماسة إلى أطر مهنية وعملية للنهوض بطاقات البلاد المادية، فهو في حاجة أيضا إلى أطر دينية وثقافية للنهوض بالأفكار في دائرة العروبة الحقة، والإسلام الصحيح.
دعاني إلى كتابة هذه السطور ما آلت إليه برامج القرويين وابن يوسف وسائر المعاهد من نقص المواد، وضعف في الحصص، وتبدل في الحكم والنظر.
وما راح في هذا الشأن عن اجتماع المجلس الأعلى للتربية الوطنية المنعقد يوم تاسع وعاشر وحادي عشر يونيه سنة 1960 ، مما أنبأ عن قلة اللامبالاة بالمعاهد، وتجاهل قيمتها وتاريخها، ولذلك وجب أن أسجل ما حدث بالمجلس الأعلى، ليطلع عليه الرأي العام في الوقت المناسب.
وسوم :التعليم
ننوه الى أن ما ننشره من مواد للسادة والسيدات العلماء والمفكرين والمثقفين والسياسيين، لا يلزم منه الاتفاق معهم في كل أفكارهم وآرائهم
Nous précisons que le contenu publié d'un tiers auteurs n'implique pas que nous sommes forcément d'accord avec l'ensemble de ses idées.
Designed by Khalil BI