تاريخ النشر : 20/09/2015
عدد المشاهدات : 4221
بحث فقهي
الميسر في فقه الأضحية
إعداد: حماد القباج
C السنة أن لا يأكل يوم الأضحى حتى يرجع من المصلى فيأكل من أضحيته.[1]
C ووقت التكبير في هذا العيد:
” أصح ما ورد فيه عن الصحابة أنه من صبح يوم عرفة إلى آخر أيام منى”. قاله صديق حسن خان رحمه الله.[2]
C صفة التكبير:
ذهب بعض العلماء[3] إلى أن هذا التكبير مقيد بما بعد الفرائض، والأصل بقاء المطلق على إطلاقه حتى يأتي ما يقيده؛ فيكبر المسلم دبر الصلوات, وفي غير ذلك من الأوقات.
وبهذا الإطلاق عمل الصحابة رضي الله عنهم:
عن أبى نجيح :” أن عمر كان يكبر في الدار, أيام التشريق, فيسمع أهل المسجد تكبيره فيكبرون حتى يكبر أهل السوق.”[4]
وعن نافع:” أن ابن عمر كان يكبر بمنى تلك الأيام خلف الصلوات وعلى فراشه ,وفي فسطاطه ,وفي ممشاه تلك الأيام جميعا”.[5]
فمشروعية التكبير في مواطن مخصصة؛ كأدبار الصلوات؛ لا يتنافى مع إطلاق المشروعية في غيرها من الأوقات.
C صيغ التكبير:
لم تثبت صيغة معينة في القرآن والسنة؛ وإنما أثرت صيغ لهذا التكبير عن بعض الصحابة؛
منها: ما ثبت عن سلمان رضي الله عنه قال :” كبروا الله: الله أكبر, الله أكبر, الله أكبر كبيرا” .[رواه عبد الرزاق بسند صحيح كما في الفتح (2/587).
C ذبــــــح الأضحية:
إن من أهم الأعمال التي يقوم بها المسلم في هذا اليوم؛ أن يذبح أضحيته , وفي ما يلي وقفات لتوضيح هذا العمل , وبالله التوفيق .
الوقفة الأولى : تعريف الأضحية
قال العلامة ابن عثيمين: “هي ما يذبح من بهيمة الأنعام أيام الأضحى بسبب العيد تقربا إلى الله.”[6]
قال القاضي عياض: “سميت بذلك لأنها تفعل في الضحى وهو ارتفاع النهار, فسميت بزمن فعلها “.[7]
قال الحافظ ابن حجر: “ولا خلاف في كونها من شرائع الدين.”[8]
الوقــفة الثانية : حكــمها
وبعد الاتفاق على أن الأضحية من شرائع الدين, اختلف العلماء رحمهم الله في حكمها:
فذهب أبو حنيفة ومالك في أظهر القولين في مذهبه إلى القول بوجوبها واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية, واستدلوا بأدلة قوية؛
منها قول الله تعالى: “فصل لربك وانحر” [الكوثر 2]
وعن مخنف بن سليم قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “يا أيها الناس إن على أهل كل بيت في كل عام أضحية“.[9]
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: “من ذبح قبل الصلاة فليعد“[10]
وقوله صلى الله عليه وسلم: “من وجد سعة فلم يذبح فلا يقربن مصلانا.”[11]
وذهب جمهور العلماء إلى أنها سنة, وحقق جمع منهم أنها مؤكدة , والصارف للوجوب عندهم هو عمل الصحابة رضي الله عنهم:
عن أبي سريحة الغفاري قال: “رأيت أبا بكر وعمر رضي الله عنهما وما يضحيان كراهية أن يقتدى بهما”.[12]
وأبو سريحة هو الصحابي الجليل: حذيفة بن أسيد رضي الله عنه.
وعن عقبة بن عمرو رضي الله عنه قال: “لقد هممت أن أدع الأضحية وإني لمن أيسركم بها مخافة أن يحسب أنها حتم واجب”.[13]
وعقبة هو الصحابي الجليل أبو مسعود الأنصاري.
وروي مثل هذا أيضا عن ابن عباس و بلال وأبى أيوب رضي الله عنهم.[14]
وعلى أية حال فينبغي على المسلم أن يحافظ على هذه العبادة “فإنها من أعظم شعائر الإسلام, وهي النسك العام في جميع الأمصار والنسك مقرون بالصلاة” كما قال ابن تيمية.
عن جبلة بن سحيم أن رجلا سأل ابن عمر عن الأضحية أواجبة هي؟
فقال: ضحى رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون، فأعادها
فقال: “أتعقل؟ ضحى رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون.”[15]
C وإذا اشترى الحيوان ونوى انه للقربة, تعين:
وصار أضحية واجبة عليه لقوله صلى الله عليه وسلم :”إنما الأعمال بالنيات وانما لكل امرئ ما نوى “.[16]
C ولا يجوز له بيع جلدها أو صوفها أو شيء منها:
لقوله عليه الصلاة والسلام: “من باع جلد أضحيته فلا أضحية له“.[17]
قال الإمام البغوي رحمه الله: “ولا يجوز بيع شيء منها , لأنه أخرجه لله عز وجل.”[18]
الوقفة الثالثة:
إذا اتضح كون هذا العمل عبادة فلا بد من تحقيق شرطي قبول العبادة وهما:
. الإخلاص لله.
. وأن يكون التقرب وفق ما شرع الله سبحانه.
فلا تذبح النسيكة من أجل المباهاة والمفاخرة , أو مجرد التوسع في الأكل, أو نحو ذلك.
قال الله سبحانه: “فصل لربك وانحر” [ الكوثر 2]
وقال الله عز وجل: “قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت.” [ الأنعام 162]
وقال الله تعالى: “لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم.” [ الحج 37]
فالعبرة بما في القلب من تعظيم لشعائر الله, وإظهار لسنة الخليلين عليهما السلام,وتذكير بمواقفهما العظيمة في نصرة التوحيد والدعوة إلى الله جل وعلا , وبذل المال من أجل ذلك.
فصل
وحتى يتحقق للمسلم الشرط الثاني لقبول العبادة, ويكون تقربه بهذه القربة وفق ما شرعه الله , فلا بد له من أن يعمل بما يلي:
C يمسك عن أخذ شيء من شعره أو أظفاره أو بشرته إذا أهل هلال ذي الحجة:
عن أم سلمة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :”إذا دخلت العشر, وأراد أحدكم أن يضحي, فلا يمس من شعره و بشرته شيئا ولا يقلمن ظفرا. “[19]
فيحرم على من أراد أن يضحي أن يأخذ شيئا من ذلك.
“فإن دخل العشر وهو لا يريد الأضحية ثم أرادها في أثناء العشر أمسك من أخذ ذلك منذ إرادته ولا يضره ما أخذ قبل إرادته “[20]
قال العلامة ابن عثيمين: “وأما من يضحى عنه فظاهر الحديث وكلام كثير من أهل العلم أن النهي لا يشمله فيجوز له الأخذ من شعره وظفره وبشرته.”[21]
“ومعنى الأخذ من البشرة : كمن ينتف جلد رجله إذا كان ميتا أو يابسا …”[22]
C وقت الذبح:
يبدأ بعد أداء صلاة العيد, ويمتد إلى غروب شمس آخر أيام التشريق:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:” من ذبح قبل الصلاة فإنما يذبح لنفسه, ومن ذبح بعد الصلاة والخطبتين , فقد أتم نسكه وأصاب سنة المسلمين” .[23]
“فهذا وقت الأضحية بعد فعل الصلاة , وهو قول الجمهور من العلماء – مالك وأبي حنيفة واحمد بن حنبل وغيرهم- وانما قدر وقتها بمقدار الصلاة الشافعي”.[24]
ومن هنا يتبين لنا خطأ كثير من الناس الذين يذبحون قبل الصلاة , وبعضهم يذبح كبشا قبلها والآخر بعدها, ألا فليعلموا أن ما ذبح قبل الصلاة فإنما هو شاة لحم وليس أضحية ولا قربة ولا أجر فيه.
بل صح في السنة ما يدل على انه لا يشرع للمسلم أن يذبح نسيكته حتى يذبح الإمام :
عن جابر رضي الله عنه قال :”صلى بنا النبي صلى الله عليه وسلم يوم النحر بالمدينة , فتقدم رجال فنحروا, وظنوا أن النبي صلى الله عليه وسلم قد نحر , فأمر النبي صلى الله عليه وسلم من كان نحر قبله أن يعيد بنحر آخر,ولا ينحروا حتى ينحر النبي صلى الله عليه وسلم “.[25]
قال العلامة النووي رحمه الله :” هذا مما يحتج به مالك في انه لا يجزئ الذبح إلا بعد ذبح الإمام, كما سبق في مسألة اختلاف العلماء في ذلك, والجمهور يتأولونه على أن المراد زجرهم عن التعجيل الذي قد يؤدي إلى فعلها قبل الوقت ,ولهذا جاء في باقي الأحاديث التقييد بالصلاة وان من ضحى بعدها اجزأه, ومن لا فلا “.[26]
وما ذكرته في انتهاء وقت الذبح مروي عن علي رضي الله عنه والحسن وعطاء وعمر بن عبد العزيز رحمهم الله , وهو مذهب الشافعي رحمه الله , واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية واستدل له بحديث “كل أيام التشريق ذبح“[27]
قال العلامة ابن عثيمين :” والأضحية عبادة مؤقتة لا تجزئ قبل وقتها على كل حال, ولا تجزئ بعده إلا على سبيل القضاء إذا أخرها لعذر.”[28]
C ولا تكون الأضحية إلا من الإبل والبقر والغنم:
ولا يجزئ من ذلك إلا الثني , إلا الضأن[29] فإنه يجزئ فيه الجذع؛
قال النبي صلى الله عليه وسلم :” لا تذبحوا إلا المسنة إلا أن يعسر عليكم فاذبحوا جذعة من الضأن“.[30]
والمسنة: الكبيرة وأول ذلك الثني .
وقال صلى الله عليه وسلم: “إن الجذع[31]يوفي مما توفي منه الثنية.”[32]
والجذع من الضأن:على الأشهر ما استكمل سنة ودخل في الثانية ,لكن إذا ثبت أنه أجذع قبلها فلا باس به في التضحية .
والثني من الماعز: ما تمت له سنتان وقيل سنة.
ومن البقر: ما تم له سنتان ودخل في الثالثة.
وفي الإبل: ما تم له خمس سنوات.
والله أعلم.
C ويشترط في الأضحية أن تكون سالمة من العيوب الأربعة:
عن البراء بن عازب رضي الله عنه: قال النبي صلى الله عليه وسلم :” أربعة لا تجزئ في الأضاحي العوراء البين عورها, والمريضة البين مرضها , والعرجاء البين ظلعها , والعجفاء التي لا تنقي.”[33]
ومعنى لا تنقي: لا نقي لها, و النقي هو الشحم فهي هزيلة جدا !
وإذا لم تجزئ العوراء والمريضة والعرجاء, فمن باب أولى لا تجزئ العمياء و لا المنخنقة والموقوذة والمتردية ولا مقطوعة الرجل.
وإذا أوجب أضحية سالمة , ثم طرأ عليها عيب اجزاته؛ لما رواه مسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:” بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بست عشرة بدنة , مع رجل , وأمره فيها – أي جعله وكيلا لينحرها بمكة – قال فمضى , ثم رجع , فقال: يا رسول الله , كيف اصنع بما أبدع علي منها؟ قال : انحرها , ثم اصبغ نعليها في دمها , ثم اجعله على صفحتها , ولا تأكل منها أنت ولا أحد من أهل رفقتك“.[34]
C والشاة مجزئة عن الرجل و أهل بيته:
عن أبي أيوب رضي الله عنه قال: ” كنا نضحي بالشاة الواحدة , يذبحها الرجل عنه وعن أهل بيته”.[35]
C وإذا كانت الأضحية من الإبل جاز اشتراك سبعة أو عشرة فيها, وإذا كانت من البقر أجزأت عن السبعة:
عن جابر رضي الله عنه قال:” نحرنا مع النبي صلى الله عليه وسلم بالحديبية؛ البدنة عن سبعة والبقرة عن سبعة “.[36]
وعن ابن عباس رضي الله عنه قال :” كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر, فحضر الأضحى, فاشتركنا في البقرة سبعة وفي البعير عشرة “.[37]
C والأفضل في الأضحية: البعير ثم البقرة ثم الضأن ثم الماعز ثم سبع البعير ثم سبع البقرة ثم عشر البعير:
فقد سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الرقاب افضل فقال:”أغلاها ثمنا وأنفسها عند أهلها“.[38]
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: “الأزواج الثمانية من الإبل والبقر والضأن والماعز, على قدر الميسرة فما عظمت فهو أفضل”.[39]
وأما مواظبته صلى الله عليه وسلم على التضحية بالكبش , فالجواب عنه بأن نقول: إنه عليه الصلاة والسلام قد يواظب على المفضول دون الفاضل لسبب من الأسباب .
فقد واظب عليه الصلاة والسلام على أداء صلاة العشاء في أول وقتها مع تصريحه بأن صلاتها في آخر الوقت أفضل, والسبب دفع المشقة عن الأمة:
عن عائشة رضي الله عنها قالت:” أعتم النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة بالعشاء حتى ذهب عامة الليل, ثم خرج فصلى وقال: “إنه لوقتها لولا أن أشق على أمتي.”[40]
C وإذا ضحى بالكبش فيستحب أن يكون على الصفة الواردة في السنة:
عن عائشة رضي الله عنها :” أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بكبش أقرن, يطأ في سواد وينظر في سواد ويبرك في سواد, فأتي به فضحى به.”[41]
وعن أنس رضي الله عنه قال :” ضحى رسول الله صلى الله عليه وسلم بكبشين أقرنين أملحين.”[42]
وعن أبي سعيد رضي الله عنه قال :” كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يضحي بكبش أقرن فحيل.”[43]
قوله أقرنين : أي لكل منهما قرنان معتدلان.[44]
والأملح : هو الذي فيه سواد وبياض, والبياض أكثر.[45]
C والتضحية أفضل من الصدقة بثمن الأضحية؛
لأنه هو الذي واظب عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقد يعرض للمفضول ما يجعله فاضلا: ففي حالة حاجة الأمة إلى المال – مثلا – تصير الصدقة أولى من التضحية كما قال العلامة ابن عثيمين.[46]
C والأفضل أن يباشرها بنفسه:
كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم، ويجوز التوكيل فيها للمسلم القادر.
C وينبغي للذابح أن يحد شفرته:
لقوله عليه السلام :”إن الله كتب الإحسان على كل شيء ؛ فإذا قتلتم فاحسنوا القتلة , وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة, وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته“.[47]
C والرفق بالحيوان مأمور به في ديننا عموما:
عن ابن عباس رضي الله عنه قال: “مر رسول الله صلى الله عليه وسلم على رجل واضع رجله على صفحة شاة, وهو يحد شفرته وهي تلحظ إليه ببصرها فقال :”أفلا قبل هذا؟ أتريد أن تميتها موتتين“.[48]
وقال صلى الله عليه وسلم :”من رحم ولو ذبيحة عصفور, رحمه الله يوم القيامة“[49]
وعن هشام ابن زيد قال: دخلت مع أنس بن مالك على الحكم بن أيوب, فرأى فتيانا أو غلمانا قد نصبوا دجاجة يرمونها, فقال أنس: “نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تصبر البهائم “[50]
وانظر جملة من الأحاديث والآثار في هذا الأدب في السلسلة الصحيحة (1/58-70).
وهذا مما يدل على أن المسلمين مستغنون بدينهم عما سواه من الأنظمة والقوانين, فإنه لم يترك خيرا إلا أمر به؛ كالعدل والتكافل والنظام والنظافة والرفق بالحيوان …,وغير ذلك مما فيه مصلحة للفرد والمجتمع , فالحمد لله على نعمة الإسلام وكفى بها نعمة .
C ثم يضجع الأضحية على الجانب الأيسر, مستقبلا بها القبلة, ويضع رجله على الجانب الأيمن , فيمر السكين مسميا مكبرا:
عن انس قال:” ضحى النبي صلى عليه وسلم بكبشين املحين, فرأيته واضعا قدمه على صفاحهما يسمي ويكبر فذبحهما بيده “.[51]
وعن عائشة :” أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بكبش … فاضجعه وذبحه وقال: بسم الله ,اللهم تقبل من محمد وآل محمد ومن أمة محمد“[52]
والتسمية واجبة لقول الله تعالى: “فاذكروا اسم الله عليها صواف” الحج 34
وقال النبي صلى الله عليه وسلم “: ما أنهر الدم, وذكر اسم الله عليه فكل.”[53]
فعلق مشروعية الأكل على شرطين :
الأول: انهار الدم.[54]
و الثاني: التسمية.
ولا يجوز الأكل منها إذا لم يسم عليها؛ لقول الله تعالى”: ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه وانه لفسق” الإنعام 122
فان قيل وما وجه التوفيق بين هذا وبين ما ثبت عن عائشة رضي الله عنها”: أن قوما قالوا يا رسول الله , إن قوما يأتوننا باللحم , لا ندري اذكر اسم الله عليه أم لا؟ فقال : سموا الله عليه وكلوه “.[55]
” قلت: إن هذا الحديث , فيما لم نعلم هل سمي عليه أم لا , بخلاف محل النزاع , فانه فيما علم انه لم يسم عليه أصلا , وانما يستفاد من الحديث حمل ذبيحة المسلم على السلامة , كما قال ابن عبد البر في الاستذكار 15/214
وانما قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك ليعلمهم أن المسلم لا يظن به ترك التسمية على ذبيحته , ولا يظن به إلا الخير , وأمره محمول على ذلك ما خفي أمره , حتى يستبين فيه غيره .
بل إن هذا الحديث إلى قول من قال بوجوب التسمية ,أولى من قول من استدل به على الاستحباب فقد قال الصنعاني في سبل السلام 4/153: بل فيه دليل على انه لا بد من التسمية وإلا لبين له عدم لزومها.”[56]
فإذا ترك التسمية ناسيا جاز الأكل كما قال ابن عباس , لعموم قول الله تعالى: ” ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو اخطانا “.
واما استقبال القبلة فقد ثبت عن بعض الصحابة:
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما:” انه كان يستقبل القبلة في التضحية.”[57]
قال ابن حجر في شرحه لحديث انس السابق “: وفيه استحباب التكبير مع التسمية , واستحباب وضع الرجل على صفحة عنق الأضحية الأيمن, واتفقوا على أن إضجاعها يكون على الجانب الأيسر”.[58]
C ولا يجوز أن يعطي الجزار منها شيئا أجرة:
لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك كما في الصحيحين من حديث علي رضي الله عنه.[59]
C ويشرع له أن يقسمها:
على نحو ما جاء في قوله عليه الصلاة والسلام: ” كلوا وادخروا وتصدقوا.“[60]
وهذا يدل على وجوب التصدق بشيء منها.
وقد قال الله تعالى: “فإذا وجبت جنوبها فكلوا منها و أطعموا القانع و المعتر” . الحج36
قال الإمام السعدي رحمه الله تعالى: “أي الفقير الذي لا يسأل تقنعا وتعففا, والفقير الذي يسأل, فكل منهما له حق فيها.”[61]
وقال سبحانه: “فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير” . الحج 28 .
وفي الآية دليل على تحريم بيع شيء منها[62], وقد سبق الحديث في ذلك.
C ومن عجز عن الأضحية ناله أجر المضحين:
لما رواه جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه ضحى عمن لم يضح من أمته.[63]
وهذا الفعل خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم[64].
أيام التشريق:
وهي الأيام الثلاثة بعد يوم الأضحى, وسميت كذلك لأنها كانت تشرق فيها لحوم الأضاحي أي تقدد وتبرز للشمس.
وهي الأيام المذكورة في قوله تعالى: “واذكروا الله في أيام معدودات“. البقرة 203.
كما صح التفسير بذلك عن ابن عباس رضي الله عنه.[65]
وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “: يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق عيدنا أهل الإسلام وهي أيام أكل وشرب. “[66]
وعن نبيشة الهذلي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : “أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر لله عز وجل.“[67]
ويحرم صومها كما يحرم صوم يوم العيد لقول عائشة وابن عمر رضي الله عنهم “: لم يرخص في أيام التشريق أن يصمن إلا لمن لم يجد الهدي “[68].
هذا والله أعلم , وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وآله.
[1] – المسند (3/126) وصححه الألباني في صحيح الجامع (4845)
[2] -الروضة الندية (1/97). وانظر الآثار عنهم رضي الله عنهم في ذلك عند ابن المنذر في الأوسط 4/300-304
[3] – انظر الفتح (2/582)
[4] – رواه ابن المنذر في الأوسط 4/299.
[5] – رواه ابن المنذر 4/299 . وهو عند البخاري معلقا في كتاب العيدين, الباب 13.
[6] – رسائل فقهية ص45
[8] – فتح الباري (3/10)
[9] -أبو داود (2788) وحسنه الألباني
[10] -رواه أحمد (3/113) عن أنس, وصححه الألباني في صحيح الجامع (6242)
-[11] رواه أحمد (22/312)عن أبي هريرة, وحسنه الألباني.
-[12] رواه عبد الرزاق في المصنف(4/381-8139) و البيهقي (9/444/19034) بسند صحيح.
-[13] رواه عبد الرزاق في المصنف (4/383/8149) و البيهقي (9/445/19038) . وصححه الحافظ في
التلخيص 4/145
-[14] انظر المصنف لعبد الرزاق والسنن الكبرى للبيهقي.
[15] – رواه الترمذي 1506 وقال هذا حديث حسن صحيح
[16] – حديث مشهور رواه الشيخان وغيرهما.
[17] – رواه الحاكم 3468 وصححه, وحسنه الألباني في صحيح الجامع6118 .
[18] – شرح السنة 4/360 .
[19] – رواه مسلم (1977)
[20] – رسائل فقهية ص79
[21] – رسائل فقهية ص78
[22] – انظر الشرح الممتع 7/531
[23] – متفق عليه
[24] – مجموعة الفتاوى 21/237
[25] – رواه مسلم 1964
[26] – شرح صحيح مسلم 7/99 .
[27] – رواه أحمد (4/82) بسنده عن سليمان بن جبير بن مطعم عن أبيه مرفوعا ورجاله ثقات,إلا أن له علة؛ وهي الانقطاع؛ فان سليمان هذا لم ير أحدا من الصحابة , قاله البخاري كما في العلل الكبير للترمذي 1/313 . وانظر: تحفة التحصيل ص 137. فالسند ضعيف خلافا للعلامة احمد شاكر في تعليقه على المسند 13/143 .والله اعلم.
[28] – رسائل فقهية ص53
[29] – الضائن من الغنم: ذو الصوف , ويوصف به فيقال: كبش ضائن والأنثى ضائنة وجمعها ضوائن , والضائن خلاف الماعز . انظر لسان العرب 8/7.
[30] – رواه مسلم 1963
[31] – والمقصود الجذع من الغنم كما هو مبين في الحديث.
[32] – رواه أبو داود (2779) بسند حسن
[33] – رواه الترمذي (1497) وقال: حسن صحيح. ومالك (1126)
[34] – رواه مسلم 1325 وأبو داود 1763
[35] – رواه مالك 1136 بسند صحيح
[36] – رواه مسلم (1318)
[37] – رواه النسائي (4392) وابن ماجه (3128) بسند لا باس به , وله شواهد . وصححه الألباني في المشكاة (1/462) , وفي تعليقه على النسائي . وقد أعله البيهقي بحديث جابر وما في معناه , وفي ذلك نظر , فان سند حديث ابن عباس حسن لذاته , وفي الباب أحاديث عن غيره من الصحابة في أسانيدها ضعف يسير , واختلاف مخارجها يؤكد ثبوت هذا الحكم عن النبي صلى الله عليه وسلم . وهي لا تعارض حديث جابر رضي الله عنه وما في معناه مما يدل على أن البعير يجزئ عن سبعة , فكلاهما مشروع .وقريب من هذا ما ثبت عن النبي = = صلى الله عليه وسلم انه ضحى بكبش وانه ضحى بكبشين , فلا يتنافيان والله اعلم . و باجزاء البعير عن عشرة قال سعيد بن المسيب و إسحاق رحمهما الله . كما في المغني لابن قدامة 11/96 .
[38] – متفق عليه
[39] – رواه البيهقي (9/457-19083)
[40] – رواه مسلم 219
-[41] مسلم (1967) و أبو داود (2792)
-[42] البخاري (5558) و مسلم (1966) و أبو داود (2794) واللفظ له.
-[43] أبو داود (2796) وصححه الألباني
[47] – مسلم (1955)
[48] – رواه الطبراني (3/149/1) وصححه الألباني في الصحيحة 24
[49] – رواه البخاري في الأدب المفرد (371) وحسنه الألباني في الصحيحة (27)
[50] – البخاري (5513) ومسلم (1956) وأبو داود (2816)
[51] – رواه البخاري 5558
[52] – رواه مسلم 1967
[53] – متفق عليه
[54] – وهذا الشرط يتحقق بقطع ثلاثة من أربعة أمور؛ فان في الحلق أربعة أشياء:المريء والحلقوم والودجان؛ قال ابن تيمية : ” والأقوى أن قطع ثلاثة من الأربعة يبيح , سواء كان فيها الحلقوم أو لم يكن , فان قطع الودجين أبلغ من قطع الحلقوم وأبلغ في انهار الدم.” الاختيارات الفقهية ص323 , وانظر:” الذكاة الشرعية واحكامها ” للعلامة صالح الفوزان ص 13- 14.
[55] – رواه البخاري 5507
[56] – تنوير العينين بأحكام الأضاحي والعيدين ؛ لفضيلة الشيخ مصطفى بن إسماعيل المأربي حفظه الله ص 537
[57] – رواه مالك في الموطأ 854 بسند صحيح
[58] – الفتح 10/22
[59] – رواه البخاري 1716
[60] – رواه البخاري 5569 ومسلم 1973
[61] – تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان ص 488 .
[62] – انظر: الحاوي للماوردي (19/119).
[63] – رواه أبو داود 2810 وصححه الألباني
[64] – انظر: فتح الباري (9/514)، وإرواء الغليل (4/354).
[65] – سبق تخريجه
[66] – رواه أبو داود 2419 والنسائي 3004 و الترمذي 773 وقال حسن صحيح. واحمد 4/152
[67] – رواه مسلم 1141
[68] – روا ه البخاري 1997
وسوم :الفقه
ننوه الى أن ما ننشره من مواد للسادة والسيدات العلماء والمفكرين والمثقفين والسياسيين، لا يلزم منه الاتفاق معهم في كل أفكارهم وآرائهم
Nous précisons que le contenu publié d'un tiers auteurs n'implique pas que nous sommes forcément d'accord avec l'ensemble de ses idées.
Designed by Khalil BI