تاريخ النشر : 12/09/2015
عدد المشاهدات : 2095
من قتل الطفل السوري؟
(أركان الفساد الخمسة)
بقلم: الدكتور عادل رفوش
هذا الربيع العربي الذي جاء على قَدر يا موسى؛ فكان فيه العلماء الراسخون والدعاة المخلصون -كما بينته في صيب الربيع العربي-؛ مجتهدين في الاستفادة منه؛ بداراً في الحسنى واغتناماً للرياح؛ كما تواترت بمشروعية ذلك النصوص كتاباً وسنةً وعقلاً وتاريخاً؛ فكانوا موفقين ورجالاً ثابتين؛ وألين لهم من الأمر كما ألين لداود الحديد، ومكنوا من جالوت وجنوده، مع كثرة من يقول لهم: {لَا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ} [البقرة: 249]
فهزموهم بإذن الله في مواقف شتى؛ وبقيت نيران الشام والعراق ومصر يتخاذل فيها المسلمون، ويتكاثف الطغاة والمجرمون؛ فثبتوا عروش حكام البطش والإجرام، وهي إلى زوال، والله المستعان.
وإن من أبشع صور المتاجرة بآلام المظلومين والمنكوبين؛ ما أقدم عليه (الرسلانيون والرضوانيون) من تحميل مسؤولية ما وقع للطفل السوري؛ للعلماء الذين يقولون كلمة حق للسلطان الجائر، بل العميل الظالم السفاح، والذين يشهدون بحق الناس في رفع المظالم عنهم!!
معتبرا حزن أولئك العلماء على ذاك الطفل الضحية -وأمثاله كثر- تباكيا بدموع التماسيح!!!
ولا حول ولا قوة إلا بالله تعالى ..
إنها الانتكاسة الأخلاقية تتزوج بالهزال العلمي؛ فيفرخان هذا الموقف الموغل في الانحراف عن جادة الكتاب والسنة ومنهج السلف الصالح ..
إن الذي قتل الطفل السوري:
هو الاستبداد المتطرف الذي يأبى إلا أن يبقى جاثما على الشعوب؛ مخربا لدينها وناهبا لثرواتها ومحكما قبضة عدوها المحتل (الإمبريالي) عليها ..
إن الذي قتل الطفل السوري:
هو العميل الطاغية بشار وزبانيته وحلفاؤه الذين انتزعت الرحمة من قلوبهم، واستباحوا قتل الأطفال والنساء، في مسرح نظام عالمي منافق؛ تتقاسم أدوار الشر فيه دول تدعي ضمان حق الشعوب في الحرية وحقوق الإنسان، ثم توزع الأدوار بين روسيا وإيران اللتين تجاهران بدعم السفاح، وأمريكا التي تظهر معارضته نفاقا!
إن الذي قتل الطفل السوري:
هم أولئك الذين لما هبت رياح التغيير بقدر الله الكوني؛ قعدوا يتباكون على الأنظمة بدعوى تحريم الخروج والمظاهرات والاحتجاج؛
ولما سقط الطغاة جلسوا للصالحين بالتشويه والتشغيب، وتربصوا بهم؛ يتصيدون عثراتهم وينتظرون ساعة الانتقام منهم!
فلما عادت الثورات المضادة بإرجاع الطغاة؛ قاموا يعينون ويتشفون ويشمتون ويدَّعون؛ بلا علم ولا سنة ولا سلف ..
إن الذي قتل الطفل السوري:
هو التخاذل الذي تسمونه حكمةً، والجبن الذي تسمونه سلفيةً، والتقاعس الذي تظنونه تريثاً؛ فإن كانت الغنائم فنحن معكم، وإن كانت المغارم: {مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصَادِقُون} [النمل: 49]
إن الذي قتل الطفل السوري:
هو سجع الكهان، حين تنضاف إليه برودة الحروف، مع صوفية سلفية جديدة تدعو لإصلاح النفوس ساعة إزهاق النفوس!
ووالله إن إصلاحها لأصل، ووالله إنه -رغم وجوب المجاهدة- أيضاً لإصلاح سهل ميسور؛ لمن صدق لا يأخذ إلا لمح البصر ..
ولا يعني الانزواء في زاوية مع متون فنون، بل الفرض أن تتوزع الصدور بين الجسور والثغور؛ لا عند خصوص القصور أو القبور؛ كما شرحناه في قصة سحرة فرعون وقول ابن عباس رضي الله عنه: “كانوا بكرة سحرة شررة ثم أمسوا شهداء بررة”؛
فما أصلحهم إلا الصدع بالحق ونصرة المظلوم والوقوف في وجه الظالم؛ فنسوا الأجر للغلبة وطلبوا رضى الرب باقتحام العقبة: {فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا} [طه: 72]
إن الذي قتل الطفل السوري:
هو هذا الجيل الذي ربي على الخنوع ومطلق الطاعة؛ وأريد لفئات منه أن ترتفع عندهم (هورمونات) الاحتياط والاحتراز بدعوى الصبر في المكره -زعموا- حتى يتحرك داخل الجدار لا جوارَ الجدار؛ فأخطئوا على الشريعة وأوهموا الأمة فأوهنوها.
وإن لم نتدارك شبابنا منهم ومن فكي أسد الشهوات والشبهات بالعلم وبالعمل وبالتدافع وبالحكمة؛ فإنه سيلقى الكل مصيرًا أسوأ من مصير هذا الطفل السوري البريء؛ الذي بعثه الله عونا للعلماء الصادقين الصادعين بالحق ليكون شاهدا لهم وشهيداً في الدنيا والآخرة؛ على بشاعة ما يقاومون من فظيع الاستبداد وأعوانه الظالمين من أركان الفساد ..
وأركان الفساد خمسة كما شرحها القرآن، وبينتها مرارا كما سمعتها من شيخي العلامة ابن عدود رحمه الله، وتلميذه البر الرشيد شيخنا العلامة الحسن ولد الدوو أطال الله عمره في الصالحات:
1 الحاكم المستبد: فرعون
(الذي يدعي ويشتهي ويبطش)
2 البلاط المتلبد: هامان
(الذي يؤيد ويعين وينفش)
3 العالم المتبلد: السحرة
(الذي يطبع ويستدل وينقش)
4 المال المستفسد: قارون
(الذي ينفق ويبذل وينعش)
5 والإعلام المنفذ:
(الذي ينفخ ويُعرش ويلطش)
{فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ (53) إِنَّ هَؤُلَاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ (54) وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ (55) وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُون} [الشعراء: 53 – 56]
فهؤلاء هم القتلة الحقيقيون أيها المسلمون، أيها السلفيون المخدرون بمخدر الرسلانية العميلة ..
فاستفيقوا وارتقوا بوعيكم وفهمكم؛ ولا داعي للشغب وللشماتة في المسلمين؛ فلأنفسكم تمهدون:
{إِذْ تُصْعِدُونَ وَلَا تَلْوُونَ عَلَى أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ فَأَثَابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ لِكَيْلَا تَحْزَنُوا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا مَا أَصَابَكُمْ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ 153 ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَة} [آل عمران: 153]
إن الذين قتلوا الطفل الشهيد:
هم أولئك الذين يضنون عليه وعلى العلماء بلفظ “الشهيد”، ويبذلونها لمن شاء الله من الجنود!
اللهم ارحمهم أجمعين.
ولا يتحركون إلا في صف من غلب؛ فلما حصحص عليهم الحق من رافضة صنعاء الحوثيين؛ تكشفت فسيلة أفكارهم فلم ندر:
هل يكفرون الرافضة؟
هل اليمن زيدية؟
هل علي صالح ولي أمر؟
هل الحوثي متغلب؟
هل المظاهرات ضدهم جائزة؟
وهل الحرب مشروعة؟
وهل التعاون واجب؟
أم هو ثورة وفتنة وخروج ويجب الاعتزال؟!
أم هناك فرق عندكم لا يدركه إلا راسخوكم في المسائل الكبار التي عند معالي كباركم في جهة خاصة؟!!
أم أنكم ستلعنونهم أيضاً لأنهم ساهموا في التباس الأمر عليكم فخرج بعضكم للناس قائلين -وذلك الأليق بكم- {إِنَّ الْبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَمُهْتَدُون} [البقرة: 70]
إن الذين قتلوا الطفل السوري:
هم الذين قال فيهم ربنا المتعال في سورة الآل -ولنعم الآل آل عمران لا آل فرعون-؛ قال جل ذكره:
{وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ (166) وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُوا قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالًا لَاتَّبَعْنَاكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمَانِ يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ (167) الَّذِينَ قَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا قُلْ فَادْرَءُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِين} [آل عمران: 166 – 168]
وقال ربنا سبحانه:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانْفِرُوا ثُبَاتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعًا (71) وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ فَإِنْ أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَالَ قَدْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُنْ مَعَهُمْ شَهِيدًا (72) وَلَئِنْ أَصَابَكُمْ فَضْلٌ مِنَ اللَّهِ لَيَقُولَنَّ كَأَنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزًا عَظِيمًا (73) فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ وَمَنْ يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا} [النساء: 71 – 74]
اللهم احفظ علماءنا، وارحم شهداءنا من الولدان والنساء والرجال {الذين لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلاً} ..
وسوم :الدعوة إلى الله
ننوه الى أن ما ننشره من مواد للسادة والسيدات العلماء والمفكرين والمثقفين والسياسيين، لا يلزم منه الاتفاق معهم في كل أفكارهم وآرائهم
Nous précisons que le contenu publié d'un tiers auteurs n'implique pas que nous sommes forcément d'accord avec l'ensemble de ses idées.
Designed by Khalil BI