أنشطة وأخبار

استضافة القمني .. سياق وملاحظات منهجية

تاريخ النشر : 2/07/2015

عدد المشاهدات : 829


حماد القباج

 

قبل الدخول في مناقشة مضامين الخواطر والأفكار التي رددها المدعو سيد القمني في مداخلاته التي استضافها ورتب لها حزب الأصالة والمعاصرة بشراكة مع جريدة الأحداث المغربية ..

قبل ذلك أود أن أسجل ملاحظات بخصوص سياق هذه المداخلات وإطارها المنهجي:

الملاحظة الأولى: غياب المنهجية

مداخلات القمني كانت عبارة عن سرد لخواطر بأسلوب تهكمي ونفسية تحاملية، ولا علاقة لها بالمناهج العلمية لا الصحيحة ولا الخاطئة ..

فخطابه لم يصلْ إلى مستوى يمكن أن يوصف فيه بأن له منهجية؛ وإنما هي خواطر ووساوس يسردها بأسلوب عامي سوقي، ويردد فيها شبهات بعض المستشرقين والملاحدة التي أكل عليها الدهر وشرب ..

لا يجد الباحث والمهتم: توثيقا لنقل، ولا استدلالا بنص محرر، ولا استنباطا ممنهجا، ولا تحليلا علميا ..

ويمكن تلخيص عناصر مداخلاته في ثلاثة ملامح:

1 سرد أخبار غير موثقة

2 التحدث بانطباعات (ولا أقول: تحليلات) شخصية

3 طعن وتهكم

الملاحظة الثانية: ادعاء امتلاك الحقيقة

بدأ القمني مداخلته بالمكتبة الوطنية؛ بتحية الحضور بأنهم لا يسلمون عقولهم للغير ..

وكأنه يدعي أن من يختار قناعات غير قناعاته؛ فهو معطل العقل!

فلا بد أن يكفر الناس مثله؛ ليصح وصفهم بالعقلنة وحرية الفكر!!

وهنا أتساءل: هل يمكن وصف الذين استضافوه وصفقوا له بأنهم أسلموا عقولهم له؟!

إن مشكلة كثير من العلمانيين الإباحيين؛ هي الكبر والتعالي وادعاء العقل والمنطق والعلم والمعرفة والفكر المتنور ..

وفي المقابل: يحتقرون المؤمنين ويعتبرون أن الإيمان يعني الجهل والتخلف الفكري واللامنطق واللاعقل ..

وهذه عقلية فرعونية استبدادية:

قال الله تعالى: {قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ} [غافر: 29]

الملاحظة الثالثة: غياب الموضوعية

خلاصة القصة: هجوم ملحد على دين يكرهه.

الكلام عن الله تعالى بأسلوب الاعتراض والاستدراك والاستهزاء

الكلام عن النبي صلى الله عليه وسلم بنفس الأسلوب ..

وعن جبريل عليه السلام؛ ووصفه بأسلوب تهكمي بأنه (طالع نازل)

والحاضرون يضحكون .. وكأنهم أناس ألحدوا ويستمتعون بالاستهزاء بربهم جل وعلا ..

وهذه من تصرفات الإنسان الذي تمرد على خالقه؛ وأظلم قلبه وتصوره بالكفر وشبهاته والعياذ بالله تعالى:

{أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (122) وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا لِيَمْكُرُوا فِيهَا وَمَا يَمْكُرُونَ إِلَّا بِأَنْفُسِهِمْ وَمَا يَشْعُرُونَ (123) وَإِذَا جَاءَتْهُمْ آيَةٌ قَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتَى مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُوا صَغَارٌ عِنْدَ اللَّهِ وَعَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا كَانُوا يَمْكُرُونَ (124)} [الأنعام: 122 – 124]

إن الهجوم على حقائق الإسلام ومقدساته؛ القصد منه: اقتحام المسكوت عنه وامتهان المقدس وزرع الكفر بالله ورسوله في نفوس الناس

الملاحظة الرابعة: توظيف الدين في التنافس السياسي

خطاب القمني كان متأثرا بموقف راديكالي من تيار الإسلام السياسي ..

وقد ذكر مرسي في سياق نقدي بالكذب؛ حيث وصفه بأنه (كان يسعى لإقامة الخلافة) !

وفي المقابل: لم يذكر السيسي مع الفرق الواضح بين الرجلين ديمقراطيا!

وهذه فضيحة للمفكرين العلمانيين: باسم الديمقراطية؛ يحاربون ما يتوهمون من ظلامية الإسلام السياسي ولا يحاربون ما هو واقع من تطرف الأنظمة العسكرية الاستبدادية، بل يصفقون لها مع أن خرقها للديمقراطية والحريات وحقوق الإنسان  أكبر بكثير مما ينسب للإسلاميين!!

إن القمني وسعيد لكحل وحزب الأصالة والمعاصرة وجريدة الأحداث؛ وظفوا الدين في السياسة؛ بأسلوب الطعن في الدين والتهكم به والاستخفاف بمقدساته ..

وهذا أكبر وأخطر بكثير مما ينسبونه للإسلاميين من توظيف الدين في السياسة ..

لقد ختم القمني في المكتبة الوطنية بقوله: “ما فشل فيه هؤلاء في 14 قرنا لا يمكن أن ينجحوا فيه اليوم”!!

وبهذا يلخص مقصده ومقصد من استضافوه: وهو ضرب حزب العدالة والتنمية بكونه لا يحمل مشروعا سياسيا صالحا ..

إنه في الوقت الذي تستضيف المؤسسات الوطنية في رمضان شيوخا ليعلموا الناس الإيمان؛ يستضيف البام الشيخ قمني ليعلم شبابه وقواعده الكفر بالله ورسله وملائكته!

وليحرضهم على استهداف أسس الدولة والمجتمع؛ من إسلام وبيعة ونظام الحكم الوراثي  ..
وهنا أتساءل:

كيف سمح حزب (البام) لنفسه -في سبيل صراعه السياسي-؛ أن يأتي بملحد يستهزأ بمقدسات المغاربة ويسفه اختياراتهم ويطعن في ثوابت استقرارهم؟!

وكيف تسكت الدولة عن هذه الخيانة الوطنية الكبرى؟!