أنشطة وأخبار

أجمل ما قرأت في العالِم العامِل

تاريخ النشر : 14/05/2015

عدد المشاهدات : 1143


قال الحافظ ابن الجوزي رحمه الله تعالى في صيد الخاطر (ص/138) :

“لقيت مشايخ ؛ أحوالهم مختلفةٌ ، يتفاوتون في مقاديرهم في العلم .
وكان أنفعهم لي في صحبةٍ : العاملُ منهم بعلمه ، وإن كان غيره أعلم منه .
ولقيت جماعةً من أهل الحديث يحفظون ويعرفون ؛ ولكنهم كانوا يتسامحون في غيبةٍ يخرجونها مخرج جرحٍ وتعديلٍ ، ويأخذون على قراءة الحديث أجراً ، ويُسرعون بالجواب لئلاَّ ينكسر الجاه ، وإن وقع خطأ !
ولقيت عبدالوهَّاب الأنماطي ؛ فكان على قانون السلف ؛ لم يُسْمَع في مجلِسهِ غيبةٌ ، ولا كان يطلبُ أجراً على إسماع الحديث ، وكنتُ إذا قرأتُ عليه أحاديث الرقائق بكى ، واتَّصل بكاؤه !!!
فكان – وأنا صغير السنِّ حينئذٍ – يعملُ بكاؤه في قلبي ، ويبني قواعد .
وكان على سمت المشايخ الذين سمعنا أوصافهم في النقل .
ولقيت أبا منصور الجواليقي ؛ فكان كثير الصمت ، شديد التحرِّي فيما يقول ، متقناً محقِّقاً ، ورُبَّما سُئل المسألة الظاهرة ، التي يبادر بجوابها بعض غلمانه؛ فيتوقَّف فيها حتى يتيقَّن ، وكان كثير الصوم والصمت .
فانتفعت بهذين الرجلين أكثر من انتفاعي بغيرهما ؛ ففهمتُ من هذه الحالة : أنَّ الدليل بالفعل أرشد من الدليل بالقول …
فالله الله في العمل بالعلم فإنه الأصل الأكبر ، والمسكين كل المسكين : من ضاع عمره في علمٍ لم يعمل به ؛ ففاته لذات الدنيا ، وخيرات الآخرة ؛ فقدم مفلساً مع قوَّة الحجَّة عليه”.