تاريخ النشر : 9/02/2015
عدد المشاهدات : 1496
من الواقع السيئ لأكثر المجتمعات الإسلامية،ما تراه متفشيا بين كثير من أفرادها –لا سيما النساء- من تلك الممارسات التي تتنافى مع مسلمات العقيدة الصحيحة.
وتتمثل فيما انتشر بينهم من الأقوال والأفعال المتضمنة الإشراك بالله رب العالمين،
واتخاذ أنداد معه سبحانه؛ تصرف إليهم بعض العبادات..
وهذه أعظم الموبقات،وأخطر مظاهر الانحراف الموجودة في مجتمعاتنا.
ف{إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْماً عَظِيماً}النساء48
وفي الآية الأخرى:{وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيداً}النساء116
قال العلامة عبد الرحمن بن حسن:”فتبين بهذه الآية أن الشرك أعظم الذنوب لأن الله تعالى أخبر أنه لا يغفره لمن لم يتب منه وما دونه من الذنوب فهو داخل تحت المشيئة إن شاء غفره لمن لقيه به وإن شاء عذبه به وذلك يوجب للعبد شدة الخوف من الشرك الذي هذا شأنه عند الله لأنه أقبح القبيح وأظلم الظلم وتنقص لرب العالمين وصرف خالص حقه لغيره وعدل غيره به كما قال تعالى : { ثم الذين كفروا بربهم يعدلون} ولأنه مناقض للمقصود بالخلق والأمر مناف له من كل وجه وذلك غاية المعاندة لرب العالمين والاستكبار عن طاعته والذل له والانقياد لأوامره الذي لا صلاح للعالم إلا بذلك فمتى خلا منه خرب وقامت القيامة كما قال صلى الله عليه وسلم:”لا تقوم الساعة حتى لا يقال فى الأرض الله الله“.(رواه مسلم).
قلت:وقد تعددت مظاهر هذا الظلم العظيم في الوسط النسوي،وتنوعت أشكاله،فاقتضى الأمر التبيين،واستوجب المقام التوضيح،وهذا أعظم أبواب التناصح وأهمها؛ إذ هو راجع إلى التوحيد أعظم حقوق الله على العبيد.
فإليك أيتها المسلمة بعض تلك المظاهر مع بيان حكمها،لتحذريها وتُحذري منها:
* دعاء غير الله:
قال الله تعالى:{ ومن أضل ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون *وإذا حشر الناس كانوا لهم أعداء وكانوا بعبادتهم كافرين}(الأحقاف)
وقال تعالى:{ولا تدع من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك فإن فعلت فإنك إذا من الظالمين}(يونس)
وقال أيضا:{وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين}(البينة).
والدين كما قال العلماء:كل ما يدان الله به من العبادات الظاهرة والباطنة،وفسره ابن جرير في تفسيره بالدعاء وهو فرد من أفراد العبادة .. فمن صرف منها شيئا لقبر أو صنم أو وثن أو غير ذلك فقد اتخذه معبودا وجعله شريكا لله في الإلهية التي لا يستحقها إلا هو كما قال تعالى:{ومن يدع مع الله إلها آخر لا برهان له به فإنما حسابه عند ربه إنه لا يفلح الكافرون} فتبين بهذه الآية ونحوها أن دعوة غير الله كفر وشرك وضلال.
فمن يبلغ هذا إلى المرأة التي تذهب إلى القبر وتسأله الشفاء،وتلك التي تطلب من الميت الولد،والأخرى التي تدعو الضريح أن يفرج همها،ويرد غائبها..،ولا حول ولا قوة إلا بالله.
* خوف السر من غير الله:
وهو أن يخاف من غير الله من وثن أو طاغوت أن يصيبه بما يكره كما قال تعالى عن قوم هود عليه السلام إنهم قالوا له:{إن نقول إلا اعتراك بعض آلهتنا بسوء قال إني أشهد الله واشهدوا أني بريء مما تشركون * من دونه فكيدوني جميعا ثم لا تنظرون} وقال تعالى:{ويخوفونك بالذين من دونه} وهذا هو الواقع من عباد القبور ونحوها من الأوثان؛يخافونها ويخوفون بها الناس،والحال أنها لا تملك ضرا ولا نفعا،فهذا من أعظم الشرك.
ومع ذلك فالمفتونون بالقبور يخشونهم كخشية الله أو أشد خشية،وقد يحلف الواحد منهم بالله كاذبا،ولا يحلف بالولي أو الصالح!
* إتيان السحرة واللجوء إلى السحر:
قال الخالق جل وعلا:{وَاتَّبَعُواْ مَا تَتْلُواْ الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَـكِنَّ الشَّيْاطِينَ كَفَرُواْ يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُواْ لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْاْ بِهِ أَنفُسَهُمْ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ}(البقرة102).
دلت هذه الآية على تحريم السحر و هو محرم في جميع أديان الرسل عليهم السلام كما قال الله تعالى:{ولا يفلح الساحر حيث أتى}
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:”اجتنبوا السبع الموبقات قالوا : يا رسول الله وما هن ؟ قال : الشرك بالله والسحر وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق وأكل الربا وأكل مال اليتيم والتولي يوم الزحف وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات“.(متفق عليه).
وهذا كاف للوقوف على بشاعة صنيع أولئك النسوة اللواتي يلجأن للسحر والسحرة،لكسب مودة الأزواج واستدامتها زعمن،بل للتفريق بين المرء وزوجه،ولغير ذلك من الأمور.فهلا تبن إلى الله،فإنه سبحانه لا يغفر أن يشرك به.
* إتيان الكهنة وتصديقهم:
روى مسلم في صحيحه عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :”من أتى عرافا فسأله عن شئ فصدقه بما يقول لم تقبل له صلاة أربعين يوما“
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:”من أتى كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم“.(رواه أبو داود).
قال أبو السعادات:”العراف المنجم والحارز الذي يدعي علم الغيب،وقد استأثر الله تعالى به”.
قال الإمام أحمد رحمه الله:”العرافة طرف من السحر، والساحر أخبث”.
* الذبح لغير الله:
قال الله تعالى:{قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين * لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين }(الأنعام).
قال الإمام ابن كثير:”يأمره تعالى أن يخبر المشركين الذي يعبدون غير الله ويذبحون له: بأنه أخلص لله صلاته وذبيحته لأن المشركين يعبدون الأصنام ويذبحون لها فأمره الله تعالى بمخالفتهم والانحراف عما هم فيه والإقبال بالقصد والنية والعزم على الإخلاص لله تعالى”.
وعن علي بن أبي طالب قال:”حدثني رسول الله صلى الله عليه وسلم بأربع كلمات: لعن الله من ذبح لغير الله ولعن الله من لعن والديه ولعن الله من آوى محدثا ولعن الله من غير منار الأرض“.(رواه مسلم).
ومع هذا الوعيد الشديد ترى في أمة الإسلام نساء ورجال يتقربون إلى الأضرحة والصالحين بالذبح لهم ابتغاء البركة والشفاعة وقضاء الحوائج ونحو ذلك!
* اتخاذ الرقى والتمائم الشركية:
عن زينب امرأة عبد الله بن مسعود قالت:”إن عبد الله رأى في عنقي خيطا فقال : ما هذا ؟ قلت : خيط رقى لي فيه قالت : فأخذه ثم قطعه ثم قال : أنتم آل عبد الله لأغنياء عن الشرك سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :”إن الرقى والتمائم والتولة شرك” فقلت : لقد كانت عيني تقذف وكنت أختلف إلى فلان اليهودي فإذا رقى فيها سكنت فقال عبد الله : إنما ذلك عمل الشيطان كان ينخسها بيده فإذا أتيتيه كف عنها، إنما كان يكفيك أن تقولي كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :”أذهب البأس رب الناس واشف أنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك شفاء لا يغادر سقما“.(رواه ابن ماجه وابن حبان والحاكم).
قال العلامة عبد الرحمن بن حسن:”قوله:(إن الرقى) قال المصنف:(هي التي تسمى العزائم وخص منه الدليل ما خلا من الشرك ففد رخص فيه رسول الله صلى الله عليه
وسلم من العين والحمة).
يشير إلى أن الرقى الموصوفة بكونها شركا هي التي يستعان فيها بغير الله وأما إذا لم يذكر فيها إلا بأسماء الله وصفاته وآياته والمأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ فهذا حسن جائز أو مستحب”. (فتح المجيد1 / 120).
* الحلف بغير الله:
عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:”من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك“.(رواه الترمذي وحسنه وصححه الحاكم).
قال العلماء:قوله:فقد كفر أو أشرك يحتمل أن يكون شكا من الراوي، ويحتمل أن تكون (أو) بمعنى الواو فيكون قد كفر وأشرك، ويكون الكفر الذي هو دون الكفر الأكبر كما هو من الشرك الأصغر”.
..فهذه أيتها المسلمات أهم الممارسات الشركية التي انتشرت بين كثير من نساء ورجال الأمة،بسبب فشو الجهل والبدع، وتقاعس كثير من العلماء عن القيام بواجبهم في البيان والتحذير،وهذا حكمها في القرآن والسنة،فهل من يقظة نسوية واعية تمحو هذا الشر من صورة مجتمعنا،وهل من اهتمام من طرف المسؤولين ليقوموا بواجبهم في هذا الباب ذي الأهمية البالغة؟
وسوم :الشرك بالله مقال
ننوه الى أن ما ننشره من مواد للسادة والسيدات العلماء والمفكرين والمثقفين والسياسيين، لا يلزم منه الاتفاق معهم في كل أفكارهم وآرائهم
Nous précisons que le contenu publié d'un tiers auteurs n'implique pas que nous sommes forcément d'accord avec l'ensemble de ses idées.
Designed by Khalil BI