تاريخ النشر : 1/03/2016
عدد المشاهدات : 2108
مذكرات الإصلاح الدعوي (14):
مداخلة وتعليق حول السلفية والحركة الإسلامية:
المداخلة:
“المؤسسات والمشاريع الدعوية:
لا شك أن من صور مدافعة الباطل وأهله : إقامة مشاريع ومؤسسات دعوية مدافعة بالجنس ، مع ضرورة ضبط ( كيفية ) ذلك و ( صورته ) ..، حيث أن كثيرا ممن ” ينتسب “! للسلفية قد اغتروا عموما بالمشاريع والمؤسسات الدعوية ( الحركية ) ؟! ، بل ادعوا أن أرباب الحركة في ذلك (أفقه 1)!!..
وهذا ابتداء : ( تنكر للمنهج السني )!! .. ، وثانيا : ( سوء تصور للمسلك الأثري )!! .. ، وثالثا : ( انهزامية أمام الفكر الحركي )!! ..
مع التأكيد – هنا بالمقابل – على تقصير كثير ممن اعتزى إلى السنة والسلف في إقامة المشاريع والمؤسسات الدعوية على الوجه المطلوب ( فهما ) ؟! .. و( عملا ) ؟! ..
فاعلم – يا رعاك الله – أن المشاريع والمؤسسات الدعوية لابد أن ينظر إليها من جهتين : ( التأصيل ) .. و ( التنزيل ) ..
* أما ( التأصيل ) : فيضبط بأمرين :
أ . ” الصورة “: بأن تكون المشاريع والمؤسسات الدعوية بعيدة عن قيامها على التنظيمات الطائفية ، والقوالب الحزبية ، والرسوم الحركية 2..
مع التنبه إلى أن كل تحزب هو تجمع ، وليس كل تجمع بتحزب …، و ” من تحزب تخرب ” ؟! ..
ب . ” المعنى “: بأن تكون هذه المشاريع والمؤسسات الدعوية بعيدة عن أدبيات أصحاب الحركة وفكرها على وجه الخصوص لعلة الاغترار بصنائعهم (!!) ، هذا الفكر القائم على ( التفسير السياسي والنفعي للإسلام 3)؟! ، فاحذر ” أخذ مخ الباطل وكسوه لحاء الشريعة ” !! ..
* أما ( التنزيل ) : فإناطة ذلك واقعا ب :
– اعتبار الاستطاعة والقدرة والإمكانية ..
– ووضوح الغايات والمقاصد المحمدية ..
– و لزوم الأساليب و ( الوسائل ) الشرعية ..
– ومراعاة تقديم الأهم فالأهم وفق الأولوية ..
– واستصحاب الخصائص الدعوية الأثرية ..
– وإعمال قاعدة المصالح والمفاسد أخذا بالحكمة المصطفوية ..
فتأمل وبالعلم تجمل ..
………………………..
1. بعض من يتكلم في ذلك لا علاقة له بالعلم والفقه ألبتة ..وهذه بلية ورزية (!!!) ..
2. أنصح بهذا الصدد بقراءة كتاب ( حكم الانتماء إلى الفرق والأحزاب والجماعات الإسلامية ) للشيخ بكر بن عبد الله – رحمه الله –
3. أنصح بهذه المناسبة بقراءة كتاب ( التفسير السياسي للدين للعلامة وحيد الدين خان – رحمه الله – ) ومعه ( التفسير السياسي للإسلام للعلامة أبي الحسن الندوي – رحمه الله – ) دراسة وتحقيق الشيخ عبد الحق التركماني – حفظه الله –
كتبه :
أبو أويس رشيد بن أحمد الإدريسي الحسني -عفا الله عنه-
ونصح بنشره :
شيخنا المتقن فتحي بن عبد الله الموصلي – حفظه الله -“
انتهت المداخلة.
—————–—
تعليق فضيلة الأستاذ إبراهيم الطالب على المداخلة:
“غالبا ما يبقى مثل هذا الكلام تقتل الفائدةَ منه إطلاقاتُه للأحكام، فيصبح مدعاة للكسل والخمول وترك التدافع، والخوف المرضي من مخالفة منهج السلف، الذين كانوا يحلقون بفكرهم في سماء العلم لكنك كنت تراهم في ساحة العمل لا يقتصرون على التعليم رغم عظم شأنه، بل كنت تراهم ثابتي الأرجل في ساحات المدافعة.
ولَك في ابن تيمية الإمام وهو خير مثال، ومن بعده ابن باديس والإبراهيمي ومولاي العربي العلوي ومحمد المكي الناصري ..
يعاب على من يكتب في مثل هذه الموضوعات:
1- أنه لا يأتي بالمثل من المؤسسات الحركية وينتقده بعلم شرعي وفقه للواقع ويناقش الرأي باستصحاب الواقع وينزل القواعد الشرعية، بعيدا عن التنزيل الهلامي، الغارق في الوهم كأن يطالب بتفعيل العزيمة الواردة في النص من الكتاب والسنة في موضعٍ يفرض الواقع الذي لا يرتفع العمل بالرخصة وفق الضوابط الشرعية، أو توجب المصلحة الشرعية وفق القواعد العلمية المرعية العمل بالمفسدة الصغرى لدفع المفسدة الكبرى.
2- أن أصحاب هذا الخطاب لا يزيدون على التخويف من مخالفة الشرع ومنهج السلف وهذا عظيم لو كان على طريقة العاملين، وإلا كان وعظا صرفا، يشكرون عليه، لكن لا يجوز تسميته نقدا أو توجيها.
3- يغلب على أصحاب هذا المنهج في التعامل مع الدعوات الإسلامية الأخرى الشدة والأحكام المسبقة، والإلزام بما لا يلزم، مع التقصير في التزاور وإبداء النصح المبني على التتبع والدراسة لمشاريع القوم.
4- نتيجة لما سبق نجد المتأثرين بهذا الخطاب دعاة وأتباعا لا يقومون بكثير من الواجبات الكفائية، التي يقوم بها الحركيون -إن جازت التسمية ولم يكن فيها نبز محرم-.
5- لا يستطيع أتباع هذا المنهج الموغل في التخويف، ردم الهوة بين الخطاب السلفي القوي بتشبثه بمنهج السلف وبين الواقع الجارف للأمة، وبهذا يبقى الدور الدفاعي لما أسماهم صاحب المقال بالحركيين، أقوى وأنفع للمسلمين من السلبية القاتلة التي يثمرها مثل خطاب إخواننا المخوِّفين.
ولأضرب مثالا:
كلنا يرفض الولاء والبراء في الحزب أو الأشخاص، وبهذا نرفض كل أشكال التنظيمات الموجودة والتي لا عمل قويا بدونها في الدولة الحديثة التي عَمَّت نُظمها كل بلداننا الإسلامية بعد حملات الاستخراب، لكننا مع هذه الحاجة الملحة لم يستطع علماؤنا ولا طلبة العلم فينا التأصيل لنوع من التنظيم يخرجنا من العشوائية والضعف، ولا يدخلنا في الحزبية والتعصب، نوع من التنظيم يسهل تنزيله على أرض الواقع لتقوية صفوف المسلمين في التدافع ضد العلمانيين والملحدين.
لا نجد هذا التأصيل علما أن الحاجة إليه كالحاجة إلى السلاح والماء والطعام، لشدة حرب الغرب الصليبي/ العلماني على ثوابتنا الدينية والعقدية، من خلال أذنابه العلمانيين الذين يكتسبون القوة من مؤسساتهم وتنظيماتهم.
هذا في الوقت الذي نكتفي فيه نحن السلفيين بالشجب والنقد والتنفير من منظمات وأحزاب وجمعيات ما نسميهم حركيين.
ربما كنّا في حاجة إلى بلورة فهم متكامل لواقعنا الذي هو مناط الحكم، قبل أن نحكم على العاملين لصالح الإسلام والمسلمين.
مع التأكيد على أن هذا لا يعني التوقف عن النصيحة بعلم وفقه ورحمة، فما نسميهم حركيين هم إخواننا لهم كامل الولاء منا، ومن حقهم علينا النصح لا التنفير.
خصوصا والعدو محدق متربص يعيد الكر علينا بجيوشه مرة أخرى، فنحن في حالة حرب تستوجب العمل، فليكفينا علماؤنا مؤونة التأصيل على الفور.
أما أن نجلس عن المدافعة حتى نخلص من التأصيل -إن بدأ أصلا- فهذا ضرب من السلبية التي يصعب فيها التمييز بين الخوف والاحتياط.
أستغفر الله من الزلل والخطأ، فإنما هي كلمة للمزيد من التفكير في معضلة عشتها 20 سنة في العمل الدعوي السلفي، ولم نخرج منها إلى حد الساعة. والله ولي التوفيق”اهـ تعليق فضيلة الأستاذ
—————–—
تعليق فضيلة العلامة الدكتور عادل رفوش على تعليق الأستاذ إبراهيم الطالب:
“والله يا حبيبي إبراهيم
لم تخطئ الحق قِيد أنملة فيما وجهتم به إخواننا هداهم الله الذين ما زالوا يعيشون وَهَمَ المرجعية وأنهم هم أربابها ويتخذون أنفسهم معيارًا لغيرهم وميزانا للقبول والرد ؛ فيما أسميه “الغرور الدعوي” …
اجترار وتكرار لمعلومات مسلمة نظريا ؛ ولكن شرف الجهاد لتطبيقها يبتعدون عنه ويبعدون غيرهم لعجز فيهم علميا وعمليا واستدامياً وهم لا يشعرون ؛
ظناًّ منهم أن تعداد الجمل المتشابهة هو تحليل وإنما هو إطناب لتضليل أنفسهم والتطويل على غيرهم ؛ مع سجعٍ لا يغني من الحق شيئاً ؛ وأسماءٍ يزكي بعضها بعضاً وهم نسخٌ عن أنفسهم كالذي يتكلم عن ذاته…
ومن ذلك ما ذكر عن الأستاذ التركماني؛ فقد تابعتُ كل مقالاته في الموضوع فلم تعدُ الطعن في سيد قطب وتحميل كلامه مالا يحتمل وتكلف تفريغ الإسلام من وجوب التحكم في أصول التدبير السياسي بدعوى إنكار التفسير السياسي للإسلام ..
ومن طالع بعض مقالاته في موقعه الذي يسير فيه على نهج المداخلة في تحول مفاجئ!
لأن مبلغ علمي بالرجل منذ سنين أنه معتن بتحقيق تراث ابن حزم لا أقل ولا أكثر .. فالله أعلم بخبايا تقلبات الباحثين وبالأخص من كان منهم في بلاد الاغتراب …
والقصد عندي أن شبابنا الطيبين هؤلاء لا يشعرون بأنهم يأخذون من الحق والحقيقة بعض حبلها وأن شرف المسلم لا يتم إلا بدعوة المسلمين جميعا لحبل الله فكأن التمسك به حقيقة لا يتم إلا تعاونا وتكاملا ومن لازمه طبعاً التناصح والتراحم ؛ فوالله ما رأينا في كثير ممن يلمزونهم بالحركية إلا أنهم أقوم بالعمل الدعوي والتدافع المجتمعي بل إنهم فاقوا كثيرا من أدعياء السلفية في الجهاد العلمي عناية بالقرآن وبالعلوم وبالعربية وأكثر منهم تأليفاً وتحقيقاً وأنشط منهم إقامةً للدروس وللمؤتمرات وأحسن حضوراً في كل الفضاءات والمجالات من مساجد ومدارس وجامعات وفي قطاعات دنيوية وتخصصاتٍ عصرية مع تفاعل وطني ودولي وتواصل حسنٍ مع الجميع بغير أذيةٍ ولا دنيةٍ ولا تقيةٍ
فأي الفريقين أحق بالحق وأولى بالسلفية إن كنتم تعلمون؟!
اتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم وتعاونوا على البر والتقوى واعدلوا إن الله يأمر بالعدل والإحسان”اهـ تعليق فضيلة الدكتور.
وفق الله الجميع للعلم النافع والعمل الصالح واجتماع الكلمة لنصرة هذا الدين؛ تعاونا على الحق وتناصحا بالخير.
وسوم :الدعوة إلى الله السنة عين على السياسة