تاريخ النشر : 6/02/2021
عدد المشاهدات : 1648
(القانون 490 .. والعلاقة الجنسية الرضائية)
بقلم: حمّاد القباج
نشر موقع site info: تقريرا سمعيا بصريا (ربورتاج صحافي)؛ تضمن تصريحات لبعض ممتهنات الدعارة؛ اللواتي قالت إحداهن (سلوى): إنها (لا تعلم عدد الرجال الذين عبروا سريرها، لكنه “عدد كبير” على حد قولها، موضحة أنها استمتعت بكل ما قامت به، وأنها تجاوزت العلاقات الجنسية الثنائية، وانغمست أكثر وأكثر في شهواتها لتصل إلى علاقات ثلاثية ورباعية، وتقول: “جربت علاقة جنسية ثلاثية جمعتني برجلين في سرير واحد، وبرجل وامرأة.. ثم جربت علاقات رباعية..” وتصف شعورها بـ”عجبني الحال”.
ما أقبحه من مشهد مؤلم:
فتاة من ضحايا تجار الدعارة ومرضى الانحراف الجنسي؛ تدفع للبوح بحياتها البئيسة التي تتقاذفها فيها نزوات طالبي المتعة الرخيصة ..
ثم يأتي الروبورتاج بمحسوب على التخصص العلمي ليوقّع على تلك السوأة بصك الشهادة العلمية !
حيث اعتبر الدكتور (…) السلوك الجنسي المباح أمرا طبيعيا، وانتقد محاولات المقاومة المجتمعية لذلك السلوك؛ معتبرا تلك المقاومة: نفاقا اجتماعيا يتجلى في الذين يعبرون عن رفضهم للزنا من جهة، ويقعون فيه من جهة أخرى ..
وكان حريا بهذا الدكتور (وهو أخصائي نفسي)؛ أن لا يصف ذلك الموقف بالنفاق وهو يعلم أن السبب الأصلي والأول لما سماه نفاقا اجتماعيا هو صراع محتدم بين قوتين من قوى النفس:
أولاهما: القوة العاقلة، والثانية القوة الشهوية.
وقد اتفق الفلاسفة منذ القديم على أن الوضع السليم للإنسان هو أن تتحكم قوته العاقلة في قوته الشهوية، وأن تروض الأولى الثانية بما يجعلها خاضعة لمصلحة الإنسان ومنفعته ولو كانت ضد متعته، وأن هذا الترويض وما ينتجه من تحكم العاقلة في الشهوية؛ هو أهم ما يميز الإنسان عن البهيمة؛ وأن ما قد يكون فيه من فوات متعة أو نزوة والحرمان من شهوة؛ هو ضرر صغير في خضم المصلحة الكبرى والمنفعة العظمى التي يجنيها الإنسان من سلوك العفة والاقتصار على الحلال دون الحرام؛ وهو السلوك الذي سماه القرآن الكريم: حفظ الفرج، واعتبرته شريعة الله من ضروريات الوجود الإنساني السعيد؛ داعية الإنسان إلى الجمع بين الضرورتين: المحافظة على الشرف والكرامة وصيانة العرض من جهة، والاستمتاع المباح بالجنس من جهة ثانية ..
وهو ما يفرض على الدولة والمجتمع المسلمين وضع سياسات وقوانين تضمن ذلك باعتباره من أهم حقوق الإنسان ..
لقد حاول فلاسفة ما يعرف بمذهب المتعة (الذي يعتبرون المتعة الجسدية أهم وأكبر مداخل السعادة الإنسانية)؛ حاولوا جاهدين أن يضفوا الصبغة العلمية على تصورهم الناتج عن الرغبة والشهوة ..
غير أن محاولاتهم تظهر هزيلة ومتضائلة أمام الفلسفة الحكيمة القائمة على مبدأ تحكم النفس العاقلة في النفس الشهوية؛ هذا المبدأ الذي زكاه دين الله تعالى الذي هو منهج الخالق إلى الإنسان؛ وخالق الإنسان أدرى بمصلحته: {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [الملك: 14]
لقد كانت شريعة الله تعالى واضحة وصريحة في تحريم الزنا واعتباره مضرا بالفرد والمجتمع، وأن ما فيه من لذة عابرة وما فيه من نشوة الشهوة؛ لا يمنع مما يترتب عليه من عاقبة سيئة: {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلا} [الإسراء: 32]
وقد أشار القرآن الكريم كما السنة النبوية إلى بعض الأضرار المترتبة على سلوك الزنا؛ مما يجعل من مجرد (رضا الطرفين) شيئا غير كاف لاعتباره من مصلحة الإنسان، والدعوة إلى إشاعته في المجتمع ..
ومن تلك الأضرار: ارتباط تفشي الزنا بظهور فيروسات فتاكة يصعب احتواؤها؛ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: “لم تظهر الفاحشةُ في قوم قطُّ حتى يُعلنوا بها؛ إلا فشا فيهَم الطاعون والأوجاعُ التي لم تكن في أسلافِهم“. رواه أحمد وصححه الألباني.
والطاعون هو الوباء الناتج عن فيروسات قاتلة.
وقد أكدت التجربة الإنسانية مضمون هذا الحديث، وظهرت في تاريخ البشرية وواقعها فيروسات تنتج عن العلاقات الجنسية الإباحية؛ أبرزها: فيروس (الإيدز) الذي يحاول عشاق الفاحشة أن يجدوا الحلول التي تجعل الإنسان يحرر اللذة الجنسية من كل قيد، مع وقاية نفسه من ذلك الفيروس القاتل ..
متجاهلين بأن التحرر الجنسي وإباحة الزنا بمجرد تراضي الطرفين؛ يؤدي إلى سلوك الإدمان؛ وهذا الأخير يؤدي إلى التفلت من محاولات الوقاية المشار إليها كما أكدت ذلك إحدى الزانيات اللواتي أدلين بتصريحهن الإباحي في (الروبورتاج)؛ حيث ذكرت بأن من المؤسف أن كثيرا من الرجال لا يتقبلون استعمال الواقي الذكري لأنه ينقص من متعتهم ..
إن ما يسميه الإباحيون: وقاية وتربية جنسية؛ هو اعتراف ضمني بأن السلامة الصحية للإنسان تفرض عليه أن يهذب شهوته ويضبط رغبته في المتعة، وأن قيد التراضي لا يكفي.
كما أن الصحة النفسية تستلزم ذلك التهذيب ومزيدا من القيود؛ فالوضعية النفسية للإنسان تتضرر كلما غرق في أوحال الحياة الجنسية الإباحية؛ وكما أكد ذلك الربورتاج الإباحي نفسه؛ فإن هرمون الجنس حين يستجاب لرغبته في إطار الزنا؛ فإن نهمه يزداد فيطلب من صاحبه أن يعدد الشركاء الجنسيين ..
ثم يكبر وينمو مع الممارسة؛ فيطلب منه أن يتعددوا في الممارسة الواحدة ..
إلى أن يصل الإنسان إلى درجة لا يستمتع فيها إلا في إطار الشذوذ الجنسي؛ بأن يمارس الذكر مع الذكر والأنثى مع الأنثى ..
وبهذا ينزل الإنسان إلى درك يجعله دون مستوى البهيمة.
وبعد مدة حتى الشذوذ لا يلبي رغبته؛ وهنا يجد نفسه بحاجة إلى سلوكيات أكثر انحرافا؛ من قبيل: تناول المخدرات والاغتصاب الجنسي؛ فتصير الممارسة الرضائية لا تشبعه؛ وإنما يهدأُ شيئا من بركانه الشهوي؛ أن يغتصب شريكه ..
بل إن بعضهم يصل إلى درجة أن المتعة لا تكتمل عنده إلا بأن يقتل شريكه بعد الممارسة الجنسية ..
هذا الواقع يؤكد وصف الخالق جل وعلا للزنا بأنه ساء سبيلا؛ أي أنه سلوك سيء العاقبة والمآل، وأنه يصل بالإنسان إلى أضرار لا تبقى معها قيمة للمتعة واللذة.
ومن المفارقات أن الذين صدعوا رؤوسنا بالمطالبة برفع سن الزواج إلى 18 سنة؛ وأن هذا ما تفرضه بيولوجيا المرأة ووو..
يرجعون اليوم فيقولون في الروبورتاج الإباحي: “معدل سن الزواج اليوم وصل إلى 30 سنة سواء عند الرجال أو النساء، في حين أن البلوغ يحدث عند سن 13، وبالتالي فالمدة بين البلوغ والزواج تطول لتصل إلى 17 سنة، ما يفوق القدرة على التحمل والصبر”.
بل إن أحد الدكاترة المستجوبين في الروبورتاج؛ أكد بأن الرغبات الجنسية تبدأ قبل مرحلة البلوغ؛ في 10 سنوات ..
هذه المعطيات يستشهدون بها حين يبررون الفاحشة والإباحية الجنسية، وحين نوردها نحن في سياق الدعوة إلى تأهيل المجتمع وتربية النشء على قناعة التبكير بالزواج؛ يعتبرون ذلك اعتداء على بيولوجيا المرأة وحقها في التعليم ..
نعم؛ نحن مع حق المرأة في التعليم والعمل والمشاركة في التنمية الشاملة، وفي جميع أوراش البناء المجتمعي .. ولكننا في الوقت نفسه نطالب بالاستجابة إلى ما دعانا إليه ربنا؛ من تحصين الفرج وصيانة العرض واعتباره من الشرف والكرامة الإنسانية؛ وأن المحافظة عليه من أهم حقوق المرأة وحقوق الإنسان التي لا تقل أهمية عن حق التعليم والعمل وغيرهما ..
إن مجتمعنا كغيره يئن تحت وطأة نظام عالمي فاسد يضع سياسات عامة ومناهج اقتصادية، وينشر نظريات اجتماعية تساعد على إشاعة الفاحشة وما يحيط بها من مفاهيم (اللذة / المتعة / تملك الجسد / التنوير / الحميمية ..)، وفي المقابل: تعقيد مسالك الزواج والتنفير من مفاهيم: العفة والشرف والكرامة والاستقامة ..
إن من واجبات الدولة والمجتمع المسلمَيْن: العمل على تيسير أسباب الزواج ووضع السياسات العامة والقوانين التنظيمية التي تساعد على ذلك؛ ولنا نموذج في دولة ماليزيا التي حققت معدلات تنمية مهمة، وارتقت بحق التعليم مع تيسير الزواج للشباب والشابات الذين يتابعون دراساتهم العليا ..
أجل؛ نحن أمام سياسات مفتعلة وليس تطورا إنسانيا بريئا .. ومقاومتها هو الموقف المطلوب من النخب والقيادات المجتمعية؛ وفرضها على المجتمع لا يسوغ التنظير للفاحشة والدعوة إلى الإباحية، ونشر المواقع الصحافية لتصريحات مرضى الجنس ومحترفات الدعارة تحت مسميات: حرية التعبير ومواجهة النفاق المجتمعي ..
إن فتيات (الروبورتاج) هن ضحايا لأطماع تجار الرقيق الأبيض ومرضى الإفراط الشهواني؛ الذين اعتبروهن رخيصات؛ فزجوا بهن فوق فرش استمتاعهم، منتهكين كرامتهن الإنسانية وشرفهن وعرض أسرهن؛ مع إيهامهن بأن المقابل يستحق، وأنه يكفي أن يكون هذا المقابل: شهوة وشبقا يصل ببعضهن إلى ما الجنس الجماعي ..
إن واحدة من أولئك الضحايا لم تجرأ على كشف وجهها في (الروبورتاج)؛ بل كلهن أدلين بتصريحاتهن مموهات الوجه والصوت، وبأسماء ناقصة ومستعارة؛ وهذا مؤشر واضح على أن ما يقمن به شيء قبيح؛ دفعن إليه من الذين يحبون أن يستمر شيوع الفاحشة في المجتمع ..
ننوه الى أن ما ننشره من مواد للسادة والسيدات العلماء والمفكرين والمثقفين والسياسيين، لا يلزم منه الاتفاق معهم في كل أفكارهم وآرائهم
Nous précisons que le contenu publié d'un tiers auteurs n'implique pas que nous sommes forcément d'accord avec l'ensemble de ses idées.
Designed by Khalil BI