أنشطة وأخبار

حقوق الحيوان والأضحية في السنة النبوية

تاريخ النشر : 22/09/2015

عدد المشاهدات : 1284


حقوق الحيوان والأضحية في السنة النبوية

بقلم: حماد القباج

إن الطريقة التي شرعها النبي صلى الله عليه وسلم في إماتة الحيوان هي الأرحم بالحيوان والأنفع للناس:

أما كونها الأرحم بالحيوان؛ فلأن من شرط حِلّ الأضحية: إنهار الدم:
لقوله صلى الله عليه وسلم: “مَا أَنْهَرَ الدَّمَ وَذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ فَكُلْ“. (متفق عليه)
وَمعنى أَنْهَرَ: أَسَالَ وَصَبّ بِكَثْرَةٍ.
قال العلامة النووي: “فِي هَذَا الْحَدِيث تَصْرِيح بِأَنَّهُ يُشْتَرَط فِي الذَّكَاة مَا يَقْطَع وَيُجْرِي الدَّم، وَلَا يَكْفِي رَضّهَا وَدَمْغهَا بِمَا لَا يُجْرِي الدَّم”.
والإنهار المشترط يكون بقطع الودجين؛

والذبيحة إذا قطع ودجاها فقدت الوعي مباشرة.

واضطرابها ليس علامة على كونها تعذب بل هو اضطراب لا شعوري.

وإنما تعذب إذا كان السكين غير حاد؛ ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: “إذا ذَبَحْتُم فَأَحْسِنُوا الذِّبْحَةَ، وليُحِدَّ أحدُكُمْ شَفْرَتَهُ، ولْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ“. (رواهُ مُسلم).

فالذبح بالآلة الحادة يُرِيحُ الذبيحة بتعجيل زهوق نفسها.

وخرَّج الإمام أحمد من حديث ابنِ عمر قال: أمر رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بحَدِّ الشفارِ، وأنْ تُوارى عن البهائم.

وقال:”إذا ذَبَحَ أَحَدُكُم، فليُجْهِزْ“.

يعني: فليسرع الذبح.

وفائدة الاضطراب المشار إليه آنفا؛ أن به يتم ضخ الدم وإخراجه من البدن.

وهي الفائدة الثانية في طريقة الذبح الشرعية؛ وهي كونها الأسلم للناس:
يفسره: أن الدماغ لا يستغني عن الدم؛ فإذا فقده بسبب قطع العرق الموصل إليه؛ فإنه يرسل -عبر النخاع غير المقطوع- إشارات سريعة للقلب لطلب الدم، فيضخ القلبُ الدمَ الموجود فيه للدماغ ويخرج في منتصف الطريق، فيستمر الدماغ على هذه الحالة مع القلب حتى يفقد القلب كل ما لديه من دم، فيرسل إشارات للدماغ لطلب المساعدة من الأعضاء الأخرى، فيرسل الدماغ للأعضاء؛ فتبدأ اليدين والرجلين تتحرك بشدة لترسل دمها للقلب حتى يضخه للمخ.

وتستمر هذه العملية حتى ينفد الدم من البدن وتكون خلايا المخ قد ماتت لفقد الدم، فتموت البهيمة، وكل هذا يتم في لحظات قليلة.
فظهر أن الذبح بقطع مجاري الدم (الودجان)؛ هو أفضل طريقة لتطييب الذبيحة من الدم الضار.

هذا وقد استفاضت الأحاديث النبوية الآمرة بالرفق بالحيوان:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “اتقوا الله في هذه البهائم المعجمة، فاركبوها صالحة وكلوها صالحة“. (السلسلة الصحيحة).

وقال: “من رحم و لو ذبيحة عصفور رحمه الله يوم القيامة“. (السلسلة الصحيحة).

وقال: “بينما رجل يمشي بطريق، إذ اشتد عليه العطش، فوجد بئرا فنزل فيها فشرب وخرج، فإذا كلب يلهث يأكل الثرى من العطش، فقال الرجل: لقد بلغ هذا الكلب من العطش مثل الذي بلغ مني، فنزل البئر فملأ خفه، ثم أمسكه بفيه، حتى رقي فسقى الكلب؛ فشكر الله له، فغفر له”.

فقالوا: يا رسول الله وإن لنا في البهائم لأجرا؟

فقال: “في كل ذات كبد رطبة أجر“. (متفق عليه).

وقد ثبت عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم: “أنَّه نهى عن صَبرِ البهائم“.

ومعناه: أنْ تحبس البهيمة، ثُمَّ تُضرب بالنبل ونحوه حتَّى تموتَ:

ففي “الصحيحين” عن أنسٍ: أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم نهى أنْ تُصبر البهائم.

وفيهما أيضاً عن ابن عمر: أنَّه مرَّ بقوم نصبوا دجاجةً يرمونها، فقال ابنُ عمر: “من فعل هذا؟ إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن من فعل هذا“.

وعن عبد الله بن جعفر: أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل حائطا لرجل من الأنصار فإذا جمل، فلما رأى النبيَ صلى الله عليه وسلم حنَّ و ذرفت عيناه.

فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم، فمسح سراته إلى سنامه فسكن، فقال: “من رب هذا الجمل؟ لمن هذا الجمل؟”

فجاء فتى من الأنصار فقال: لي يا رسول الله.

فقال: “أفلا تتقي الله في هذه البهيمة التي ملكك الله إياه؟! فإنه شكا إلي أنك تجيعه و تدئبه“. (السلسلة الصحيحة).

وعن عبد الرحمن بن عبد الله عن أبيه قال: “كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، فانطلق لحاجة، فرأينا حُمَّرة معها فرخان، فأخذنا فرخيها، فجاءت الحمرة فجعلت تفرِش.

فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال: “من فجع هذه بولدها؟! ردوا ولدها إليها“. (السلسلة الصحيحة).

وجاءت نصوص خاصة في رحمة الذبيحة؛ ومنها بالإضافة لما تقدم:
ما في مسند الإمام أحمد عن معاوية بنِ قُرة عن أبيه: أنَّ رجلاً قال للنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم: يا رسولَ اللهِ إني لأذبحُ الشاةَ وأنا أرحمها.

فقال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: “والشاة إنْ رحمتها رَحِمَكَ الله“.

وخرَّج الخلالُ والطبرانيُّ من حديث عكرمة عن ابن عباس قال: مرَّ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم برجلٍ واضع رجلَه على صفحة شاةٍ وهو يحدُّ شفرته وهي تلحظ إليه ببصرها.

فقال: “أفلا قبْلَ هذا؟ تريدُ أنْ تُميتها موتتان؟”

 وقد روي عن عكرمة مرسلاً خرَّجه عبدُ الرزاق وغيره، وفيه زيادة: “هلاَّ حددت شفرتك قبل أنْ تُضْجِعها“.

ومن هنا أخذ الفقهاء ما قرروه من ضرورة الرفق بالذبيحة:

عن ابن سيرين أنَّ عُمَرَ رأى رجلاً يسحب شاةً برجلها ليذبحها، فقال له: “وَيْلَكَ قُدْها إلى الموت قوداً جميلاً“.
قال الإمام أحمد: “تُقاد إلى الذبح قوداً رفيقاً، وتُوارى السكينُ عنها، ولا تُظهر السكين إلا عندَ الذبح“.

وقال: “ما أبهمت عليه البهائم فلم تبهم أنَّها تعرف ربها، وتعرف أنَّها تموت“.

فالحمد لله على نعمة الإسلام والسنة.

وسوم :

مواد ذات صلة

'