تاريخ النشر : 22/08/2015
عدد المشاهدات : 2797
إعلان الاتفاق
حماد القباج
أكابد محاولة الاستمرار في مناقشة صاحب الفضيلة الشيخ البشير عصام رغبة في الاستزادة من درر فوائده؛ فقد كبل بجم أدبه منطق لساني، وأسر بعظيم أخلاقه حركة بناني ..
فلله دره من عالم أديب منصف، ومحاور لطيف لا يكابر ولا يجحف ..
أدام الله توفيقه، وأبقاه منارا على العلم النافع والخلق السني الساطع ..
أجل؛ سحرني الشيخ ببحر أدبه، فحملني على الإقرار بعلمه والإذعان لحجته التي تتلألأ بدرا مشعا يهدي به الله من يشاء إلى صراط مستقيم ..
وها أنذا أهرول للاتفاق معه بلسان حال يقول:
أقبل يمشي على البساط فما درى … إلى البحر يسعى أم إلى البدر يرتقي
وأستأذن فضيلته في إعادة صياغة اتفاقنا مع لمسات خفيفات، وإضافات متواضعات؛ تفقها ومباحثة، وليس استدراكا ولا تعقباَ!
وسأستعمل لفظه الموفق، ونصه الموثق بحجج العلم وجميل المقاصد، وأميز كلامي المتواضع بقولي “ضميمة”:
قال الشيخ حفظه الله تعالى:
“فهنا أمور من صميم الشرع الإسلامي صارت – عند كثير من أتباع الحركة الإسلامية – مجهولة أو منسية في زحام التدافع السياسي. وهي أمور لا أشك أن الأستاذ القباج يوافق عليها، ولكنني أكاد أجزم أن كثيرا من المشاركين في الانتخابات، الذين يسوّق لهم خطاب الدعوة إلى المشاركة، مجرّدا عن سباقه الشرعي ولحاقه؛ يجهلونها أو لا يوافقون عليها!
وهذا مربط الفرس عندي، وركن القضية الركين، وأساسها المتين، وكل ما سواه: تبع له وفرع عنه.
وذلك أن هذه الأمور – التي سأذكرها بعد سطور – إذا عُلمت وضبطت عند كافة المشاركين، صار للنظر في المصالح والمفاسد مجال واسع، يدخله الاجتهاد في تحقيق المناط، وصار لتلك الفتاوى التي تنقل – ولا ينقل في الغالب ما يخالفها، وهو موجود – مجال للإعمال والتنزيل.
ولست أقول إنني حينئذ أوافق على المشاركة مطلقا، ولكنني أقول إن مجال النظر والنقاش الفقهي يصبح ممكنا، بعد الخروج من إطار الإجماع إلى سعة الخلاف.
هذه الأمور التي يقصّر علماؤنا ودعاتنا وقادة الحركة الإسلامية في بيانها هي:
أولا: الحكم الشرعي للديمقراطية بمعنى سيادة الشعب؟
وحكم القانون الذي يوافق عليه عموم الشعب والحال أنه مخالف لقطعي من قطعيات الدين؟
مع ضميمة: أن للشعب (في الفقه السياسي الشرعي)؛ السيادة في اختيار من يحكمه؛ فهو مصدر السلطة وليس مصدر التشريع. (طبعا: وفق التفاصيل المبينة في الفقه السياسي الشرعيَ).
ثانيا: وجوب تحكيم الشريعة، والتركيز على أن هذا هو الغاية الكبرى التي قامت الحركة الإسلامية لتحقيقها.
ثالثا: بيان مفاسد الديمقراطية الإجرائية (أي: نفس آلية الانتخابات) ومشكلاتها المشهورة، المعروفة منذ زمن فلاسفة اليونان، فضلا عن غيرهم! (مثلا: التسوية في قيمة الصوت بين أعظم العلماء والمفكرين وأتفه المجرمين والحشاشين.
مع ضميمة: أن في آلياتها ما تقره الشريعة؛ في إطار المصلحة المرسلة.
رابعا: بيان أن القول بجواز المشاركة السياسية (الديمقراطية) خلافيّ لا إجماعي، وأنه رخصة مخالفة للأصل، مبنية على ”فقه الضرورة”، لا على ”فقه السعة”.
خامسا: التنبيه على رفض الأسس العلمانية التي لا تنفك الديمقراطية عنها، من حرية ومساواة وحقوق للإنسان (كل هذا بمفهومه الغربي)، ونحو ذلك مما يلتبس معناه في أذهان الناس، لكثرة ما يسمعونه من أفواه المشاركين في المسلسل الانتخابي، دون أن تعادل كفة الميزان بأقوال العلماء والدعاة المغيّبين قسرا أو الغائبين اختيارا!
وسؤالي هو:
مَن -مِن قادة الحركة الإسلامية اليوم – يصرّح بهذه الأمور للمصوّتين؟
ومن ينشر هذا العلم بين الناس بنفس القوة والوضوح الذي ينشر به حكم المشاركة ووجوبها؟
وكيف للشباب الغافلين عن دينهم، الذين يأخذون أغلب علمهم من اليوتيوب أو من مواقع التواصل، أن يعرفوا هذه القضايا الجوهرية، إذا كانوا يقتاتون فقط على فتاوى وجوب – أو جواز – المشاركة، وعلى الحملات الانتخابية الداعية إلى المشاركة؟
ضميمة: وهذا من آفات اعتزال العلماء للسياسة.
هذا لبّ القضية في نظري، وهو الذي من أجله كتبت منشوري السابق؛ فإنني قد صار يؤرقني ما أراه من انتشار مَرَضي للعلمانية في جسد الحركة الإسلامية، وما صرت أسمعه على أفواه بعض قادتها أو بعض الدعاة من تأصيلات ”علمانية” خطيرة، ما كنا نسمعها قبل عقود إلا من عتاة العلمانيين.
وهذه هي ضريبة المشاركة .
وهذه هي مفسدتها الكبيرة التي يغفل عنها بعض المتحدثين في الموضوع ..
الميزان الحقيقي للمصالح والمفاسد هو: ما نسبة ”العلمنة” التي سنقبل بها في جسد الحركة الإسلامية، في مقابل المصالح التي نرجوها؟
وتجربة حزب ”النور” أمامنا تنضح بالعبر والمواعظ!!
قال أبو عبد الله:
وفي الموضوع تفاصيل وتدقيقات عسى أن يفسح المجال لتوضيحها لاحقا ..
وسوم :عين على السياسة
ننوه الى أن ما ننشره من مواد للسادة والسيدات العلماء والمفكرين والمثقفين والسياسيين، لا يلزم منه الاتفاق معهم في كل أفكارهم وآرائهم
Nous précisons que le contenu publié d'un tiers auteurs n'implique pas que nous sommes forcément d'accord avec l'ensemble de ses idées.
Designed by Khalil BI