تاريخ النشر : 10/06/2017
عدد المشاهدات : 956
من وحي التراويح (الليلة السادسة):
سر السعادة
تلا الإمام قول الله تعالى: {… ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم لعلكم تشكرون}
وكان قد تلا أمس قوله سبحانه قبلها: {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي}
آية التدبر جاءت بعد بيان أحكام الطهارة؛ وما يلزم المسلم من اغتسال ووضوء وتيمم.
وقوله تعالى فيها: {ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج}؛
يؤكد أن الله تعالى لا يريد بالدِّين وأحكامه وآدابه ..؛ أن يحرج الإنسان أو يثقل عليه كما يشعر بذلك الذين لم يتذوقوا حلاوة الإيمان؛ فيرون في أحكام الدين تقييدا لحريتهم وإثقالا لكاهلهم!
بل يريد سبحانه بتلك التشريعات: “إتمام نعمته على الإنسان بتطهيره” بنوعي الطهارة:
1 الحسية: بالوضوء والاغتسال
2 المعنوية: بالإيمان بالله وطاعته
فالإنسان مغمور بنعم خالقه سبحانه؛ وأصول تلك النعم خمسة:
1 الإيجاد من عدم: {هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا}
2 الخلقة السوية وحسن التقويم: {لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم}
{يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم الذي خلقك فسواك فعدلك}
3 الإمداد بأنواع النعم؛ وأصولها: الماء والغذاء والزواج والمأوى: {وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها}
4 الكرامة الإنسانية: {ولقد كرمنا بني آدم}
5 الدين: وبه تكتمل المنة الإلهية والنعم الربانية:
{اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي}
{وليتم نعمته عليكم}
تلك النعم هي أسس السعادة؛ وبغيابها مجتمعة لا يوجد شيء اسمه: السعادة الإنسانية.
ولا سعادة حقيقية إلا باجتماعها.
والدين يكمل ما نقص الإنسان من النعم الأخرى؛ كالخلقة السوية وأنواع الغذاء والكرامة ..
وليس منها ما يسد نقص الدين الذي أتم الله تعالى به نعمته على الإنسان؛ ليؤهله بأحكامه لحسن الاستفادة من نعم الدنيا، وليستحق به الخلود في نعيم الآخرة ..
ولَك أن تتصور حياة لا دين فيها؛ يعيش فيها الناس بنعم منغصة وأهواء وشهوات ورغبات جامحة تتصادم بسببها المصالح والأطماع ..؛ لا صلاة ولا صيام ولا ذكر ولا جنة خلد فيها نعيم مقيم ..
كيف ستكون هذه الحياة؟؟
الغني السوي سيشعر بالإحباط حين يصاب بما ينغص نعيمه؛ من مرض وهرم وموت ومنازعة غيره له وزوال النعمة ..
والفقير والضعيف سيصيبه اليأس لغياب فسحة أمل يتصبر بها ..
نقص حاد .. جاء الدين لإتمامه؛ بما شرع من عدل وتراحم وتعاون وتنمية للأوطان وترقية للمجتمعات، واعتدال في متع الدنيا، وإرشاد للتزود للآخرة، والتأكيد على أن عمل الإنسان المؤمن في الدنيا سيجده في الآخرة؛ أجرا كبيرا ونعيما مقيما لا ينقص مثقال ذرة ..
وقد ظن فئام من الناس أن البشرية ستستغني عن الدين بما وصلت إليه من علوم ومعارف وتقنية .. لكن الواقع كذبهم وأكد أن سر السعادة؛ هو: إتمام الدين.
ليلة الخميس 6 رمضان 1438
بالمسجد الحرام بمكة المكرمة
وسوم :من وحي التراويح
ننوه الى أن ما ننشره من مواد للسادة والسيدات العلماء والمفكرين والمثقفين والسياسيين، لا يلزم منه الاتفاق معهم في كل أفكارهم وآرائهم
Nous précisons que le contenu publié d'un tiers auteurs n'implique pas que nous sommes forcément d'accord avec l'ensemble de ses idées.
Designed by Khalil BI