الحقوق السياسية للمرأة

تاريخ النشر : 27/06/2017

عدد المشاهدات : 1075

من وحي التراويح (الليلة 18):

الحقوق السياسية للمرأة

قرأ الإمام سورة النمل
ومن مواضيعها الهامة: شيء من أخبار بلقيس ملكة سبأ ..

لقد شكل نزول القرآن العظيم ثورة في وجه الانحرافات البشرية التي سادت وتفشت آنذاك في العالم ..
ومن تلك الانحرافات: (احتقار المرأة واعتقاد دونيتها) ..
وهو انحراف أنكره القرآن وعالجه على المستويات العقدية والتربوي والفكرية والتشريعية ..
ومن ذلك ما تضمنته سورة النمل بشأن بلقيس التي كانت لها مملكة عظيمة جدا، وكانت عاصمة ملكها سبأ قرب صنعاء باليمن ..
وقد أجريتُ دراسة حول هذه الشخصية الهامة في تاريخ الأمم وأدهشتني الطريقة التي تناولها بها القرآن؛ والتي تعطيك الجواب القاطع والجلي عن سؤال: منزلة المرأة وحقوقها في الإسلام؟
وفي هذا الطريق معالم:
11 المرأة ليست مخلوقا دونيا، وليس الرجل أفضل منها في كل الأحوال؛ بل المرجع في المفاضلة هو: العمل والكفاءات والمواهب والمنجزات؛ بها تفضل المرأة الرجل أو يفضلها ..
وعند الله تعالى: الأفضل هو الأتقى.
ولما كانت بلقيس ناجحة في مهمة تدبير الملك؛ أشاد القرآن بذلك ووثقه ربنا في كلامه المتعبد بتلاوته إلى يوم القيامة ..
2 لم يسجل القرآن ولا نقل عن النبي سليمان عليه السلام أي إشارة في الاعتراض على توليها للملك ..
بل إن تعامل سليمان معها يثبت مشروعية توليها للملك ..
وإنما هاجم كونهم على الوثنية والشرك، ومحاولة تملصها من الخضوع لملكه ..
وقد كان ذلك واجبا عليها؛ لكون سليمان أوتي ملكا لم يؤته إنسان؛ خضعت له فيه جميع المخلوقات حتى الجن والحيوان .. وكل المماليك والدول خضعت له ..
فكان ذلك واجبا على تلك الملكة أيضا ..
وهو ما أدركته لما جاءت لمبايعة سيدنا سليمان؛ فأبهرها وجود عرشها عنده، كما أبهرها ذلك الصرح (القصر) الذي بنيت فيه أرضية زجاجية على بركة مائية تظهر فيها أسماك وأعشاب مائية .. في منظر مذهل لم تعرفه مع عظمة ملكها!
33 بل إن الله عز وجل أشاد بحجم ملكها وأثنى على عقلها وسياستها الداخلية والخارجية في تدبير دولتها؛ ومن ذلك:
– عظمة ملكها: {أوتيت من كل شيء ولها عرش عظيم}
وقد توسع المفسرون في وصف ملكها ووصف قصر الحكم وقوة جيشها التي أقرها القرآن: {نحن أولو قوة وأولو بأس شديد}
– الطريقة التي استقبلت بها كتاب سليمان
– استشارتها مع وزراءها ورفضها اتخاذ قرار أحادي في مثل هذا الأمر الكبير والخطير
– حسن تقديرها لقوة ملك نبي الله سليمان عليه السلام، وتفوق ملكه على ملكها؛ وبناء عليه اتخذت قرار عدم المواجهة؛ حرصا على سلامة الدولة من الإذلال الذي يمارسه الملوك المنتصرون: {وجعلوا أعزة أهلها أذلة}
– دبلوماسيتها: {إني مرسلة إليهم بهدية}
حيث أرسلت لسليمان ولرجال دولته هدية تليق بقوتهم ومقامهم.
– إسلامها بطريقة تحفظ مكانتها ومنزلة دولتها: {وأسلمتُ مع سليمان لله رب العالمين}
فأكدت أن خضوعها هو لله طاعة وتوحيدا، وأن إسلامها يضمن لها كافة حقوقها السياسية وغيرها ..
44 إقرار القرآن لملكها والثناء عليه؛ يتضمن دلالة صريحة في مشروعية تولي المرأة للحكم في شريعة نبي الله سليمان؛ وأن من حقها أن تشارك في السلطة والتدبير السياسي ..
وهو الحكم الذي أكده شرعنا واستثنى منه الخلافة العامة فقط؛ كما شرحَتْ ذلك أقدم وثيقة فقهية في الموضوع في العصر الحديث؛ وأعني بها: كتاب المرأة بين الشرع والقانون للفقيه المغربي محمد المهدي الحجوي؛ المكتوب سنة 1938).
5 عرض القرآن لحكم بلقيس يؤكد ما ذهب إليه فقهاء من أن حديث: “لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة”
يراد به قوم فارس في ذلك الوقت الذي غابت فيه شخصيات قادرة على الملك ولم يجدوا إلا ابنة كسرى الصغيرة الضعيفة؛ فجعل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك أمارة على أن مملكة الأكاسرة ستسقط ولن تفلح ..

حماد القباج

ليلة الثلاثاء 18 رمضان 1438

بمسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة المنورة

وسوم :من وحي التراويح