تاريخ النشر : 27/06/2017
عدد المشاهدات : 1060
تلا الإمام قبل قليل سورة الأحزاب
وسميت بذلك؛ لأنها تحدثت عن الحصار الذي تحالفت فيه عدد من الأحزاب لمحاصرة المسلمين في المدينة المنورة ..
والمدينة إقليم لجأ إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن معه من المسلمين فرارا من الاضطهاد الذي مارسته عليهم قريش وحلفاؤها ..
وبعد هذا اللجوء استمرت قريش في سياستها العدائية، ودخل في خط العداء: منافقو المدينة وقبائل اليهود الثلاثة التي كانت في المدينة ..
ومع أن اليهود كانت بينهم وبين المسلمين معاهدة عيش سلمي مشترك؛ خططوا لذلك الحصار، وتنقلوا بين مختلف الطوائف المعادية للمسلمين؛ وأقنعوهم بفكرة إنشاء تحالف لمحاصرة المسلمين في المدينة التي هاجروا إليها فرارا من ظلم قريش ..
فالتخطيط والإيعاز كان من اليهود، والتعبئة العسكرية والتمويل كان من كفار قريش وحلفاءهم، والدعم الميداني الاستراتيجي كان من منافقي المدينة ..
ومن عجائب السورة أنها لم تفصل في أحوال الكفار المحاصِرين؛ بقدر ما فصلت في أحوال ومواقف ودسائس العرب المنافقين الذين كانوا محيطين بالمدينة:
{وإذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا وإذ قالت طائفة منهم يا أهل يثرِب لا مقام لكم فارجعوا …. }
وهؤلاء العرب نقضوا عهدهم بنصرة رسول الله عليه السلام: {ولقد كانوا عاهدوا الله من قبل لا يولون الأدبار}
لكن لما رأوْا كثرة وقوة وإرهاب الكفار؛ تخلوا عن العهد، ودعموا الكفار في حصارهم الظالم ..
و{من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه …. وما بدلوا تبديلا} بل ثبتوا واستعدوا للقتال إلى آخر رمق ..
كان ذلك الحصار في السنة السابعة من الهجرة، وكان حصارا شديدا إرهابيا فقَد كل معاني الرحمة والإنسانية؛ كما يدل عليه قول الله تعالى:
{إذ جاءوكم من فوقكم ومن أسفل منكم وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا هنالك ابتلي المؤمنون وزلزلوا زلزالا شديدا}
ولشدة خوفهم أرشدهم الله للاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم في ثباته وتوكله: {لقد كان لكم في رسول الله إسوة حسنة}
ومع أن الحسابات كلها كانت تؤكد نجاح الحصار في تحقيق أهدافه؛ توكل رسول الله صلى الله عليه وسلم على ربه وَقاد المؤمنين في مواجهة استخدم فيها الديبلوماسية (تقليل المتحالفين والداعمين للأحزاب)، والمهارات العسكرية (حفر الخندق، التجسس على المحاصرين بحثا عن نقاط ضعف، تجنيد النساء ..)، ورفع معنويات المؤمنين، كما حاول تأمين ضروريات العيش في المدينة ..
وبعد اتخاذ كل أسباب الدفاع والمواجهة؛ فوض أمره إلى الله تعالى، واجتهد في الصلاة والدعاء والتضرع إلى الله سبحانه ..
وبهذا حقق شرط استحقاق النصر الإلهي: {إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم}
فجاء المدد الإلهي بملائكة وبريح صحراوية شديدة كانت تقتلع خيام المحاصرين:
{يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ جاءتكم جنود فأرسلنا عليها ريحا وجنودا لم تروها}
وقال سبحانه: {ورد الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيرا وكفى الله المؤمنين القتال}
وقال عن اليهود الذين غدروا ونقضوا عهد التعايش وخططوا لذلك الحصار الإرهابي: {وأنزل الله الذين ظاهروهم من أهل الكتاب من صياصيهم وقذف في قلوبهم الرعب فريقا تقتلون وتأسرون فريقا}
حماد القباج
ليلة الخميس 20 رمضان 1438
بمسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة المنورة
وسوم :من وحي التراويح
ننوه الى أن ما ننشره من مواد للسادة والسيدات العلماء والمفكرين والمثقفين والسياسيين، لا يلزم منه الاتفاق معهم في كل أفكارهم وآرائهم
Nous précisons que le contenu publié d'un tiers auteurs n'implique pas que nous sommes forcément d'accord avec l'ensemble de ses idées.
Designed by Khalil BI