تاريخ النشر : 27/06/2017
عدد المشاهدات : 1082
تلا الإمام سورة “المؤمنون”
وهذه السورة العظيمة وضعت الإنسان أمام مسؤوليته في قضية الإيمان ..
والمتدبر فيها بتجرد وعقلانية مضطر للتسليم بحجية عقائد الإيمان؛ وأن هذه العقائد تتأسس على البرهان المبين؛ ولذلك ختمها الله تعالى بقوله: {ومن يدع مع الله إله آخر لا برهان له به فإنما حسابه عند ربه إنه لا يفلح الكافرون}
لقد افتتحت السورة ببيان مآل الإنسان المؤمن: {قد أفلح المؤمنون …. الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون}
واختتمت ببيان مآل الإنسان الكافر: {أولئك الذين خسروا أنفسهم في جهنم خالدون}
وبَيْن ذلك أوردت السورة براهين عقائد الإيمان وناقشت بالحجج العقلية والمنطقية شبه الإنسان الكافر على تلك العقائد:
1 مناقشة شبهة الإلحاد وجحود الرب الخالق:
ردت السورة بالحجة على الدهريين الملاحدة الجاحدين للإله، الذين يرجعون الخلق إلى الصدفة؛ فذكرت حجة خلق الإنسان:
{ولقد خلقنا الإنسان من نطفة من طين …} وذكرت مراحل نمو الجنين من النطفة إلى العلقة فالمضغة ثم العظام واللحم .. {وهو الذي أنشأ لكم السمع والأبصار والأفئدة}
فهل يعقل أن تنشئ الصدفة مثلا: القلب وجارحتي السمع والبصر بما فيها من تعقيدات دقيقة وتركيب محكم نافع للإنسان؟!
وذكرت خلق السماوات والأرض ..
كما ذكرت حجة التاريخ التي تذكر بتتابع الرسل وهلاك الأمم التي حاربتهم:
{وجعلنا ابن مريم وأمه آية}
{ثم أرسلنا رسلنا تترا كلما جاء أمة رسولها كذبوه فأتبعنا بعضهم بعضا وجعلناهم أحاديث فبعدا لقوم لا يؤمنون} ..
ومن هنا خلصت السورة إلى:
2 ذكر حجج عقيدة التوحيد ومناقشة عقائد الشرك:
{قل لمن الأرض ومن فيها إن كُنتُم تعلمون سيقولون لله قل أفلا تذكرون قل من رب السماوات السبع …}؟
فالرب الخالق هو المستحق للعبادة وحده {وما كان معه من إله}
ولو كان إله ثان لتعارضت مشيئتهما فانفصل الخلق وتبعت كل مخلوقات إلهها أو غلب أحدهما الآخر ونفذت مشيئته: {لذهب كل إله بما خلق ولعلا بعضهم على بعض}
فلم يبق احتمال عقلي إلا أنه: إله واحد.
33 وذكرت السورة حجية الرسالة المحمدية وناقشت منكريها:
{أم لم يعرفوا رسولهم}؟
ألا يعرفون صدقه وأمانته التي شهدوا بها مرارا؟
كيف يكون صادقا مع الناس ويكذب على الله؟؟
{أم به جنة}؟!
عقلا: لا يدعي مثل تلك الادعاءات العظيمة عن الله واليوم الآخر والنعيم والعذاب إلا مجنون لا يدري ما يخرج من رأسه أو إنسان عاقل يعي ما يقول ويتحمل مسؤوليته.
والأول مقطوع ببطلانه؛ فثبت الثاني.
4 عقيدة الحياة الآخرة ومناقشة منكريها:
قال المنكرون عن رسول الله: {أيعدكم أنكم إذا متم وكنتم ترابا وعظاما أنكم مبعوثون هيهات هيهات لما توعدون إن هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما نحن بمبعوثين}
{لقد وعدنا هذا نحن وآباؤنا من قبل إن هذا إلا أساطير الأولين}
قال تعالى: {ولقد خلقنا الإنسان …}
فمن خلق الإنسان ابتداء؛ فهو منطقيا وعقليا قادر على خلقه إعادة …
ثم ختمت السورة بذكر المشهد المهيب لندم الإنسان الكافر:
{حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون لعلي أعمل صالحا ….. كلا … ألم تكن آياتي تتلى عليكم} بحججها الواضحة {فكنتم بها تكذبون}؟!
قالوا: {ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون}
{قال: اخسأوا فيها ولا تكلمون}؛ وتذكروا أنه لما كان المؤمنون يعبرون عن إيمانهم بي وشوقهم للقاءي وخوفهم من عذابي {كُنتُم منهم تضحكون} وتقولون عن يوم لقائي: أساطير الأولين..
فالعدل يوجب أن يكونوا اليوم {بما صبروا هم الفائزون}
ثم وبخهم الله تعالى بقوله: {كم لبثتم في الأرض عدد سنين}؟
بمعنى كيف جحدتم وجودي وأنكرتم أدلة وحدانيتى وحجج رسلي وقدرتي على إعادتكم الى الحياة؟!
كل هذا من أجل متعة منقوصة وسنين معدودة!!
فكان جوابهم مشعرا بما هم فيه من عذاب أفقدهم التركيز: {قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم فَاسْأل العادين}
يا {رب اغفر وارحم وأنت خير الراحمين}
حماد القباج
ليلة الاثنين 17 رمضان 1438
بالمسجد النبوي بالمدينة المنورة
وسوم :من وحي التراويح
ننوه الى أن ما ننشره من مواد للسادة والسيدات العلماء والمفكرين والمثقفين والسياسيين، لا يلزم منه الاتفاق معهم في كل أفكارهم وآرائهم
Nous précisons que le contenu publié d'un tiers auteurs n'implique pas que nous sommes forcément d'accord avec l'ensemble de ses idées.
Designed by Khalil BI